ارتفاع أجور الدروس الخصوصية في حماة وسط تراجع التعليم في المدارس الحكومية

حماة- نورث برس

يشتكي ذوو طلاب وتلاميذ في مدينة حماة، وسط سوريا، من ارتفاع أجور ساعات الدروس الخصوصية في المنازل والمعاهد الخاصة، في ظل تراجع العملية التعليمية في المدارس الحكومية.

وتختلف أجور الدروس الخصوصية من مرحلة إلى أخرى، إذ تكون مرتفعة أكثر للشهادتين الإعدادية والثانوية، وتتراوح أجرة ساعة “الدرس الخصوصي في المنازل” لطلاب الشهادتين بين ثمانية آلاف و25 ألف ليرة سورية.

وتتراوح ساعة الدرس الخاص للصفوف الانتقالية لطلاب الإعدادية بين أربعة آلاف وثمانية آلاف ليرة، أما لطلاب المرحلة الابتدائية فتكون بين 1.500 و3.500 ليرة سورية.

لكن ذوي طلاب من حماة قالوا إن هذه الأجور غير ثابتة وتختلف بين معلم وآخر، إذ تلعب أسماء المدرسين “وشهرتهم” دوراً آخر في التسعيرة.

كما تبلغ تكلفة المادة الكاملة كاللغة العربية والرياضيات وغيرها من المواد العلمية ما بين مليونين وثلاثة ملايين ليرة، ويشترط بعض المعلمين دفع نصف المبلغ قبل البدء بإعطاء الدروس.

وقال صفوان سنقر (52عاماً)، وهو والد طالب بكالوريا في إحدى المدارس الحكومية: “ليس هناك اهتمام بالتعليم في المدرسة، والأساتذة لا يقومون بشرح الدروس إلا القليل منها.”

واضطر “سنقر” إلى افتتاح دورات خاصة لابنه عند أحد المدرسين، حيث يدفع عن كل ساعة درس في اللغة العربية 20 ألف ليرة، و18 ألف ليرة لدرس الرياضيات و15 ألف ليرة للساعة الواحدة من دروس الفيزياء و14 ألف ليرة للكيمياء.

كما أنه ابنه يرتاد أحد المعاهد الخاصة لتلقي دروس مادة العلوم كاملة مقابل 200 ألف ليرة.

تعليم يتراجع

ويعلل حسام الصالح (53عاماً)، وهو اسم مستعار لمدرس لغة عربية، ارتفاع أجور الدروس إلى “الجهد المضاعف الذي يعطيه المدرس وخاصة لطلاب الشهادة الثانوية.”

وأضاف: “وبحسب الجهد الذي يحتاجه الطالب لتحسين مستواه، هناك تفاوت أجور بين مدرس وآخر.”

وخلال عشر سنوات ماضية، شهدت العملية التربوية في المناطق الخاضعة للحكومة السورية تراجعاً كبيراً، حيث زادت نسبة التسرب من المدارس، وخرجت مدارس كثيرة عن الخدمة.

وبحسب أولياء طلاب من حماة، فإن حالة المدارس العامة في المدينة “يرثى لها” من كافة النواحي، بسبب نقص المدرسين وعدم الاهتمام بالمناهج أو إيصال المعلومة بشكل جيد للطلاب.

ويتراوح سعر إعطاء دروس المادة الواحدة في المعاهد الخاصة بين 200 ألف و300 ألف ليرة، حيث يتجاوز عدد الطلاب ضمن الصف الواحد 30 طالباً.

وتفضل بعض العائلات الدروس الخصوصية في المنازل، بسبب قلة عدد الطلاب، ويعتقد والد أحد الطلاب أن ” شرح الدروس لا يتم بشكل ممتاز في المعاهد الخاصة كما في الدرس الخاص.”

وتضم حماة ثماني مدارس خاصة وحوالي عشرة معاهد تعليمية، ويرى سكان أن التعليم فيها أيضاً “ليس بالجيد” إذ يقوم طلاب لها بتلقي الدروس بعد الدوام.

مدرسون مستاؤون

وفي الثاني من الشهر الجاري، قال وزير التربية السوري دارم طباع, لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إنه يتم العمل على عدة إجراءات للحد من الدروس الخصوصية.

وأشار إلى أن الضابطة العدلية في مديريات التربية تلاحق من يقوم بإعطاء دروس خاصة في المنازل.

 لكن “يتم التغاضي عن بعض الحالات في حال اقتصر الإعطاء على طالب واحد، من منحى إنساني، ولكن في حال كان هناك عدد من الطلاب يتم اتخاذ إجراءات بحقه وفرض غرامة كبيرة”، بحسب الوزير.

وحمل وزير التربية، حينها، بعض الأهالي المسؤولية عن إعطاء أولادهم دروساً خصوصية، واعتبر أنها أصبحت “موضة يتباهون بها.”

لكن تصريحات المسؤول أثارت استياء معلمين ومعلمات وذوي طلاب وأصحاب المعاهد الخصوصية في حماة.

وعبر عثمان المر (42عاماً)، وهو اسم مستعار لمدرس لمادة الرياضيات، عن استيائه من تصريحات وزير التربية: “ليعطونا حقنا ويردوا لنا أجور المواصلات والمصاريف التي نقوم بدفعها لتأمين أقلام وألواح وشهادات ثناء، فنتوقف عن إعطاء الدروس.”

وعلل “المر” إعطاءه للدروس الخصوصية، بتدني مستوى الدخل وارتفاع عدد الطلاب في الصف، “عدم مراعاة الدولة لنا وعدم تقديم الخدمات يجبرنا على إعطاء الدروس في المنزل.”

وقال إن راتبه الذي لا يتجاوز خمسين ألف ليرة، لا يتناسب مع ارتفاع الأسعار الذي يغزو المدينة. واعتبر أن الدروس في المنزل بعد الدوام “ليست أمراً سهلاً إنما هي متعبة للغاية وتكون على حساب صحتنا.”

ورأى أن المعلم “يجب أن يكون مرتاحاً مادياً ليعطي أحسن ما عنده.”

  إعداد: علا محمد – تحرير: سوزدار محمد