“الوضع على حافة الانفجار”.. نقاشات دمشقيين خلف الأبواب المغلقة عن الانتخابات
دمشق – نورث برس
يشغل ملف الانتخابات الرئاسية القادمة في سوريا، حيزاً كبيراً في نقاشات الدمشقيين فيما بينهم على نطاق ضيق بسبب المخاوف الأمنية.
وقبل أيام، تمكنت نورث برس من حضور حوار دار بين ثلاثة حقوقيين في دمشق حول ملف الانتخابات الرئاسية.
واعتبر المحامون أن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الأشهر المقبلة “غير شرعية ولا تعبّر عن إرادة السوريين.”
على “حافة الانفجار”
واعتبر راغب الحميدي (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحام يقيم في دمشق، أن الوضع الداخلي في سوريا “لا يتحمّل مجدداً فوز بشار الأسد في تلك الانتخابات.”
وقال “الحميدي”، أثناء نقاش مع عدد من زملائه في المهنة في مكتبه الكائن بمنطقة المرجة، إن الوضع في سوريا على “حافة الانفجار.”
وأضاف: “لا أعتقد أن النظام سيتمكن من إجراء الانتخابات بسلاسة ويعيد المسرحية نفسها.”
كما عبّر عن اعتقاده بأن “شيئاً ما سيحصل ويقلب المعادلة.”
وتواجَه مساعي الحكومة السورية لإجراء الانتخابات برفض أميركي وأوروبي.
وفي السادس عشر من آذار/ مارس الفائت، دعا وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، في بيان مشترك، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي تعتزم دمشق تنظيمها.
وجاء ذلك عقب جلسة لمجلس الأمن حول سوريا.
وخلال الجلسة، قالت ليندا توماس-غرينفيلد, السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن “هذه الانتخابات لن تكون حرة ولا نزيهة, ولن تُكسب الأسد أي شرعية.”
غياب بديل قوي
ووصف سمير الخالدي (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحامٍ من دمشق، كلام الحميدي “بالعاطفي.”
وقال: “لا مؤشرات على نية دولية في إسقاط الأسد، لذلك من غير المستبعد أن يقوم النظام بإجراء الانتخابات في موعدها.”
وأضاف: “ومن غير المستبعد, أن يفوز الأسد فيها وتستمر هذه الحالة إلى أمد غير معروف.”
ويدعم “الخالدي” رأيه بالحديث عما وصفه بمعضلة عدم وجود” بديل قوي” لبشار الأسد ليتسلّم الحكم عنه, في ظل ما وصفه “بضعف” المعارضة الخارجية.
وأشار إلى أنه “لو كانت هناك معارضة قوية لأطاح المجتمع الدولي بالأسد منذ زمن, ولكن في ظل غياب البديل, سيظل الوضع على ما هو عليه.”
وردّ “الخالدي” على وصف “الحميدي” إجراء الانتخابات في هذه الظروف “تحدياً” للإرادة الدولية الرافضة، بالقول: “لا توجد إرادة ورؤية دولية موحدة حول سوريا.”
إعادة إنتاج النظام
وغالباً ما تدور هكذا نقاشات خلف الأبواب المغلقة وضمن دائرة ضيقة من الأصدقاء المقربين بسبب التشديد والضغوط التي تمارسها الأفرع الأمنية بدمشق والمخاوف المتعلّقة بالاعتقال والتوقيف.
واعتبر أحمد الجاسم (34 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحامٍ آخر شارك في الجلسة، أن ” من مصلحة روسيا استمرار الأسد في الحكم، وبالتالي ستعمل على إعادة إنتاج هذا النظام.”
وأضاف: “من الممكن أن تشهد سوريا بعض التغييرات قبيل إجراء الانتخابات كإشراك بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة في حكومة جديدة يتم تشكيلها.”
وأشار “الجاسم” إلى أن الفرق بين الانتخابات القادمة وسابقتها عام 2014, هو أن “الحاضنة الشعبية للنظام تلاشت لحدٍ كبير بسبب عجزه عن تقديم أدنى مقومات الحياة لهم.”
وأعرب عن اعتقاده, في أن الانتخابات “ستشهد الكثير من المشاحنات وقد تتحول لأحداث عنف, خاصة في منطقة الساحل التي ضحى الأسد بأبنائها وتركهم يعانون الفقر والمجاعة.”
وفي مداخلة ثانية له، أيّد “الحميدي” ما تطرق إليه “الجاسم”، وأضاف, أن “بشار الأسد ليس لديه أي جديد لتقديمه للناس.”
وكان موالون للأسد يعتقدون أنهم سينالون امتيازات مع انتهاء الحرب “ويتم تأمين السكن لهم, والتوظيف براتب جيد.”
“لكن الأسد استطاع كسب الحرب لكنه خسر حاضنته”، بحسب “الحميدي”.
بدوره، شدّد “الخالدي” على اعتقاده بأن الانتخابات ستجرى في موعدها “دون حصول أي تغيير ملموس.”
ومع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية في سوريا المقرر تنظيمها في خلال هذا الشهر، تحاول روسيا خلق جو من الاستقرار بعيداً عن التوتر بين أوساط الحاضنة الشعبية في مناطق سيطرة الحكومة.
ويرى مراقبون أن الانتخابات الرئاسية وإن كانت ربما “محسومة” كسابقتها في عام 2014، لصالح الأسد، إلا أن تحركات موسكو حالياً تصب في إطار نسجها لصورة عنوانها الاستقرار، ليس فقط من أجل كسب الأصوات، بل لإظهار أن مناطق سيطرة الحكومة “تؤيد الأسد بشكل خالص.”
وقال “الخالدي”: “رغم أن الجميع يعلم عدم شرعية هذه الانتخابات التي ستشهد إقبالاً ضئيلاً، حتى من الموالين، لكنها ستكون مثلها مثل سابقاتها لن تغيّر من الوضع شيئاً.”