الطريق إلى معارضة موحدة متماسكة

إن قرار النظام المستدرك ليلة عقد المؤتمر “جود” بمنع انعقاده في قلب العاصمة دمشق التي يعتبرها النظام حاضنته الشعبية، بالإضافة إلى مشاركة القوى السياسية المعارضة من كل المحافظات الأخرى التي يدعي النظام أيضا أنها من حاضنته، نسفت كل هذه الادعاءات، بل عكس الاهتمام الوطني والعربي والدولي وأجهزة الإعلام ووكالات الأنباء في الداخل والخارج، أهمية وقوة هذا المؤتمر وضرورة الاستمرار والإصرار على استمرار التحضير له، لما له من نتائج إيجابية تنعكس على وحدة وتلاحم المعارضة.

وعلى الرغم من كل ما جرى، فإن اللجنة التحضيرية في مؤتمر “جود” عازمة على تعديل الرؤية السياسية واللائحة التنظيمية في ضوء بعض الاقتراحات التي قدمت من القوى والمكونات والشخصيات الوطنية التي قدمت منها قبل تاريخ عقد المؤتمر الذي منع، ولعله من المناسب الآن مناقشة تلك المشروعات والمقترحات المقدمة ويقرها بعد إدخال التعديلات التي يراها وتشكيل الهيئات المركزية والتنفيذية للجبهة الوطنية الديمقراطية، من القوائم التي ترسلها القوى والتيارات والمكونات المشاركة في المؤتمر طبقاً للائحة التنظيمية ويوقعها ممثل عن كل مكون وممثلو مجموعات الشخصيات الوطنية المستقلة، ويصدر البيان الختامي عن المؤتمر عن الهيئة التنفيذية.

وفيما بعد سيتم تشكيل فروع الجبهة الوطنية الديمقراطية في المحافظات كما بادرت القوى الفاعلة في محافظة السويداء (جبل العرب)، من ممثلي القوى والشخصيات المشاركة في المؤتمر ومن التحالفات والقوى وممثلي الشخصيات التي لم تشارك ..كما يتم تشكيل فروع للجبهة (جود) من أعضاء هذه القوى والشخصيات المشاركة والشخصيات المستقلة وغيرها في الدول العربية ودول الإقليم والدول الخارجية.

ومازالت الهيئة التنفيذية تتابع دورها في توحيد جهود القوى الوطنية الديمقراطية الأخرى التي لم تشارك في تأسيس (جود) والتي وقعت تفاهمات أو تفاهمات في العمل لتشكيل لجنة تحضيرية والإعداد لمؤتمر آخر في فترة قريبة لتأسيس تحالف أو تجمع واسع لجميع قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية، بما في ذلك الذين انشقوا عن النظام من البعثيين وكانوا في مواقع عليا تنظيمية أو سياسية من الجنسين وانحازوا إلى الثورة الشعبية السلمية والعملية السياسية التفاوضية وفق بيان جنيف1 والقرارات الدولية ذات الصلة والقرار 2254 في العام 2015 وكل الذين تعرضوا للاعتقال والسجن منذ عام 2001 قبل الثورة وخلالها.

أما بخصوص الضباط المنشقين عن الجيش السوري لرفضهم إطلاق النار على المظاهرات والاعتصامات الشعبية الشبابية السلمية، لا بد من اعتبارهم امتدادا للمجلس العسكري الذي يعيد توحيد وهيكلة الجيش الوطني لحماية حدود الوطن.

هذه الخطوات الحثيثة المتكاملة توفر تحقيق “القطب الديمقراطي”، وهو بمثابة البديل الديمقراطي الموحد المعارض للنظام الذي يعزز التسوية السياسية والانتقال السياسي وتشكيل هيئة حكم وإنقاذ الشعب السوري من الأزمات الشاملة والكوارث المتلاحقة والمنافي والعودة الآمنة والاستقرار وبناء سوريا المستقبل خالية من القوات العسكرية المتدخلة والميليشيات المذهبية والعصابات الإرهابية.

وتتابع قوى الثورة والمعارضة جهودها في القطب الديمقراطي في ظل هيئة الحكم الجديد التي نص عليها بيان جنيف1، المطالبة بتطبيق العدالة الانتقالية وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف ومحاكمات عادلة أمام قضاء مدني يتميز بالنزاهة والعدالة والإنصاف، مستقل تماماً عن السلطة التنفيذية وتوفير حق الطعن في الأحكام للمتهمين والدعوة لمؤتمر وطني عام وشامل لقوى المعارضة والموالاة والمجتمع المدني والفعاليات الاقتصادية والنسوية والشبابية باستثناء مرتكبي جرائم ضد الإنسانية.

وهذا ما يكسب قوى المعارضة والثورة ثقة الشعب السوري في الداخل والمنافي والشتات والاطمئنان لعودة المهجرين الطوعية الآمنة واحترام العاملين في مؤسسات الدولة الإدارية والعسكرية والأمنية.. واحترام الدول العربية والخارجية الدولية والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والبعثات الدولية، إذ ستكون وحدة عمل المعارضة محط التقدير من كل هذه الجهات الدولية وهذا من شأنه أن يعزز الثقة بالمعارضة السورية.