انخفاض منسوب نهر الفرات يتسبب بتلف محاصيل زراعية في كوباني وتلوث مياه الشرب
كوباني – نورث برس
يتجول إبراهيم السالم (50 عاماً) وهو مزارع من ريف كوباني الغربي بين أرضه المزروعة بالقمح وهو في حيرة من أمره ما بين تمديد خراطيم المياه أكثر، حيث ابتعدت المياه عن شاطئ نهر الفرات بمسافة تقدر بنحو 450 متر أو أكثر عن مكانها السابق وبين أن يترك محصوله يتعرض للتلف.
ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر، تحبس تركيا المياه في ست سدود، أكبرها سد “اتاتورك” ثاني أكبر سد في الشرق الأوسط، بطاقة تخزين تصل إلى 48 مليار متر مكعب من المياه، مخالفة بذلك الاتفاقية الدولية.
وبحسب اتفاقية عام 1987 الموقعة بين دمشق وأنقرة والمتعلقة بنهر الفرات، تبلغ حصة سوريا من المياه القادمة من تركيا 500 متر مكعب من المياه في الثانية أي ما يعادل 2500 برميل.
بينما يقتصر الوارد المائي في نهر الفرات، الآن، على أقل من 200 متر مكعب، بحسب الإدارة العامة لسدود شمال شرقي سوريا.
وتعتمد الأراضي الزراعية في الريف الغربي بكوباني، إلى جانب مساحات أخرى في أرياف الرقة والطبقة ودير الزور، على استجرار المياه من نهر الفرات مباشرة أو من آبار تتأثر بمنسوب مياه النهر.
محصول تالف
وقال المزارع الذي ينحدر من قرية تل أحمر إن أغلب الأراضي الزراعية القريبة من النهر والتي تقدر مساحتها بألفي هكتار على الأقل، تعرضت للتلف بسبب عدم توفر مياه الري.
ويعتمد بعض المزارعين في قرى زركوتك وتل عبر وتل أحمر وبوراز والشيوخ بريف كوباني الغربي في ري أراضيهم الزراعية على استجرار المياه من نهر الفرات بشكل مباشر عبر خراطيم الري بواسطة مولدات تعمل على الديزل “المازوت”.
وعبر “السالم” عن استيائه عما آلت إليه الأمور، حيث أثر انخفاض مستوى مياه الفرات سلباً على وضعهم الاقتصادي وخاصة أنهم وضعوا كل ما يملكونه لزراعة أراضيهم.
وأثر انخفاض منسوب مياه النهر على الآبار الجوفية في القرى والمساحات الزراعية في محيط النهر، حيث اضطر البعض إلى زيادة طول الأنابيب في البئر من أجل استخراج المياه، فيما توقفت بعض الآبار نهائياً عن العمل.
ويقدر مزارعون بريف كوباني الغربي بتضرر أكثر من 50 بالمئة من الأراضي الزراعية، بسبب انخفاض مستوى المياه في نهر الفرات، حيث تم إنقاذ بعض الأراضي من التلف بمساعدة بعض أصحاب الآبار بتقديم مياه الآبار الجوفية للمزارعين لسقاية أراضيهم.
وقال أحمد حج عثمان (72 عاماً) وهو مزارع من قرية زركوتك إن محصول الفول في المنطقة أتلف بشكل شبه كامل، وكذلك بساتين الخضار باتت بحاجة ماسة إلى مياه الري.
وأشار إلى أن استمرار انخفاض مستوى المياه يهدد الموسم الزراعي وخاصة محصول القمح في ظل قلة كميات هطول الأمطار هذا العام.
وأثر انخفاض مستوى المياه في نهر الفرات على وضع الكهرباء، “فالتيار الكهربائي بات يصلنا ثلاث ساعات فقط في اليوم، بعد أن كان يصل لنحو 12 ساعة يومياً قبل انخفاض مستوى المياه.”، وفقاً لما ذكره “حج عثمان”.
ويعتمد المزارعون في ريف كوباني الغربي على زراعة أرضهم بالقمح والشعير بالدرجة الأولى إضافة لزراعة محصول الفول وبعض النباتات العطرية كالكمون والكزبرة والخضار الصيفية.
مياه ملوثة
وقال محي الدين مهانة (55 عاماً) وهو من سكان قرية زركوتك، إن مستوى المياه في البحيرة القريبة من القرية تراجع بنحو واحد كم، كما أن “مياه الشرب أصبحت ملوثة وغير صالحة للشرب بسبب تكاثر الأوساخ والنفايات فيها.”
وكان حمود الحمادي، إداري في سد تشرين، قد حذر في تصريح سابق لنورث برس من أن آثار انخفاض المياه “تتسبب بمخاطر على السكان الذين يعتمدون على مياه النهر للشرب بدون معالجة.”
كما تسبب انخفاض منسوب المياه بخروج المضخات الخاصة بالشرب عن الخدمة في أغلب المناطق، بحسب “الحمادي”.
وأشار “مهانة” إلى أن مياه الآبار مالحة وغير صالحة للشرب، ولذلك يضطر سكان القرى لجلب مياه الشرب من نهر الفرات، “السكان مضطرين لشرب تلك المياه لأنه ليس هناك مصدر آخر لديهم، ما أدى لانتشار بعض الأمراض بسبب تلوثها.”