الرقة – نورث برس
تشهد أرياف مدينة الرقة، شمالي سوريا، تراجعاً ملحوظاً في زراعة الخضار المبكرة، يرجعها مزارعون لارتفاع التكاليف وفقدان بعض أنواع البذور المحسنة وقلة الدعم المادي من لجنة الزراعة.
والخضار المبكرة هي خضار صيفية يتم زراعتها قبل أوانها وفق شروط خاصة، إذ يتم تغطية الغراس بالنايلون لوقايتها من الصقيع ولتوفير مناخ ملائم لنموها.
تقلص مساحات
ويتم زراعة الخضار المبكرة، خلال أول شهرين من العام، بطرق مختلفة وذلك بحسب طريقة الري المستخدمة في الزراعة.
ويعتمد بعض المزارعين على حفر خنادق صغيرة بغرض جمع المياه حول الشتلات والبعض الآخر يستخدم شبكات التنقيط الحديثة ليتم بعدها تغطية النباتات بالنايلون.
وتزرع معظم أنواع الخضار الصيفية بهذه الطريقة، كالكوسا والبندورة والباذنجان والخيار وغيرها والتي تصبح في طور الإنتاج مطلع شهر نيسان/ أبريل على أبعد تقدير، بحسب مزارعين.
وخلال السنوات الماضي، كان حامد الحجاج (52عاماً)، وهو مزارع خضار مبكرة في قرية الأسدية 7 كم شمال الرقة، زرع خمسة عشر دونماً بالخضار المبكرة، بينما قلص تلك المساحة هذا العام إلى ثمانية دونمات فقط.
وقال المزارع، لنورث برس، إن فقدان بعض أنواع البذور المحسنة من الأسواق واستبدالها ببذور أقل جودة ومجهولة المصدر يؤدي إلى فشل الموسم وخسارته، وهو ما دفعه إلى تقليص المساحات المزروعة.
وعزف بعض المزارعين عن هذه الزراعة وتوجهوا إلى امتهان أعمال أخرى بعد عجزهم عن زراعة أراضيهم.
وبحسب “الحجاج” فإن الخضار المبكرة التي يتم زراعتها في ريف الرقة تنافس الخضار المستوردة من المناطق الأخرى من حيث الإنتاجية وجودة الأصناف.
“تكاليف باهظة”
وتسهم هذه الزراعة في انخفاض الأسعار ورفد السوق المحلية بحاجتها من الخضار وذلك لأن الإنتاج لا يترتب عليه ما يترتب على الخضار المستوردة من أجور نقل وغيرها من الرسوم، بحسب مزارعين.
وقال محمد الهندي (29 عاماً)، وهو مزارع في قرية الأسدية، إن تكاليف زراعة الخضار المبكرة باتت “باهظة جداً” خلال الأعوام الماضية وخاصة بعد الانهيار الكبير لقيمة الليرة السورية أمام الدولار.
ويقوم المزارعون بشراء المواد الأساسية المستخدمة في الزراعة بالدولار، فيما يتم بيع الإنتاج بالليرة السورية.
وبحسب “الهندي” فإن تكلفة زراعة دونم واحد بالخضار المبكرة يزيد عن 500 ألف ليرة سورية، حيث يحتاج الدونم الواحد إلى حوالي 300 ألف ليرة، لتغطيته بالنايلون.
كما يحتاج إلى أكثر من 120 ألف ليرة ثمناً للبذور المحسنة التي تستخدم في الزراعة، بالإضافة إلى أكثر من 200 ألف ليرة ثمناً للأسمدة والمخصبات والمبيدات لمكافحة الحشرات.
وأشار “الهندي” إلى أنه هناك العشرات من المزارعين في أرياف الرقة ممن يملكون الخبرة الكافية لزراعة الخضار المبكرة “ولكن قلة الدعم المادي يحول دون عملهم في هذا المجال.”
“دعم حقيقي”
ورأى المزارع أن على لجنة الزراعة تقديم “دعم حقيقي” لمزارعي الخضار الذين يعتقد أنهم قادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي لمدينة الرقة وتصدير إنتاجهم لمناطق أخرى في حال وجدوا الدعم الكافي.
لكن محمد الرجب، وهو رئيس مكتب الإحصاء في لجنة الزراعة التابعة لمجلس الرقة المدني، قال إن الدعم المقدم من قبل لجنة الزراعة يندرج ضمن خطط الدعم المخصص للمحاصيل الشتوية والصيفية دون وجود دعم خاص للخضار أو للخضار المبكرة.
وتدعم لجنة الزراعة نسبة 70 بالمئة من مساحة أراضي المحاصيل الشتوية ونسبة 30 بالمئة للمحاصيل الصيفية، وذلك بتقديم الأسمدة والمحروقات اللازمة لحراثة الأرض، بحسب اللجنة.
ومن ضمن النسبتين السابقتين يتم تخصيص خمسة بالمئة فقط لدعم الخضار في حال زراعتها، بحسب “الرجب”.
ويرى “الرجب” أن هذه الآلية من قبل لجنة الزراعة تقوم على أساس المنفعة العامة إذ “تعتبر زرعة الخضار من المشاريع الخاصة والتي يعود ريعها على المزارع فقط، لذلك لم يتم تخصيص دعم خاص بها.”