تخوف تجار وصناعيين في دمشق من عقوبات قانون حماية المستهلك وتلميح بوقف العمل
دمشق ـ نورث برس
صدرت مواقف متدرجة من تجار في دمشق وصناعيون بعد صدور المرسوم الخاص بحماية المستهلك، حيث أبدى بعض التجار تخوفهم من نقص قادم في المواد بسبب عدم القدرة على العمل في ظل التهديد بالعقوبات والسجن.
وفي الثاني عشر من هذا الشهر، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً لحماية المستهلك وضبط الأسعار ومنع الغش والاحتكار يحتوي مجموعة مشددة من الضوابط والعقوبات لمنع الغش والتلاعب بالأسعار.
وقال أحدهم إن “رقبة أي ممارس عمل بيد مراقب التموين الذي يتقاضى أجراً لا يزيد عن 100 ألف ليرة.”
وفي خطوة عملية عقد تجار دمشق جلسة خصصوها لمناقشة حيثيات القانون في غرفة التجارة بعد صدور المرسوم في الثاني عشر من هذا الشهر.
ولكي يتجنبوا انتقاد المرسوم الموقع من رئيس الجمهورية، كانت كل البيانات أو المواقف التي أعلنت تشدد على احترامها لتوقيع “سيد الوطن” وتوجه الانتقادات والطلبات إلى وزير التجارة الداخلية.
بالصوت
وقد جاء في تسجيل صوتي يتم تداوله، منسوب لأحد تجار دمشق، شدد فيه على أنه يتحدث باسم كل الصناعيين والتجار، وقال إن “ارتفاع الأسعار والغلاء لا يتحمل مسؤوليته التجار، بل سببه الحرب، والظروف ضاغطة على الجميع، ولكن لا يُتهم إلا التاجر الذي يؤمن لقمة العيش.”
وأضاف التاجر الذي يتحدث عبر تسجيل صوتي دون أن يفصح عن اسمه: “الظروف الاستثنائية تحتاج إلى قرارات استثنائية وليس لقرارات شاذة، كالقرار بالحبس الذي يصل إلى 7 سنوات.”
وذكرت حسابات الرئاسة السورية أن المرسوم رقم 8 للعام 2021 يحتوي مجموعة “واسعة ومشددة من الضوابط والعقوبات التي تكفل تنظيم حركة الأسواق التجارية بما يجعل التلاعب بالأسعار، أو الغش بالمواد جريمة تستلزم الحبس والغرامة المرتفعة معا.”
وأشار التاجر إلى أن ما تعرض له التجار والصناعيون في هذه الحرب “ليس بالأمر القليل فقد سرقت مستودعاتهم وخسروا الملايين وتهجر صناعيون عن صناعاتهم ومعاملهم وانسرقت المعامل.”
وقال: “بل إنهم عاشوا كل ظروف الحرب من موت البعض والخطف وخطف الأبناء لدفع الفدية.”
وشدد على أنهم خسروا مبالغ كبيرة بـ”الاحتيال، لأنه لا يوجد تحويلات نظامية بسبب الحصار، وأن كلف التحويل تصل إلى 30-50%، وأجو النقل البحري عالية جداً.”
وتصل تكاليف النقل بالباخرة عوضاً عن المليون، ثلاثة ملايين دولار، وعند تسعير المادة يقولون في وزارة التجارة الداخلية إن كلفة هذه المادة كذا، “ولا يعترفون بكل التكاليف التي نعانيها.”
وليست هذه كل المشاكل التي تحدث عنها التاجر، “بل هنالك مشكلة نقص المحروقات، حيث يتكلف الصناعي مبالغ قد تصل إلى 12 مليون ليرة كلفة مازوت بالشهر.”
كما تغيب الكهرباء عن بعض المعامل، “وهذه كلها لا تضاف إلى التكاليف من قبل الوزارة وتعتبرنا كذابين”، بحسب التسجيل المنسوب للتاجر.
ويقوم ضباط في الجمارك بابتزاز التاجر أو الصناعي بأرقام كبيرة، ويتكلفون على كل معاملة مبالغ كبيرة إضافة إلى الأرقام التي يدفعونها على الضبوط الكبيرة.
وكل هذه التكاليف وغيرها لا يتم الاعتراف بها كما يقول في التسجيل الصوتي، إضافة لذلك يتم تشويه سمعتهم ووصفهم بـ”الحرامية”، والقانون يضعهم مع “الإرهابيين واللصوص والمستغلين في السجون.”
خطياً
في حين وجه البعض الآخر رسالةً إلى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومما جاء فيها إن المرسوم يضع التاجر بين خيارين: إما البيع بخسارة، وإما دخول السجن.
وطالبوا وزير التجارة الداخلية طلال البرازي بإعادة النظر بشكل فوي وسريع في آلية التسعير، والحركة التجارية وكيفية التعامل مع “مرسوم الرئيس”.
ويتكبد التاجر مصاريف كبيرة على محلات ومستودعات وموظفين وعمال وسيارات ووقود، “ويتعرض لمتاعب وضغوط لا يعلم بها إلا الله.”
ومما جاء في الكتاب الموجه لوزير التجارة الداخلية أيضاً، أنه إذا كانت الغاية حماية المستهلك المواطن، فالتاجر والمستورد أيضاً هم مواطنون سوريون، ومستهلكون.
وشددوا في الكتاب على أن دوريات حماية المستهلك صارت تشكل “إرهاباً ورعباً للفعاليات التجارية.”
ومنح المرسوم، الضابطة التموينية صلاحية القبض على المخالف وإحالته إلى القضاء.
كما طالبوا “بعدم ترك أعناق التجار بين أيدي بعض موظفي حماية المستهلك وخاصةً أن البعض منهم ذو سمعة سيئة ويسعر لاستغلال التاجر برشى يندى لها الجبين.”
وخلُصَ الكتاب إلى مجموعة من المطالب باسم كل الفعاليات التجارية السورية ومن أهمها: “إعادة النظر بالتسعير، وبآلية تنفيذ المرسوم، وإيقاف دوريات حماية المستهلك.”
وطالبوا أيضاً “بعدم ترك قرار سجن التاجر صاحب الفعالية الاقتصادية بيد وبقلم مراقب حماية المستهلك، وأن يكون مع الدورية مندوب من غرف التجارة والصناعة.”
“قرارات ناعمة”
في حين تساءل الصناعي عصام تيزيني عبر صفحته عن أسباب الإصرار على الأسلوب “الخشن”، وقال إن “قبضة الحديد لا تنقذ اقتصاداً ولا تطوره.”
وأضاف “تيزيني” أن تحسين قدرة الناس على الشراء لا تتم بترهيب التجار والصناعيين وتهديدهم بالسجن.”
وأشار إلى أن “الأسعار تنخفض عندما تصدرون قرارات ناعمة تحفزون فيها على المنافسة وتشجعون الناس على العمل والتداول، وتوسعون قاعدة المنتجين والمستوردين والتجار أفقياً.”
لا عودة
وبالتوازي مع مطالب التجار وكتبهم الموجهة لوزير التجارة الداخلية، جاء تصريحه من غرفة تجارة حمص في الخامس عشر من هذا الشهر.
وشدد فيه على أنه “لن تكون هنالك خطوة للوراء، وسيتم تطبيق جميع مواد وبنود المرسوم التشريعي رقم (8) لحماية المستهلك من الغش وذلك للحفاظ على صحته، وعلى المال العام.”
وكان مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية علي ونوس قد صرح لإحدى وسائل الإعلام المحلية أن نشرة الأسعار الأخيرة قد تم وضعها بالتشاور مع غرفتي الصناعة والتجارة في دمشق.
وأضاف أنه “لم يعد هنالك من مبرر لعدم الالتزام بها بعدما انخفض سعر الصرف.”
مع ..وضد
وخلال هذه الأحداث كان هنالك أراء تؤيد التشدد الوارد في القانون، ونشر محمد الجبالي رئيس المجموعة الاقتصادية السورية أيضاً، رسالة إلى تجار دمشق يطالبهم فيها بتخفيض الأسعار طالما انخفض الدولار.
وقال لا ندري هل أسباب ارتفاع الأسعار وعدم انخفاضها مع تحسن سعر الليرة هي (فوضى الضمائر أم فوضى الأسعار؟).
وبينما كان هنالك من يطالب بتعليق المشانق للتجار المخالفين كان هنالك من يتساءل عن سبب عدم انخفاض أسعار المؤسسة السورية للتجارة لتكون قدوة للتجار.
ورأى آخرون أن الأسواق تشهد فوضى عامة ولا بد من الضبط ولو كان في القوة.