مواد بجودة منخفضة مصنّعة يدوياً.. هكذا يتدبر الدمشقيون أمورهم

دمشق – نورث برس

يلجأ سكان في العاصمة دمشق، هذه الأيام، إلى الاستعاضة عن العديد من السلع الأساسية غير الغذائية بأخرى مصنعة محلياً تفتقد للجودة لرخص ثمنها، وذلك في ظل ما تشهده البلاد من تدهور معيشي وقرارات حكومية متلاحقة تزيد من الأعباء المادية.

وتتوجه غالبية العائلات لشراء بدائل محلية الصنع لمواد التنظيف والزجاج والبطاريات، لأن أسعارها أرخص نسبياً مقارنة مع الماركات والأصناف المعروضة في الأسواق.

تصنيع يدوي

وقال هيثم رسلان (29 عاماً)، وهو خريج كلية قسم الكيمياء في العلوم بجامعة دمشق، لنورث برس، إنه يعمل على تركيب مواد التنظيف يدوياً ليستطيع تأمينها لعائلته.

وأضاف أنه في ظل غلاء أسعار مواد التنظيف التقليدية، لم يكن أمامه خيار أفضل من محاولة الاستفادة من خبرته العملية في تأمين احتياجات عائلته والتفكير في مصدر دخل إضافي.

واستطاع “رسلان”، الذي يقيم في منطقة الطبالة في العاصمة دمشق مع والديه، تأمين احتياجات عائلته من مواد التنظيف، وبيع الفائض للجيران.

وأشار إلى أنه يمكن توفير التكاليف بنسبة تصل إلى 50%، بالاعتماد على ما يُنتج يدوياً ومحلياً بدلاً من البضائع المعروضة في الأسواق.

وقال صابر يعقوب (40 عاماً)، وهو صاحب سوبر ماركت في منطقة الشيخ سعد بالمزة، إن الإقبال على شراء منظفات مصنوعة يدوياً ازداد مؤخراً.

وأضاف: “يكون الفرق بين علبة سائل الجلي المصنوعة يدوياً والواردة من المعامل عبر التجار ما يقارب ألفي ليرة سورية تقريباً.”

ويفضل أصحاب محال بيع في أحياء دمشق التعامل مع منتجين محليين لمواد تنظيف ومواد غذائية كالألبان والخضار، لأنهم يعرضون أسعاراً مناسبة أكثر من تجار تقليديين لتلك المواد.

ويحدث هذا في وقت يعيش فيه 90% من السوريين تحت خط الفقر، بحسب منظمة الصحة العالمية.

ويكافح أكثر من 12 مليون شخص في سوريا للعثور على ما يكفيهم من الطعام، بحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

جودة منخفضة

وإذا اعتبرنا مواد التنظيف ضرورة وسط انتشار جائحة كورونا، فإنه لا غنى لسكان دمشق عن البطاريات وسط انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.

وقال حسن راشد (50 عاماً)، وهو موظف حكومي في منطقة سبينة في ريف دمشق وأب لأربعة أولاد، إنه بحاجة لبطارية سعة 12 أمبير كل ستة أشهر لتأمين الإضاءة لمنزله.

ودفعته تكاليف البطارية الدورية التي تصل إلى 60 ألف ليرة إلى استخدام بطاريات محلية الصنع، “رغم أنها رديئة الجودة وغير مضمونة.”

وقال خالد شحادة (31 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع بطاريات محلية الصنع في منطقة صحنايا بريف دمشق، إنه “رغم ارتفاع أسعارها هي الأخرى، لكنها تبقى أقل كلفة من تلك الجاهزة المُستوردة.”

وأضاف أن انهيار قيمة الليرة يؤثر حتى على الإنتاج المحلي إذا ما كان يعتمد على مواد أولية تتأثر بارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي.

وأشار “خالد” إلى أن أسعار البطاريات في الأسواق أصبحت تتراوح بين 60 ألف و700 ألف ليرة سورية، أما المُصنعة محلياً فقد توفر حتى 40% من تلك التكاليف.

قرارات حكومية

ووسط الأوضاع المعيشية المتدهورة للسكان، تتوالى قرارات حكومية يقول مختصون إنها تزيد من أعباء العائلات التي تغيب عنها الحلول وسط الأزمات المتلاحقة.

وصدرت قرارات بتخفيض مخصصات الوقود للسيارات وتحديد كميات قليلة من الخبز للعائلات، وتبعتها أخرى كإيقاف استيراد الهواتف الذكية ومنع استيراد الزجاج.

والأسبوع الماضي، أبدت غرفة صناعة دمشق وريفها اعتراضها على قانون منع استيراد الزجاج، لما له من تأثيرات سلبية على الورش والمعامل.

ونشرت الغرفة على حسابها الرسمي في موقع فيسبوك قول نائب رئيسها لؤي النحلاوي إن الاستمرار بقرار المنع سيؤدي إلى توقف ورش ومعامل توفر فرص عمل تُقدر بالآلاف، بالإضافة لارتفاع أسعار الزجاج.

ودفع ارتفاع أسعار الزجاج  بعض السكان للاعتماد على بدائل كالنايلون والكرتون لتغطية نوافذهم.

وقالت يارا هادي (42 عاماً)، وهي ربة أسرة تقيم في حي القزاز، إنها استخدمت النايلون المقوى عوضاً عن الزجاج بسبب ارتفاع سعره.

وذكرت أنها استخدمت “طبقتين من النايلون بينهما طبقة من الكرتون المقوى لزيادة السماكة وتجنب دخول الهواء البارد للمنزل.”

وأشارت “هادي” إلى أن تأمين حاجة منزلها من الزجاج الذي يصل سعر المتر المربع منه إلى 40 ألف ليرة سورية، كان سيكلفها أضعاف المبلغ الذي صرفته على النايلون والكرتون.

إعداد: رغد العيسى – تحرير: حكيم أحمد