مساعدات إنسانية لسوريا في مهب الرياح

دعا الاتحاد الأوروبي منذ أيام في بروكسل بالتعاون مع الأمم المتحدة خمسين دولة بالإضافة لمنظمات دولية للمشاركة بالمؤتمر الدولي الخامس عن سوريا وهذا للحديث عن مستقبل الوضع السوري. وتم رصد 5.3 مليار يورو لإعانة اللاجئين ضحايا الحرب.

و خصص الاتحاد الاوروبي ثلاثة مليارات يورو من ميزانيته كتبرعات للسوريين. قدمت بلجيكا منها 18 مليون يورو, و كما التزمت بعض المؤسسات العالمية بتقديم قروض بما يعادل خمس مليارات يورو وكلها بالنهاية أرقام ستذوب بسرعة في بحر الجوع والفقر المدقع الذي يعيشه السوريون .

وعلى مدى عشرة أعوام سقط نصف مليون شهيد على يد النظام السوري وداعش, ويعيش أكثر من 12 مليون سوري تحت خط الفقر، بينما نصف الشعب السوري نازح ومهاجر.

وتدخلت دول عديدة في الصراع بين الشعب والنظام وهم إيران وروسيا وتركيا ودول التحالف.

ويقف العالم، اليوم، عاجزاً عن مساعدة الشعب السوري على تجاوز محنته. ورغم عدم مشاركة الصين رسمياً في الحرب في سوريا إلا انها وروسيا اعترضتا على إدخال المساعدات للأراضي السورية مطالبتين أن يتم توزيعها على يد نظام الأسد أي النظام الذي ما زال شرعياً بنظرهم. وتعتبران أن أي تفويض خارجي يمس بالسيادة السورية. طبعاً هذه النقطة غير المتفق عليها منذ سنوات تشكل عائقاً لإعانة الملايين في الداخل.

وكانت الأمم المتحدة قد طلبت من المانحين عشرة مليارات دولار لإعانة 24 مليون سوري، ولكن المؤتمر لم يحصد إلا نصف المبلغ . ولربما أصيب العالم بالملل من الكارثة السورية وخفت حساسيته تجاه معاناة السوريين.

يعلن المؤتمر أن نصف المساعدات ستذهب لخزائن دول الجوار المعنية، تركيا والأردن ولبنان. ولربما لا داعي أن نذكر بأزمة البنوك اللبنانية وخطورة تسليم هكذا مبالغ لدولة كلبنان لا أحد مسؤول فيها عن شيء .

وكلنا نعلم أن لا شيء سيصل من تلك الإعانات للاجئين السوريين … السوري اليوم يتيم وقاصر وهو المتصدق عليه وليس بإمكانه أن يشترط أو يحاسب، هذا رغم وجود كلمة قرض و ديون بالأفق.

ووسط هذا التفويض الدولي على لقمة السوريين وكيف ستقدم لهم ومن يديرها, يقف السوري عاجزاً ولا يستطيع حتى أن يشتكي من الفوضى والفساد اللذين تدار بهما تلك الإعانات من قبل المنظمات العالمية.

 وهذا رغم أن تلك الأموال تصل باسمه وربما سيطالب بتسديدها لاحقاً. ولكن في الواقع لا يمكن تصور سيناريو آخر للدول الفاشلة التي لم تنجح بحل مشاكلها بنفسها.

وتأكيداً على فساد الإدارة تنشر من وقت لآخر الصحف الغربية فضائح مخجلة عن سرقة المنظمات القائمة على إدارة إعانات الدول الفقيرة، ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية تم الكشف عن فضيحة الرشاوي التي تلقاها موظفو منظمة كبيرة يقدر حجمها بمئات الآلاف من الدولارات.

وهل بإمكان المتلقي للتبرعات أن يفعل شيئاً؟ لا طبعاً فكيف لمن لا يملك أن يردع سرقات قادته السياسيين الذين يديرونه أن يردع الغريب.

 وفي لوائح منظمة الصحة العالمية هناك لقاحات ضد كوفيد 19، رصدت للدول الفقيرة، لكن عندما يصل الأمر للسؤال عن سوريا يضيع الجواب.

وهل الصين التي تدافع عن سيادة سوريا بشراسة لديها حل لتلقيح الشعب السوري مجاناً وتقديم مساعدات مادية تقيه من الجوع؟

في الواقع الصين وروسيا يقدمان الدعم لبقاء الأسد فقط ولمساندته مادياً وسياسياً وعسكرياً ولربما تساوم الصين في مشاوراتها الديبلوماسية مع السعودية لكي تعيد تكرار الأسد ونظامه عبر وساطات عربية، لكن هذا الوضع المتجمد سياسياً لا أحد يمكنه التكهن بنهاية قريبة له أو ممكنة، فكل دول المنطقة يتشابك مصيرها ويبدو مرتبطاً ببعضه.

 فمصير اللبنانيين والعراقيين مرتبط بمصير السوريين وكذلك مرتبط باستمرار نفوذ إيران في تلك الدول ومن غير المتوقع تغيير الصين لموقفها بالتخلي عن إيران وإن كان إخراج إيران شرطاً سعودياً لا يمكن التراجع عنه، إذ أن بقاء إيران لا يعني فقط تهديد أمن واستقرار العراق وسوريا ولبنان وإنما يهدد استقرار المنطقة برمتها.

وحتى الآن، لم تتدخل الصين رسمياً بجيوشها في سوريا كما فعلت الولايات المتحدة في حربها مع داعش ولكنها لا تبخل بوضع الفيتو في الأمم المتحدة كلما تعلق الأمر بحماية المصالح الإيرانية في سوريا وبقاء نظام الأسد.

ويبدو الأمر هكذا معقداً جداً ومجمداً غير قابل للتطور, ويبدو السوري رهينة بيد النظام السوري وإيران..

فهل المعجزة ستكون قراراً أميركياً جاداً في الملف السوري على غرار ما فعل أوباما في ليبيا؟

لا شيء مستبعد لكن الصين هددت أن أي مواجهة معها ستكون كارثية على العالم .

وكيف لهذا العالم أن يتحرك وهو يعيش كارثة صحية خرجت من الصين لتجتاح العالم بأسره وتعطله اقتصادياً وسياسياً؟ أزمة كورونا أخرت الحلول وأجلت القرارات ولم يعد يكترث المواطن في دول الديمقراطية والراي العام الحر لهموم أحد وهو يواجه همومه الداخلية.