عمليات التجميل وسط الأزمات.. كيف يرى الدمشقيون الإقبال عليها؟
دمشق – نورث برس
تتباين آراء سكان خضعوا لعمليات تجميل في العاصمة دمشق وقائمين على إجرائها حول الحاجة إليها وعلاقة مدى الإقبال عليها بالوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد.
وتمر العاصمة ومناطق سيطرة الحكومة السورية بأزمات معيشية وحياتية متعددة وسط عجز غالبية العائلات عن تأمين احتياجاتها الغذائية والأساسية.
إقبال رغم التكاليف
ورغم الوضع الاقتصادي المتردي وسوء الأوضاع المعيشية في البلاد، تشهد عيادات ومراكز التجميل في دمشق إقبالاً، وترتفع تكاليف العمليات التجميلية مع ارتفاع صرف الدولار الأميركي، إذ يعجز راتب الموظف عن سد 10% من تكلفة أي عملية.
ويصل عدد مراكز التجميل في العاصمة إلى العشرات متوزعة في أحياء بمركز المدينة.
وقالت زينة عودة (34عاماً)، وهي موظفة في القطاع الخاص تقيم في حي القصور، إنها خضعت لعمليتي تجميل في الوجه، كانت الأولى قبل عام والثانية منذ شهر لتصحيح نتائجها.
وتعرضت الشابة لكسر في أنفها عندما كانت صغيرة، “وترك الموضوع لدي مشكلة، لم أنته منها إلا بعد إجراء عملية تجميلية.”
لكن “عودة” أشارت إلى أن معظم صديقاتها تقمن بمثل هذه العمليات وغيرها، “منهم من تقوم بذلك لتحسين مظهرها أو لتصحيح تشوه خلقي.”
ووفقاً لأصحاب مراكز التجميل فإن تكلفة عملية تجميل الأنف تتراوح ما بين مليون وثلاثة ملايين، تتوزع بين أجرة الطبيب وتكاليف المشفى.
مخاطر صحية
لكن مهند العلي (43عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب جراحة داخلية يقيم في حي المزة، حذر من مخاطر عمليات التجميل، حيث تختلف المخاطر من عملية لأخرى، “ففي عملية تجميل الأنف قد تؤدي لحدوث انحراف بالوتيرة وتضيق المجاري الأنفية.”
وقد تؤدي عمليات الحقن بالبوتوكس لوهن العضلات والكدمات وتهيج الجلد في منطقة الحقن، بحسب الطبيب.
ورأى “العلي” أن مثل هذه العمليات يجب أن يقتصر على تصحيح التشوهات الخلقية أو الحوادث التي تؤدي إلى حدوث أذية كالحرق وغيرها، “ويجب على الأطباء الكف عن تحويلها لتجارة.”
ويقول أخصائيون نفسيون في العاصمة إن قلة الثقة بالنفس ومحاولة التشبه بالمشاهير، إضافة إلى التنمر المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديد معايير وهمية للجمال، ساهمت في ازدياد الإقبال على عمليات التجميل رغم عدم حاجة البعض منهم لإجرائها.
وخلال الشهرين الماضيين، خضعت مرام النجار (25عاماً)، وهي طالبة في كلية الصيدلة بالجامعة الدولية الخاصة وتقيم في حي الجسر الأبيض، لعدة جلسات على جهاز الليزر في أحد مراكز التجميل في دمشق.
وذكرت الطالبة أنها سمعت تجربة صديقتيها في الجامعة عن الموضوع وفضلت تجربته، “استفسرت عن المركز وقمت بمراجعته والاتفاق معه على عشرة جلسات.”
مراجعون من الجوار
ووفقاً لأصحاب مراكز التجميل، فإن فرق التكلفة بين العمليات في سوريا ودول الجوار يجعلها وجهة للراغبين في إجراء العمليات التجميلية.
وتسجل تكلفة العمليات التجميلية في لبنان ضعف تكلفة سوريا، فعلى سبيل المثال عملية تجميل الأنف تقارب ألفي دولار أميركي، يقابلها أقل من ألف دولار في سوريا.
بينما عملية زراعة الشعر في لبنان تصل إلى ثلاثة آلاف دولار يقابلها ما يقارب 1500 دولار أميركي في سوريا.
وقالت ريتا بدوي (29عاماً)، وهو اسم مستعار لموظفة استقبال في أحد مراكز التجميل في حي أبو رمانة، إن العراقيين واللبنانيين يشكلون نسبة كبيرة من المراجعين قد تصل إلى 50%، يضاف إليهم السوريون المغتربون الذين يأتون لزيارة البلاد.
ولم تتأثر أعداد المراجعين لمركز التجميل الذي تعمل “بدوي” إلا عند إغلاق الحدود بين سوريا وكل من العراق ولبنان، بحسب قولها.
وقالت رؤى عيسى(46عاماً)، وهو اسم مستعار لمديرة مركز للتجميل في حي المزة، إن تجهيزات مركزها والخبراء العاملين فيه وسمعته يتركه محطة لمن يرغب بإجراء أي عملية.
وبينت أن طاقم العمل واسع ومحترف، ويتكون من أطباء اختصاصين يجرون العمليات الجراحية في مشافي خاصة يتعاقد معها المركز وأخصائيين مدربين على التعامل مع أجهزة الليزر، بالإضافة إلى الممرضين وموظفي الاستقبال.
وتحدد أسعار العمليات نسبة للمواد المستخدمة والتجهيزات والصيانة الدورية، حيث أن جميعها غير متوفر في البلاد، بحسب “عيسى”.
وأضافت: “نؤمن كل المواد التي نحتاجها من لبنان وندفع بالدولار الأميركي ومع ذلك تكاليف إجراء العمليات عندنا أرخص من لبنان بكثير.”
لا رقابة
ولا يسمح القانون السوري بممارسة مهنة الجراحة التجميلية إلا للأطباء الحاصلين على رخصة من وزارة الصحة لمزاولة هذه المهنة.
لكن المراكز التي تتعرض لإغلاق بسبب المخالفات، “لا تلبث وتعود للعمل بعد فترة بعد دفع رشوة وتسوية أوضاعها”، بحسب أحد المحامين.
لكن سليم الجص، وهو اسم مستعار لمعيد في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، رأى أنه يمكن الاستفادة من هذه العمليات ورخص العمالة في سوريا بتحويلها لمحطة طبية يقصدها سكان البلدان المجاورة، ما يمكن أن يوفر كميات كبيرة من العملات الأجنبية.”
وأشار إلى الحكومة “لا تعمد لتنظيم مثل هذا القطاع نظراً لأن أصحاب هذه المراكز أيضاً من فئات محددة مقربة منها.”
وأضاف، “هكذا يتحول قطاع من وسيلة لتحسين واقع البلاد المنكوبة إلى وسيلة لزيادة الأمور سوءاً، حيث يتم استنزاف مخزون البلاد من العملات الأجنبية لاستيراد مواد لا يحتاجها إلا 1% من السكان وعلى حساب معاناة باقي الشعب.”