دمشق – نورث برس
وصف أحمد دالاتي، وهو اسم مستعار لصاحب أحد محلات الذهب تسعيرة أمس الاثنين، بالظالمة والمفاجئة، إذ كان من المتوقع أن يرتفع سعر غرام الذهب عن آخر تسعيرة له في يوم السبت الفائت (171) ألف ليرة للغرام، لكي تلحق بسعر الدولار الذي عاد للارتفاع ثانية أمام الليرة السورية.
لكن الصاغة تفاجؤوا بتسعيرة “إدارية” ألزمهم بها البنك المركزي، وهي 160 ألف ليرة للغرام، بينما يجب ألا تقل التسعيرة عن 190 ألف ليرة طبقاً لصاغة في العاصمة دمشق.
وبدأ سعر غرام الذهب بالانخفاض منذ 22 آذار/ مارس الجاري، حيث تراجع بقيمة 15 ألف ليرة ووصل إلى 200 ألف ليرة، ثم انخفض إلى 185 ألف ليرة بعد ثلاثة أيام، ثم انخفض 9 آلاف ليرة ليصل إلى 176 ألف ليرة، ثم 171 ألف ليرة، ليعود ويسجل أمس الاثنين سعر 160 ألف ليرة تبعاً لسعر غرام الذهب في النشرة الرسمية للأسعار الصادرة عن الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات في دمشق.
اختفت الذهبية
وتسبب القرار الجديد بتوقف حركة البيع، خاصة لليرات الذهبية التي تحظى بالطلب الأكبر بقصد الادخار، لأن نسبة الصياغة فيها أقل من غيرها من القطع الذهبية.
ويرى “سامر” وهو اسم مستعار لباحث اقتصادي يعيش في دمشق، أن اختفاء الليرات الذهبية يعود لمعرفة ومحدودية كلفة صياغتها، ولأن الصائغ لا يستطيع أن يضيف كثيراً إلى سعر مبيع غرام ذهب الليرة، خاصة أن لن يحقق من بيعها ذلك الفرق بين السعر الرسمي المحدد وبين السعر الحقيقي للغرام الذي يحسب على أساس السعر الحقيقي للدولار في السوق.
ويستخدم تجار الذهب نسبة الصياغة في كل قطعة كوسيلة لتعويض التسعيرة عندما يجدون أن السعر لا يناسبهم كما حصل اليوم.
وبدت الدهشة واضحة على وجه إحداهن وهي تتنقل بين المحلات في محاولة لشراء قطعة ذهب، لكنها لم تتمكن من الحصول على “سنسال” (طوق من الذهب) يقل سعرها عن 500 ألف ليرة، بينما يجب أن لا يتجاوز سعر القطع التي تريدها مبلغ 300 ألف ليرة تبعاً لسعر اليوم (160) ألف ليرة وعدد الغرامات.
ويتم رفع السعر على هامش الصياغة الذي يؤمن للصاغة مرونة تسعير وربح، طالما أنهم مجبرون على الالتزام بالتسعيرة التي حددتها جمعية الصياغة، حيث تترافق كل تسعيرة للذهب بتعميم من رئيس جمعية الصياغة، يؤكد فيها على ضرورة الالتزام بالسعر المحدد، وإمكانية تقديم شكوى إلى الجمعية أو مديرية التموين عن أي حرفي يبيع بسعر أعلى من تسعيرة الجمعية، “لاتخاذ الإجراءات القانونية وإغلاق المحل”.
تراجع بالقوة
وعن رأيه فيما يحدث في السوق وإحجام الصياغ عن البيع قال صائغ إن هذه التسعيرة “ما بتوفي” ولسنا مضطرين للبيع بخسارة، “هذا الجمود ليس وليد التسعيرة لهذا اليوم، ولكن هذه الحال منذ مطلع الأسبوع.”.
وأضاف: “عندما كانت التسعيرة 171 ألف ليرة للغرام كانت حقيقية ولكن بعدها حصل انخفاضان متواليان على سعر غرام الذهب لم يكونا مناسبين للتسعيرة الحقيقية.”
ويقول بعض الصاغة إن البنك المركزي قام بالإجراء ذاته عندما ارتفع سعر غرام الذهب إلى أعلى سعر له في تاريخه ووصل إلى230 ألف ليرة حيث تم تخفيضه بقرار إداري على ثلاث دفعات متوالية، ومن ثم انخفض فعلاً خاصة بعد تراجع الطلب بشكل كبير على الذهب.
وقال صاحب محل يتوسط سوق الذهب في مشق إن الإقبال على شراء الذهب يزيد عندما تنخفض قيمة الليرة، لأن الناس يقلقهم ارتفاع وتذبذب أسعار الصرف والذهب فتسعى لتحويل كل ما لديهم من ليرات سورية إلى مدخرات أخرى من ذهب أو عقارات أو دولارات.
تهدئة السوق
وقال “سامر” وهو اقتصادي، إن البنك المركزي يضغط على جمعية الصياغة لاعتماد سعر أخفض نسبياً من السعر الحقيقي الموازي، أي سعر الغرام أقل من اللازم (لغاية تهدئة السوق عموماً)، ولكي يؤثر ذلك إيجابياً على ردة فعل الناس على الأسعار (الذهب وغيره) فهنا يتمنع الصاغة عن البيع بهذا السعر.
ولكي لا يتقدم أحد بشكوى يمتنع الصاغة عن البيع أو يبيعون فوق التسعيرة، يكتفون بالبيع في الحد الأدنى ويعوضون بين السعر المحدد المنخفض والسعر الحقيقي برفع أجرة الصياغة.
وفي الوقت نفسه يقوم الصاغة بالشراء بالسعر الرسمي المحدد، وعندما تشتد عليهم المراقبة الرسمية يحاولون تفريغ واجهاتهم من المعروضات أو يغلقون محالهم، وفقاً لتجار في السوق.
آلية التسعير
وعن آلية التسعير قال الاقتصادي: “تقوم جمعية الصياغة المركزية بدمشق، بتسعير الذهب يومياً (عدا يومي الجمعة والأحد) ويتم حساب السعر في سورية: “السعر العالمي اليومي للذهب بالدولار مضروباً بسعر الدولار الحقيقي (في السوق الموازية) + تكاليف النقل والجمارك.”
وتحدد جمعية الصياغة يومياً سعر الدولار بالسوق الموازية بالتنسيق الكامل مع المصرف المركزي، فإذا تم الاتفاق بينهما على هذا السعر وكان عادلاً ومتطابقاً مع سعر السوق الموازية يكون السعر الذي تحدده جمعية الصياغة حقيقياً ويتم التعامل به من قبل الصاغة بلا زيادة أو نقصان (سعر غرام الذهب ضرب الوزن+ تكلفة الصياغة ونسبة الربح).
ويقول صاغة إن هناك الكثير من الأسباب التي تساهم بارتفاع سعر الذهب منها تقلبات سعر الصرف بالدرجة الأولى، إضافة إلى نقص المواد الخام من الذهب، والضرائب الشهرية التي يجب دفعها لوزارة المالية والتي لا تقل عن 125 مليون ليرة بعدما كانت 150 مليون ليرة، واحتاج تخفيضها إلى مفاوضات كثيرة مع وزارة المالية.