دير الزور – NPA
تشهد محافظة دير الزور منذ الـ 23 من نيسان/أبريل المنصرم، احتجاجات من قبل الأهالي، مطالبين بتحسين الواقع الخدمي للمنطقة إلا أن هذه الاحتجاجات تطورت في الآونة الاخيرة، ووصلت لحمل بعضهم السلاح وسط مساع حثيثة من قبل بعض الأطراف العشائرية لتهدئة الأوضاع في المنطقة.
وتعاني معظم القرى والبلدات في مناطق سيطرة سوريا الديمقراطية بدير الزور، من شح للخدمات وغلاء الأسعار، الأمر الذي أثار سخط السكان.
وشهدت العديد من القرى في ريف دير الزور الشرقي احتجاجات منها قرى “البصيرة، والشحيل، والدحلة، والطيانة، والنملية، والحصين وطيب الفال”، حيث تمثل هذه المناطق حزاماً استراتيجياً للنفط شرق الفرات.
وأفاد مصدر أمني بقوى الأمن الداخلي شمال دير الزور لـ”نورث برس” بأن “المحتجين عمدوا طوال الفترة الماضية إلى حرق الاطارات، وإغلاق الطرقات في بعض الأحيان، وهو ما دفع بقوات سوريا الديمقراطية لاعتقال عدد من مثيري الفوضى والفتنة بين العشائر والقوات، خاصة أن المنطقة تغلب عليها الطابع العشائري”.
يذكر أنه سبق وأن صرح مسؤولون في مجلس سوريا الديمقراطية (الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية) بأن هذه الاحتجاجات مشروعة، لسكان يطالبون بحقوقهم في ظل عودة الأمان لمناطقهم بعد الانتصار على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
حمل السلاح
وفي تطور لافت، أقدم مجموعة من المحتجين في الـرابع من شهر أيار/مايو الجاري على حمل السلاح، وخرجوا بتظاهرات ليلية في قرية “جديدة عكيدات” التابعة لبلدة الصور، وأطلقوا النيران بشكل عشوائي إلى جانب إحراقهم للإطارات قبل أن يلوذوا بالفرار من المنطقة، بحسب مصادر محلية (رفضت الكشف عن اسمها لأسباب أمنية).
ولم يخفِ المصدر أن مطالب المحتجين تتركز على مادة المازوت، التي تباع بسعر /150/ ليرة سورية(ربع دولار أمريكي) في دير الزور، في حين تباع بسعر /50/ ليرة سورية في الحسكة، مشيراً إلى أنهم ضبطوا الكثير من عمليات تهريب النفط لمناطق الحكومة السورية في غربي الفرات.
وبحسب مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية لوسائل إعلامية في وقت سابق، أنه وبعد طرد تنظيم “الدولة الاسلامية” من المنطقة، اتخذت مجموعة من الإجراءات في عمليات استثمار النفط في المنطقة وفقاً لعقود أبرمت مع مستثمرين، الأمر الذي استغله خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، وكثفوا نشاطهم بعد أن توقف تمويلهم وفقدوا مناطق سيطرتهم.
وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية في الـ 23 من آذار/مارس المنصرم، وبعد 3 أشهر من المعارك الطاحنة في الباغوز من بسط سيطرتها الكاملة على مناطق شرقي الفرات وطرد مسلحي التنظيم منها.
وتحتضن دير الزور أكبر آبار النفط في سوريا، وفي مقدمتها حقل العمر النفطي الذي يبلغ إنتاجه اليومي ما لا يقل عن /40/ ألف برميل.
ما وراء التظاهرات
وفي تصريح لـ “نورث برس”، أوضح القيادي في مجلس دير الزور العسكري، أبو علي فولاذ، أن “المظاهرات في بادئ الامر كانت عبارة عن احتجاجات مطالبة بالأمور الخدمية مثل (الكهرباء والماء والمازوت)، إلا أن ذلك تطور واستغلتها بعض الاطراف لتأجيج الأمور في المنطقة”.

القيادي في مجلس دير الزور العسكري، أبو علي فولاذ
وأردف فولاذ: “اعتقلنا عدداً من المحتجين المخربين الذين لديهم صلة مع جهات خارجية، ويمكننا القول أن ممولي هؤلاء هم داعش والنظام السوري وتركيا، والهدف من ذلك إثارة الفتنة بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية في المنطقة” مشيراً أنهم كقوات عسكرية يسعون بكافة السبل لتهدئة الأوضاع وسد الطريق أمام أي ثغرات طائفية ومحاولات لخلق الفتن في المنطقة.
“هناك تجاوزات”
ويقول المواطن عبدالعزيز محمد من قرية حواج، إن الخدمات “سيئة جداً” في المنطقة، مبيناً أنهم يعانون من غلاء أسعار المحروقات وشح في المياه وانقطاع الكهرباء”. ويستطرد محمد “لقد راجعنا المؤسسات المعنية لكن لا حلول لمشاكلنا حتى الآن”.
بدوره يقول المواطن محمود العلي، من سكان بلدة الصور، بأنهم “يعانون من نقص في الخدمات وغلاء أسعار الحاجات اليومية سواء أكانت محروقات أو مواد غذائية”

المواطن محمود العلي
ويضيف العلي “هناك تجاوزات وخروقات لكن هذا لا يعني أن يحدث فوضى، يجب علينا جميعاً التكاتف في تجاوز هذا الامر كما تعاونا على طرد مسلحي داعش”.
ويأمل محمود يتحسن الأوضاع بالقول: “مر علينا /8/ سنوات من المعاناة، لقد ذقنا الذل والويل والآن نحلم بأن نتذوق طعم الحرية بمضمونه الحقيقي”.
جماعات فردية
ويعزو المؤسسات الخدمية التابعة لمجلس دير الزور المدني (المجلس الأعلى لكافة الدوائر الرسمية) سوء الأوضاع الخدمية إلى الامكانيات المحدودة لديها، التي تحول دون تلبية متطلبات الأهالي في ظل خروج المنطقة حديثاً من الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وفي حديث لـ “نورث برس”، أشار حسين الداهش، عضو المجلس التشريعي في مجلس الدير الزور المدني، إلى أنهم سيلتفتون لمتطلبات المدنيين الخدمية بقدر استطاعتهم.

حسين الداهش، عضو المجلس التشريعي في مجلس الدير الزور المدني
منوهاً بأن “المحتجين المسلحين هم جماعات فردية لا يمثلون أي تنظيمات أو عشائر، هدفهم خلق الفتن بعد الانتصار على داعش”.
واعتبر الداهش، أن الذين يحملون السلاح “ليس لهم أي مبدأ”، مضيفاً بأن “هؤلاء يتم تحريكهم من قبل جماعات خارجية ولن نقبل بتخريب بلدنا مجدداً”.