الذكرى الـ123 لأول صحيفة كردية.. الإعلام في إقليم كردستان بين واقع جيد وعمل مقيد

أربيل ـ نورث برس

وصف صحفيون واقع الإعلام الكردي في إقليم كردستان العراق، الخميس، بـ”المزري” رغم جودته من الناحية القانونية والنظرية، ويأتي هذا مع مرور أكثر من قرن وعقدين من الزمن على تأسيس أول صحيفة كردية وظهور أكثر من 1400 وسيلة إعلامية في الإقليم.

ويتوق هؤلاء الصحفيون إلى الحرية والصحافة المستقلة، “علماً أن الإقليم أصبح ملاذاً آمناً لكمٍ هائل من الصحفيين العراقيين.”

يحل اليوم الثاني والعشرين من نيسان/ أبريل، الذكرى السنوية الـ123 لتأسيس أول صحيفة كردية.

وأسسها الأمير الكردي مقداد مدحت بدرخان وهو ابن العائلة البدرخانية، التي كانت حاكمة في جزيرة بوتان، الواقعة في ولاية شرناخ بجنوب شرقي تركيا.

وصدر أول عدد من الجريدة الكردية الأولى باسم “كردستان” في مثل هذا اليوم من عام 1898، في أرض المهجر بالعاصمة المصرية القاهرة وذلك درءاً من غطرسة النظام التركي الحاكم.

وقد اعتُبر هذا التاريخ يوماً للصحافة الكردية، يحتفل به الصحافيون الكرد.

وعلى مر العقود وظهور وسائل التكنولوجيا أنشئت الكثير من المؤسسات الإعلامية الكردية المكتوبة ثم المسموعة لتدخل في المرحلة المرئية حيث مئات القنوات الفضائية والمحلية.

لكن ما يثير تهكم العاملين في المجال “هي القيود التي تحيط بهم ونفوذ الأحزاب السياسية داخل المؤسسات وبالتالي لا تكتمل الرسالة الإعلامية السامية”، بحسب ما يرى صحفيون.

وقال كاروان أنور، وهو نقيب صحفيي كردستان ـ فرع السليمانية، لنورث برس، إن الواقع الإعلامي من حيث الكم في حالة جيدة.

وكشف عن وجود 1400 مؤسسة إعلامية مرخصة في إقليم كردستان.

إيجابيات وسلبيات

كما وصف “أنور” الواقع الإعلامي بـ”الجيد من حيث القانون باعتبار وجود قانون الصحافة وقانون الحصول على المعلومات سنه برلمان إقليم كردستان.”

وأما عملياً وعلى أرض الواقع، قال “أنور” إن حرية التعبير كان لا بأس بها خلال الأعوام الفائتة، لكن بدأت تتلاشى. 2021 عام شئم على الصحافة في ظل ملاحقة ومعاقبة الصحفيين وسجنهم.”

كما ذكر نقيب الصحفيين، سلسلة الاغتيالات التي طالت عدداً من الصحفيين خلال العقدين الفائتين من قبل جهات مجهولة في إقليم كردستان دون الكشف عن المنفذين ومعاقبتهم.

وحمل نقابة الصحفيين وسلطات الإقليم المسؤولية الكاملة عما يتعرض له الصحفيون من انتهاكات.

وأشار “أنور” إلى نوع من المناطقية في مسألة حرية التعبير وحق التظاهر وحرية العمل الصحفي.

“السليمانية تؤمن بيئة أكثر أمناً لذلك، على عكس مناطق دهوك وأربيل.”

ولازال الإعلام الكردي في وضع “مزري ويتفاقم، رغم مرور 123 عاماً على تأسيس أول صحيفة كردية”، حسبما قال الصحفي آزاد إبراهيم.

فوضى وتحزّب

وأضاف “إبراهيم” لنورث برس، أنه وبعد سقوط نظام صدام حسين، في العراق وتوفر نوع من الاستقلالية في الإقليم، ظهر كم واسع وكبير من وسائل الإعلام.”

وخلق ذلك الكم “فوضى عارمة دون تنظيمها بالشكل الذي يخدم المجتمع ويبعث رسالته الإنسانية”، بحسب الصحفي.

وقال إن ما يثير استياء العاملين في المجال وكذلك الجمهور هو أن “وسائل الإعلام تخضع لنفوذ الأحزاب، الأمر الذي يؤدي حسب رأيه إلى الابتعاد عن صحافة وطنية مستقلة.”

ويعتبر إقليم كردستان العراق ملاذاً آمناً للصحفيين والنشطاء الذين يتعرضون في أنحاء أخرى من العراق للتهديد وسوء المعاملة، حسب رأي الصحفية روشان قاسم.

لكن “صحفيي الإقليم في كثير من الأحيان هم ضحية الواقع الحقوقي المتراجع في الإقليم.”

وقالت “قاسم” لنورث برس، إن عدم إمكانية توفير الحماية الكافية للصحفيين والناشطين في إقليم كردستان، “سببه الصراع السياسي  المحتدم  والمشاكل بين القوى السياسية في السلطة.”

وانعكست تلك المشاكل بطبيعة الحال على واقع الصحافة وحال الصحفيين، بحسب “قاسم”.

وأعربت عن أسفها من وجود صحفيين وراء القضبان “بسبب فضحهم ملفات فساد أو نقلهم لواقع لا يعجب جهات في السلطة، ما يعني تراجعاً في مستوى حرية الصحافة في الإقليم.”

وتحدثت الصحفية عن أشكال من الانتهاكات تثقل كاهل الصحفيين كـ”منع التغطية الصحفية، والاعتقال دون أمر قضائي، والتهديد والإهانة، ومصادرة معدات، وإغلاق مؤسسات صحفية.”

وبحسب “قاسم” فإن ذلك “يؤثر على رسالة الصحافة والصحفيين في الإقليم، ويدفعها إلى العمل على البرامج الترفيهية أو برامج عاجزة عن محاكاة الواقع والثقافة والتقاليد الكردية.”

كما ان احتكار الأحزاب بمختلف توجهاتها لوسائل الإعلام وضع الصحفيين أمام خيارات صعبة في وضع اقتصادي مزري يزداد سوءا في الإقليم، وهناك غياب للإعلام المستقل بمعنى أنه لا يكون تابعاً لطرف سياسي معين.

معاناة الصحافيات

وركزت “قاسم” على قضية أخرى، وهو ما يتعلق بالصحافيات والواقع الذي يتحدينه في عملهم الصحفي.

وشددت على وجود تهميش بشكل عام للتعاطي مع هذه القضية، عازية ذلك إلى المنظمات النسوية للدفاع عن الصحفيات اللواتي مثلا يتعرضن “للتحرش”.

وقالت الصحفية، إن “العمل الصحفي مهنة المتاعب تتضاعف تحدياته عندما تمتهنها النساء.”

وأشارت إلى أنه “إذا ما قارنا البرامج التي تهتم بالأزياء والمكياج واستضافة الفاشينسات ببرامج جادة تتعاطى مع قضايا حقوق المرأة، نجد أن كفة الميزان تميل بشكل كبير للنوع الأول من البرامج التي تظهر المرأة كسلعة، وتعتمد على مذيعات لا يربطهم بالإعلام والصحافة إلا الشكل.”

إعداد: حسن حاجي ـ تحرير: معاذ الحمد