دلالات على تشكّل المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا

القامشلي –  إبراهيم سليمان – NPA
في الثالث عشر من يناير الماضي كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابه في تويتر: “سنقيم منطقة آمنة بعرض 20 ميلاً” في محاولة لوضع النقاط على الحروف بالنسبة لمخاوف أنقرة “الأمنية” في سوريا. ومنذ ذلك الحين لم تهدأ النقاشات حول آلية التنفيذ، حيث التقى المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري مع المسوؤلين الأتراك وقادة سوريا الديمقراطية في جولات دبلوماسية عديدة، التي فيما يبدو قرّبت وجهات النظر -وإن كانت هنالك بعض الملفات العالقة مثل ملف “عفرين”- حيث وعد الجنرال مظلوم كوباني قائد قوات سوريا الديمقراطية المبعوث الأمريكي جيمس جيفري بأنه “سيدرس الفكرة” المتعلقة بوجود رمزي للقوات التركية في المنطقة الآمنة.
ملف معقد
وصلت الحالة السورية بعد حرب أهلية دامية إلى مفترق طرق، ولاسيما بعد الانتهاء العسكري جغرافياً من تنظيم الدولة “داعش” على يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. 
تحاول تركيا حليفة الولايات المتحدة الأمريكية في الناتو منذ أعوام 1952م تقويض سلطة سوريا الديمقراطية التي تسيطر على أكثر من ثلث سوريا وتعتبر أراضي شمال شرقي سوريا أهم مصدر للموارد النفطية والمائية في سوريا وتتهم أنقرة سوريا الديمقراطية “قسد” بأنها امتداد “للعمال الكردستاني” الذي يعتبر تنظيماً محظوراً في تركيا.
شكّل اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنشاء منطقة آمنة، فرصة حل للطرفين في ظل الأطماع الإيرانية والروسية في شمال شرق سوريا. ولكن بقيت آليات ترجمة ذلك على أرض الواقع صعبة جداً، ولاسيما أن الطرف التركي يصر على أن الشمال السوري يشكل تهديداً أمنياً لها. حيث كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة على أن “أي منطقة آمنة على طول حدود تركيا مع سوريا يجب أن تكون تحت سيطرة تركيا”.
 
منطقة آمنة أم منطقة “أمنية”
قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في مقابلة مع قناة “إن.تي.في” التلفزيونية: “إن الولايات المتحدة تبدي قدراً من المرونة فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة المزمع إقامتها في شمال شرقي سوريا على الحدود مع تركيا.” وفي محطة أخرى، صرّح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو “أن أنقرة وواشنطن تقتربان من الاتفاق على تفاصيل منطقة آمنة في شمال شرق سوريا على الحدود التركية”
أكدت مصادر دبلوماسية أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، أخبر قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم كوباني بمقترح الأتراك “بوجود قوة تركية رمزية في المنطقة الآمنة” التي ستنشئ لاحقاً. ووعد الجنرال مظلوم “بدراسة الفكرة” شريطة خروج القوات التركية من “عفرين” التي سيطرت عليها فصائل المعارضة المدعومة تركياً في الثامن عشر من آذار 2018م ضمن عملية “غصن الزيتون”.
صدام الشركاء
تركيا مصرة على شراء منظومة الدفاع الجوية الروسية “إس – 400” غير المتوافقة مع أنظمة الناتو، بذلك تضاف قضية أخرى إلى العلاقات الإشكالية بين الحليفين المتناحرين. أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية على أثرها تزويد تركيا بمقاتلات F-35 وهددت بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا فيما لو استمرت بصفقة شراء منظومة الدفاع الجوية الروسية “إس – 400”. ولكن تركيا ردت بالقول “صفقة شراء “إس – 400” تعتبر صفقة مبرمة ولا يكمنها التراجع عنها. 
كل هذه الإشكاليات تضاف إلى خانة الخلافات بين الطرفين، والمنطقة الآمنة ليست بمنأى عن هذه الصفقات. 
لقاءات مثمرة ودعوة لثقافة “الحوار والعقل”
لم تنته الجولات الدبلوماسية للمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، بخصوص المنقطة الآمنة، وبقي وضع اللمسات الأخيرة. وأتى نداء زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، المسجون في جزيرة إمرالي منذ عام 1999م في تركيا، لقوات سوريا الديمقراطية، بأخذ “حساسيات تركيا بعين الاعتبار” وحل المشاكل بثقافة العقل والحوار ضمن الإطار نفسه.