الحرب الاقتصاد الطاقة.. ظروف تحول السوق المتنوع في صحنايا إلى موحد للخضار
دمشق ـ نورث برس
يرضخ الشارع الرئيسي لتنظيم صحنايا جنوب دمشق، لظروف الحرب والاقتصاد وغياب الطاقة، إذ تحول السوق ذو المحلات متنوعة التسوق فيه إلى سوق موحد للخضار.
وتغير الاقتصاد السوري على مدار السنوات العشر الماضية بشكل كبير، وشهد هزات عديدة نتجت عن طول فترة العمليات العسكرية وتراجع مستويات الدخل وغياب مصادر الطاقة، وتراجع الإنتاج المحلي وتوقفه في العديد من الجوانب.
وتظهر التغيرات الاقتصادية في توزع المحال التجارية وتبدل تجارتها وانحسارها إلى بيع عدد محدود من المواد تلبي حاجة الشريحة الأكبر من السكان.
وكان الشارع الرئيسي لتنظيم صحنايا الممتد على مسافة ٥٠٠ متر سوقاً تجارياً متنوعاً تنتشر فيه المحلات التي تبيع السيارات، والأدوات الكهربائية والموبايلات وصولاً إلى المطاعم ومحلات الوجبات السريعة.
واليوم تحول في معظمه إلى محلات لبيع الخضار تحت ضغط الظروف الاقتصادية السيئة.
“خيار وحيد”
قال موفق عويضة (٣٦ عاماً) وهو صاحب محل لبيع الخضار في الشارع الرئيسي. ويقيم في بلدة صحنايا، لنورث برس، إنه لجأ لتغيير مهنته من بيع الموبايلات إلى بيع الخضار بعد تراجع حركة البيع والشراء وانعدامها شبه الكامل.
وأضاف: “منذ سنة تقريباً وعندما بدأ المحل يعجز عن سد أجاره الشهري، قررت أن أحذوا حذو جاري وأقوم بتحويل المحل لبيع الخضار.”
وأشار إلى أنه اختار بيع الخضار، لأنها الخيار الوحيد للسكان الذين يعتمدون عليها بغذائهم، والشريحة الكبرى من السكان لا تستغني عنها، ويمكن بسهولة بيع المواد.
وأثر تدهور قيمة العملة على تراجع القدرة الشرائية للسكان، ما دفع الغالبية العظمى للتخلي عن الكثير من الاحتياجات والاكتفاء بالضروريات القصوى فقط.
وقال أدهم كسار (٥٢ عاماً) وهو موظف في القطاع الخاص، ويقيم في الشارع الرئيسي لتنظيم صحنايا جنوب دمشق، لنورث برس، إن الشارع توسع ليكون سوقاً كبيراً بحكم أن معظم سكانه من المالكين وذوي الأوضاع المالية المستقرة.
لكن، بحسب “كسار”، فإن الوضع تغير مع بدء الحرب قبل ١٠ سنوات.
وبدأ التغيير بإغلاق وكالات بيع السيارات، والأدوات الكهربائية والمطاعم، واقتصاره على بيع الإلكترونيات والألبسة ومحال الوجبات السريعة، “الذين لم يصمدوا طويلاً.”
وأشار إلى أن موجة التضخم الأخيرة دفعت هؤلاء الأشخاص للاتجاه لبيع الخضار وبعض المواد الغذائية.
وأضاف: “في السابق كان راتبي الشهري يسمح لي بالاقتصاد لشراء سيارة والخروج في رحلة عائلية في موسم الصيف وكنت أخطط لشراء دكان في الشارع لأفتحه في المستقبل عند التقاعد من العمل.”
وأما اليوم “يعجز راتبي عن تأمين الطعام للأسرة، ومعظم سكان الحي بات حالهم مشابهاً”، بحسب “كسار”.
“تأقلم قسري”
واضطر ناجي مرشد (47 عاماً) لإغلاق محله للألبسة الجاهزة والأحذية في شارع التنظيم في صحنايا تجنباً للخسارة، بعد أن كان مقصداً لسكان البلدة والبلدات القريبة لتنوع بضاعته وتلبيتها لجميع الفئات.
وتراجعت حركة البيع بشكل كبير مع بداية العام ٢٠٢٠، ثم جاء الإغلاق الطويل في شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل وحتى منتصف أيار/ مايو ليقضي على الأمل نهائياً.
وأضاف “مرشد” أنه راقب السوق جيداً قبل أن يقرر تبديل مهنته لبيع الخضار، “فهي المنتج الوحيد الذي يستهلكه الجميع”، حسب قوله.
وأعرب عن أسفه “على الأيام التي قضيتها لتحسين سمعة المحل، لكن مع ذلك أفضل أن أعمل وأبيع على الجلوس ومشاهدة البضاعة ثابتة، ثم من سيشتري الثياب وهو عاجز عن تأمين طعام لأسرته؟.”
وبعد عشر سنوات من العمل في مطعمه للوجبات السريعة، واكتساب سمعة حسنة، اضطر زاهر يوسف (39 عاماً) وهو صاحب المطعم، لإغلاقه بسبب ضعف عملية الشراء، وإعراض السكان عن تناول الأطعمة الجاهزة.
وقال لنورث برس، إن ارتفاع أسعار المواد المستخدمة، واللجوء لتأمين أسطوانات الغاز اللازمة لإعداد الطعام من السوق السوداء، رفعت سعر الشطيرة بحيث وصل سعر أرخص شطيرة إلى ٥ آلاف ليرة.
ويبحث “يوسف” عن مكان وسط العاصمة دمشق، لافتتاح مطعمه محاولاً الوصول إلى الشريحة التي لم تتضرر بشكل كبير من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.