الإنتاج الزراعي في مناطق الحكومة بين المخاوف الأمنية ونقص المستلزمات
دمشق – نورث برس
يشهد الإنتاج الزراعي في مناطق سيطرة الحكومة السورية، تراجعاً كبيراً، إثر وجود عقبات عديدة منها نقص الأسمدة والمخاوف الأمنية لدى المزارعين، وذلك في ظل الحاجة الماسة للإنتاج وعودة الفلاحين إلى أراضيهم.
وكان خروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من الاستصلاح نتيجة الحرب، من أهم مشاكل الزراعة في مناطق الحكومة.
وتحولت سوريا من مصدر إلى مستورد للقمح بعد فقدان الحكومة للسيطرة على مناطق الإنتاج التي كانت تمثل خزانها الرئيسي من المواد الأساسية كالقمح والقطن.
ويقول صالح علي (50 عاماً)، وهو مالك لنحو 15 دونماً في منطقة اللاذقية، ويزرعها بمحاصيل مختلفة، إن نقص الأسمدة والبذار والأدوية الزراعية والطاقة من أكثر المصاعب التي تواجه عمله وإنتاجه، وترفع من تكاليف إنتاجهم.
وقال أصف حسن (54 عاماً)، وهو عامل في زراعة البيوت البلاستيكية في الساحل السوري، إن الحصول على قروض أيضاً من معوقات الزراعة، وكذلك فتح أسواق خارجية لمنتجاتهم.
وتنخفض أسعار الإنتاج من البيوت البلاستيكية لأقل من التكلفة في أغلب المحاصيل لعدم تأمين أسواق خارجية، ولضعف القدرة الشرائية في الداخل، بحسب حسن.
غير آمنة
ويعتبر العامل الأمني مؤثراً في العمل الزراعي بسوريا، حيث يصعب على الكثير من المزارعين العمل في أراضيهم نظراً لوجود ألغام من مخلفات الحرب، وكذلك سيطرة قوى عسكرية قد تختلف مع آراء مالك الأرض.
ويقول رئيس بلدية في ريف حلب، والذي طلب عدم كشف هويته، إن الهروب من “خدمة العلم” هي أحد الأسباب الرئيسية لهجرة الفلاحين لأراضيهم في تلك المناطق، وهنالك من هو “متورط في أعمال إرهابية ضد الدولة”، ومنهم من يجد أن الحياة في المناطق التي يسيطر عليها “المسلحون أكثر رخاء من مناطق سيطرة الدولة”، حيث تتوفر الخدمات هناك أكثر.
ولا تنكر وزارة الزراعة التابعة لحكومة دمشق، وجود صعوبات عديدة في القطاع الزراعي كغيره من القطاعات، حيث ذكر مصدر في الوزارة أن هنالك نقص في مستلزمات الإنتاج وارتفاع في أسعارها أيضاً، خاصة المواد المستوردة كالأسمدة والمحروقات والأعلاف.
ويرى المصدر الذي رفض كشف هويته، أن السبب هو “العقوبات الاقتصادية المفروضة على الدولة، والتضييق على حركة الأموال عبر المصارف، وكل هذا يعيق استيراد مستلزمات الإنتاج.”
وقال شادي جوهرة ، وهو مدير مؤسسة التجارة الخارجية، في وقت سابق، إن “فرض عقوبات اقتصادية على البواخر القادمة إلى سوريا جعل الأمر في غاية الصعوبة.”
وذكر أن بواخر وصلت أكثر من مرة إلى الموانئ السورية، ولم تتمكن من إفراغ حمولتها سواء كانت تحمل الأسمدة أو المحروقات.
وتتزامن صعوبة تأمين الأسمدة المستوردة مع توقف معمل حمص للأسمدة عن الإنتاج، حيث كان المعمل يؤمن 80% من حاجة السوق المحلي، لكنه لم يعد يعمل بكامل طاقته.
ورغم توقيع عقد استثمار المعمل مع شركة روسية، ظل القسم الوحيد الذي كان يعمل سابقاً هو الجزء الوحيد من بين الأقسام الثلاثة المستمرة في العمل وهذا لا يؤمن سوى 15% من الحاجة.
نقص الأسمدة، دفع وزارة الزراعة إلى المفاضلة بين تأمين حاجة محصول القمح من السماد على حساب المحاصيل ا لأخرى.
وكان حسان قطنا، وهو وزير الزراعة في حكومة دمشق، قد أعلن 2021 عام القمح، وبذلك ذهبت كل مخصصات البلد من الأسمدة المدعومة للقمح ولم تف بالغرض.
وفرز الوزير السماد خلال الموسم الزراعي 2021-2022 لأهم المحاصيل (القمح القطن الشوندر السكري والتبغ) في المناطق الآمنة بنحو 500 ألف طن من اليوريا والسوبر فوسفات.
لكن المتاح أقل من هذا بكثير، كما في بيانات المصرف الزراعي، حيث لم تتجاوز الكميات المباعة لغاية الشهر الثالث من هذا العام 31.436 ألف طن من السوبر فوسفات واليوريا، ونترات الأمونيوم وسلفات البوتاس.
وفي الجانب الآخر يعاني القطاع الزراعي من نقص في الآليات الزراعية التي تعرضت خلال الحرب للسرقة والتخريب كما يرد في مذكرات وزارة الزراعة.
وتقول وزارة الزراعة إن “تحرير الأراضي الزراعية من الإرهابيين لا يعني إمكانية عودة الفلاحين إليها مباشرة، ففي أغلب الأراضي هنالك ألغام تحتاج لتفكيك.”