لم يغلقها التضخم المالي.. محلات المعجنات في دمشق وسط أزمة المحروقات والمواد الأولية

دمشق ـ نورث برس

تعاني محال صنع المعجنات (الفطاير) من الوضع غير المستقر في الحركة التجارية، حيث يشتكي أصحابها بشكل دوري من قلة توافر المحروقات والمواد الأولية اللازمة لسير العملية الإنتاجية في أفرانهم.

وتشهد الحركة التجارية في العاصمة دمشق حالة ركود تطرق باب أصغر المهن، وأكبرها الناتج عن الوضع الاقتصادي الحرج المتأثر بتبعات التضخم الكبير واضطراب قيمة العملة.

فيما يعد كل من تذبذب سعر صرف الليرة أمام الدولار وفقدان مصادر الطاقة اللازمة لعملية الإنتاج أبرز العوامل المؤثرة على المهن، متسببة بتراجع القدرة الشرائية للسكان وخسائر كبيرة لأصحاب المهن.

“ماذا نأكل؟!”

قالت سميرة زين الدين (32 عاماً)، وهي موظفة في القطاع الخاص بدمشق، مقيمة في حي ركن الدين شمال العاصمة، متزوجة ولها ولدين، لنورث برس، إن “المعجنات كانت أرخص المأكولات الجاهزة أما الآن فلا.”

وأضافت: “كنا في السابق ندفع سعر فطيرة الزعتر الواحدة 50 ليرة، والفطور التقليدي يكلفنا بين 500-700 ليرة للعائلة، أما الآن فإن سعر فطيرة الزعتر الواحدة 300 ليرة.”

وإلى جانب ارتفاع أسعار الفطيرة فإن حجمها تقلص أيضاً، وتراجعت جودة العجينة وانخفضت كمية الحشوة (التبلة) فيها.

وأشارت “زين الدين” إلى أن معظم الأفران لجأت للتفنن بشكل الفطيرة بحيث أسمى ميزة في عملية صنع الفطيرة أن تزداد كمية العجين على حساب الحشوة.

محاولات التفاف

يلجأ الكثير من الأفران لشراء مستلزماتهم من المواد اللازمة بطرق جديدة أو اعتماد مواد يحضرها المستهلك، بمحاولات مستمرة للالتفاف على الوضع المتأزم عبر استغلال أي فرصة لتخفيف الخسائر.

وقال عدنان شعبان (28 عاماً)، وهو أحد العاملين في محل معجنات في ضاحية قدسيا بدمشق، مقيم في بلدة قدسيا، لنورث برس، إن سمة العمل الحالية هي تحضير العجنة واستخدام التبلة التي يحضرها المستهلك ويجهزها في المنزل.

وذكر “شعبان” أن ما يصل إلى 40% من العمل أصبح لتبلات مجهزة من قبل المستهلكين بعد أن كانت أقل من 20% سابقاً.

وتوفر هذه الخطوة على صاحب المحل والمستهلك في نفس الوقت.

وقال جمعة عساف (58 عاماً)، وهو صاحب محل معجنات في حي القيمرية بدمشق، مقيم في حي الشاغور بالعاصمة، متزوج وله أربع شباب، لنورث برس، إن بعض أفران المعجنات تلجأ لشراء مُستلزمات المحل من طحين وسكر وزيت من العائلات التي تُقدم لهم هذه المواد كمعونات من المنظمات المدنية المختلفة.

وأضاف، أن هذا يسمح لهم ببيع المعجنات بسعر مقبول أكثر في السوق ومناسب لفئات أوسع، بعكس أصناف كثيرة من المأكولات الجاهزة.

وأشار إلى أن اعتماد بعض المحال على المعونات يؤدي إلى عدم قدرة العديد من المحال الأخرى على المنافسة.

أزمات متعددة

تلقي أزمة المحروقات والغاز التي تعاني منها البلاد بشكل حاد في الآونة الأخيرة بظلالها على هذه المحال التي يُعتبر الفرن فيها القلب ووسيلة العمل الأساسية.

وأشار “جمعة” إلى عدم توفر مادتي الغاز والمازوت المستخدمتين في إشعال الفرن وغلاء ثمنهم في السوق السوداء.

وذكر أن الأفران لجأت إلى استخدام الحطب في أوقات العمل الخفيف بحيث تحافظ على سخونة الفرن بشكل مناسب.

وأضاف مشتكياً من وضع التقنين للتيار الكهربائي: “إننا لا نرى الكهرباء أكثر من ساعتين في وقت العمل، ومع ارتفاع أسعار المحروقات أصبح من الصعب جداً تأمين المازوت اللازم للمولدة.”

واضطر أصحاب محلات المعجنات للعجن والرق اليدوي بدلاً من الآلي في ظل هذا التقنين، الأمر الذي يسبب جهداً إضافياً للعمال وإنتاجية أقل، مصحوبة بارتفاع أجرة العمل بشكل عام، بحسب “جمعة”.

إعداد: رغد العيسى – تحرير: معاذ الحمد