ارتفاع أجور التحاليل الطبية الخاصة في السويداء وسط عدم تأهيل المخابر الحكومية

السويداء – نورث برس

يشتكي مرضى في مدينة السويداء وريفها، جنوبي سوريا، من ارتفاع أسعار التحاليل في المخابر الطبية الخاصة، في ظل عدم دقة النتائج في مخابر المشافي الحكومية والمراكز الطبية العامة.

وتضم محافظة السويداء عشرة مخابر طبية خاصة، منها ستة مخابر متواجدة في المدينة والباقي تتوزع في مدن المحافظة الأخرى، بالإضافة إلى ستة مخابر طبية حكومية موزعة على المشافي الحكومية والمراكز الطبية.

“ارتفاع جنوني”

وخلال الأشهر الماضية، شهدت أسعار التحاليل الطبية المخبرية الخاصة، ارتفاعاً كبيراً بنسب تراوحت ما بين ثلاثة وأربعة أضعاف عما كانت عليه في العام الفائت، الأمر الذي انعكس سلباً على مرضى ذوي دخل محدود وموظفين.

كما أن أجرة إجراء بعض التحاليل، وخاصة تحاليل الفيتامينات والغدة والتحاليل الهرمونية وتحاليل خضاب الدم والسكر، ارتفعت لأكثر من أربعة أضعاف.

وقالت نهاد معالي (50 عاماً)، وهي موظفة حكومية تقيم في مدينة السويداء، إنها لم تعد تقوى مالياً على إجراء تحاليل دورية جراء الارتفاع “الجنوني” لأسعارها في المخابر الخاصة.

وتعاني “معالي” من مرض انحلال الدم منذ سنتين، حيث تستدعي حالتها الطبية إجراء فحوص دم مخبرية ثلاث مرات في الشهر، “وبتُّ أعجز حتى عن إجراء تحليل واحد لمراقبة نسب خضاب الدم لدي.”

ويكلف إجراء تحليل دم، سبعة آلاف ليرة، أي 21 ألف ليرة كل شهر.

وأشارت الموظفة التي تعيل أطفالها الأربعة بعد طلاقها، إلى أنها لم تعد تكترث لصحتها “الآخذة بالتدهور يوماً بعد يوم، فراتبي الحكومي البالغ خمسين ألف ليرة سورية لا يدوم سوى عشرة أيام.”

وأرجع رأفت حسون (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب يعمل في أحد المخابر الخاصة في السويداء، سبب ارتفاع أسعار التحاليل إلى ارتفاع قيمة المواد الأولية المستخدمة فيها.

“و90 بالمئة من المواد الأولية المستخدمة في التحاليل (سرنغات، إبر، كواشف وغيرها) هي مستوردة ويخضع سعرها لسعر صرف الدولار الأميركي”، بحسب “حسون”.

تحاليل غير دقيقة

ومنذ ستة أشهر مضت، ارتفع تحليل الغدة الدرقية من 2800 ليرة إلى 8400 ليرة، بينما وصل تحليل الكتل الورمية الصلبة إلى 25 ألف ليرة بعدما كان 4800 ليرة سورية.

وارتفع سعر تحليل فيتامين D من 6400 ليرة إلى 22400 ليرة، كما ارتفع سعر تحليل فيتامين B12 من 4800 ليرة إلى 14400 ليرة سورية.

وبسبب عدم توفر العديد من التحاليل المخبرية في القطاع الحكومي العام، وخاصة التحاليل الهرمونية وخضاب الدم والبروتينات والتحاليل المناعية, يضطر العديد من المرضى لإجرائها في المخابر الخاصة.

ويلجأ آخرون بسبب تردي وضعهم المعيشي لإجرائها في المخابر الحكومية بالرغم من عدم دقتها، بحسب مرضى وعاملين في القطاع الصحي الحكومي.

وقال سامر سلامة (44 عاماً)، وهو اسم  مستعار لممرض يعمل في أحد المخابر الحكومية، إن أجهزة التحليل المخبري الموجودة داخل المشافي الحكومية لم تعد تعمل “بشكل صحيح” منذ سنوات.

ولم تعد تلك الأجهزة الطبية تواكب التطور الطبي الحاصل في مجال التكنولوجية الطبية بسبب قدمها، بحسب الممرض.

ولم يخف “سلامة” قيامه مع زملائه المخبريين بنصح المرضى الذين يراجعون المشافي الحكومية لإجراء تحاليل بالتوجه نحو المخابر الخاصة، “لأن الأجهزة الطبية الحكومية شبه معطلة ولا تعطي تحاليل طبية دقيقة.”

وذكر مرضى في السويداء، لنورث برس، أن نتائج تحاليل المخابر الحكومية تختلف تماماً عن تحاليل المخابر الخاصة.

عجز مالي

ورغم أن عدم دقة نتائج تحاليل المخابر الحكومية يمكن أن تشكل خطراً على حياة المرضى إذ يعتمد الأطباء عليها في التشخيص ووصف الأدوية، إلا أن طلبات العاملين في تلك المخابر بتغيير الأجهزة لم تلق أي استجابة، بحسب “سلامة”.

وأضاف الممرض أن مديرية صحة السويداء عللت ذلك  بوجود عجز مالي لا يسمح لهم باستبدال تلك الأجهزة بأخرى أحدث منها.

وقال طلال ماضي (55 عاماً)، وهو اسم مستعار لمسؤول حكومي في هيئة المخابر الطبية لدى مديرية صحة السويداء، إن وزارة الصحة في دمشق تلقت من قبل مديرية صحة السويداء عشرات الطلبات المتعلقة بضرورة شراء أجهزة تحاليل مخبرية حديثة وتأمين الخبراء الفنيين لهم.

 “ولكن لم نتلق أي استجابة، سوى القول إن البلد يتعرض لحصار اقتصادي كبير، ولا يمكن حالياً استيراد أجهزة من خارج سوريا.”

وتحتاج بعض أجهزة المخابر الحكومية لصيانة من قبل فنيين ومختصين، لكن هجرة قسم كبير من عاملي الصيانة والمختصين إلى خارج البلاد يحول دون ذلك، وفق قول “ماضي”.

وأضاف، “لم يبقَ في السويداء سوى فني واحد لا يمكنه معايرة الأجهزة الطبية في المشافي والمراكز الحكومية.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد