سوق الخضار في حي الدويلعة.. منفذ سكان في دمشق بظل تدهور الوضع الاقتصادي

دمشق ـ نورث برس

تتكاثف معاناة السكان في سوق الخضار الخاص بحي الدويلعة شرقي العاصمة دمشق في ظل تدهور الوضع الاقتصادي الذي تمر به سوريا.

ويتميز السوق ببضاعته الرخيصة نسبياً مقارنة بأسعار السوق، ويشمل محلات بيع الخضار والفواكه والحبوب والملابس المستعملة وبسطات بيع المواد التموينية والأغذية المعلبة، بالإضافة إلى بعض المطاعم الشعبية ومحلات بيع اللحوم.

ويعتبر السوق من أكثر المناطق ازدحاماً في حي الدويلعة، حيث يشهد أعداداً هائلة من الناس الذين يأتون لابتياع احتياجاتهم اليومية في كل صباح.

ملاذ آمن

ورغم استمرار موجة الغلاء الشديد وارتفاع الأسعار غير المضبوطة وفقدان الطاقة الشرائية للمواطنين، يبقى السوق مكاناً جيداً لسكان الحي يستطيعون من خلاله على الأقل تأمين مستلزمات بقاءهم على قيد الحياة.

وتقول لجين الجاني (٣٦ عاماً)، وهي موظفة في مؤسسة المياه وأم لثلاثة أولاد، تسكن في حي الطبالة، لنورث برس، إنها تستيقظ كل يوم في السابعة صباحاً وتذهب إلى السوق لشراء حاجات المنزل اليومية قبل بدء دوامها.

وأضافت: “الأسعار رخيصة نسبياً للخضار ذات الاستهلاك الدائم في السوق مثل البندورة والبطاطا والباذنجان، أما الفواكه فأصبحنا نضطر أنا والعديد من نساء الحي إلى شراءها بالحبة.”


وعبرت “الجاني” عن سعادتها بمحل البالة الذي افتتح حديثاً في السوق، “بتُّ الآن قادرة على استبدال ملابسي المهترئة منذ ثلاث سنوات وقد أستطيع شراء بعض الملابس الجديدة لأطفالي قبل قدوم العيد.”

مبادرات ذاتية

يلجأ أصحاب المحال في السوق إلى مناورات ملتوية تمكنهم خفض تكاليف شراءهم للبضاعة بغرض إنزال أسعارها وحمايتها من الكساد مع الإبقاء على هامش الربح دون الإضرار قدر الإمكان بالقدرة الشرائية للسكان محدودي الدخل.

ويسكن عبدالله دردر (٤٧ عاماً) وهو مالك لبسطة لبيع الخضار والمعلبات ومواد التنظيف، قرب بسطته لعجزه عن العودة مع بضاعته إلى منزله في بلدة الغزلانية.

وقال لنورث برس، إنه يضطر إلى النوم في الشارع ليتمكن من تحضير بسطته كل صباح قبل وصول الشاحنة المسؤولة عن نقل الخضار من سوق الزبلطاني.  

وأضاف: “أزمة المحروقات تسببت بارتفاع شديد في أجور النقل، ولذلك فإن أسعار المواد الغذائية حافظت على غلائها رغم التحسن الطفيف الذي شهدته الليرة السورية في الفترة الماضية.”

وذكر أن أصحاب المحال اتفقوا على استئجار شاحنة واحدة لتقوم بإيصال الخصار للمحلات الموجودة في السوق. ما نجم عنه “تخفيض تكاليف النقل على الباعة وساهم في تخفيض أسعار المواد وبالتالي زيادة عدد الزبائن.”

وقال “دردر”: “معظم تجار السوق ليسوا من سكان الحي فنضطر لتأمين طعامنا بالاعتماد على مطعم الفلافل المجاور، الذي يعتمد بدوره على أصحاب المحلات وزبائنهم في بيع معظم منتجاته.”

“الحكومة بالمرصاد”

ويشتكي سكان من أن “تدخلات الحكومة غير المنطقية ومحاولاتها البائسة لضبط الأسعار تضر بالتاجر والمواطن معاً، فالنشرات التسعيرية التي تصدرها في محاولة منها لإخفاء عجزها عن ضبط الفوضى الاقتصادية في البلاد لا تمت للواقع بصلة.”

وقال محسن زغلول (٤١ عاماً)، وهو مالك محل لبيع الأجبان والألبان في السوق: “من غير المنطقي أن يكون سعر علبة البلاستيك الفارغة ٢٠٠ ليرة وسعر كيلو اللبن ١٤٠٠ ليرة ثم تحاسبني على عدم بيعها بمبلغ ١٢٠٠ ليرة.”

وأضاف: “الحكومة تعمد إلى ملاحقة أصحاب المحلات والدكاكين وتحاسبهم على هوامش الربح الضئيلة التي يجنونها وتغض النظر عن التجار وكبار المستوردين وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة.”

وأشار إلى أنه “إذا أرادت الحكومة أن تعمل على تحسين الوضع المعيشي في البلاد فعليها أن تبدأ بمحاسبةالمسؤولين الحقيقين عن ارتفاع الأسعار.”

“تسوق بعد الدوام”

ومع تزايد الفجوة المعيشية بين السكان حتى ضمن الأحياء الفقيرة كالدويلعة، فإن حركة السوق في الليل لاتقل عنها في النهار ونشاطه يستمر حتى بعد إغلاقه.


ويلجأ العديد من الشباب إلى جمع الخضروات والفواكه التي يتخلص منها التجار أو المتساقطة تحت البسطات بعد مغادرة أصحابها للمكان رغم احتمال تلفها بغرض استهلاكها أو بيعها.

ويَعتبر مالك عبود (٥٢ عاماً)، الذي يسكن في حي الكباس ويعيل أسرة من ثمانية أفراد، هذه المهنة الوسيلة الوحيدة ليذيق أطفاله الفاكهة.

 
وأضاف: “اعتدت على جمع القمامة من الحاويات منذ عدة سنوات نتيجة عجزي عن إيجاد عمل مضمون الدخل يتيح لي تأمين لقمة عيش لعائلتي.”

وقال: “لكني بعد اشتداد وضعي المادي سوءاً بسبب تفاقم مشاكلي الصحية، وجدت أن استبدال الحاويات بالمحلات أكثر سهولة وأوفر ربحاً، حيث تتكفل زوجتي بفرز الخضروات والفواكه الصالحة والتخلص من التالفة.”

إعداد: رغد العيسى – تحرير: معاذ الحمد