الأزمة المعيشية تزيد عدد المقبلين على نبش القمامة في دمشق
دمشق – نورث برس
يقول أشخاص يعملون في نبش القمامة في العاصمة دمشق وريفها إن أعداد من يخرجون منذ الصباح نحو الحاويات والأكوام ازدادت مؤخراً، بينما يرى ناشطون أن المجتمع الأهلي لا يستطيع تقديم حلول في ظل ضعفه، محملين المسؤولية للحكومة.
واعتاد أفراد عائلات على التسابق لأماكن تجميع القمامة في الأحياء قبل وصول سيارات ترحيلها، لجمع ما يمكن بيعه لمعامل إعادة التدوير.
وتشهد مدينة دمشق وضواحيها تزايداً في ظهور المشهد، حيث يعكف أطفال ومسنون ونسوة على حاويات أو أكوام للقمامة لجمع المواد المعدنية والمخلفات البلاستيكية، إضافة إلى بقايا الخبز اليابس وخردوات الأدوات المعطلة.
وتشهد سوريا تفاقماً حاداً في الأوضاع المعيشية في ظل موجة ارتفاع أسعار لمستويات غير مسبوقة عل خلفية انهيار قيمة الليرة السورية.
وتجاوز سعر صرف الدولار الأميركي الواحد، خلال الأسبوع الماضي، حاجز 4.700 ليرة سورية، بينما تشير أسعار الصرف في أسواق دمشق، الاثنين، إلى أكثر من 4.400 ليرة سورية للدولار الواحد.
ظاهرة في ازدياد
ويقول سكان في دمشق إن ظاهرة نبش القمامة كانت موجودة قبل الأزمة السورية، لكنها كانت تقتصر على فئة محدودة من المجتمع، لتزداد أكثر مع استمرار الأزمة السورية التي دخلت عامها الحادي عشر وتفاقم الأوضاع المعيشية يوماً بعد آخر.
وقالت حسناء رضا (36 عاماً)، وهي من سكان مدينة جرمانا جنوب العاصمة، إنها تقوم إلى جانب ابنها وابنتها بالبحث بشكل يومي ضمن حاويات القمامة في المنطقة، “عن أي شيء يمكن بيعه.”
وأضافت أن البلاستيك أو النايلون هو أكثر المواد توفراً بين الأكياس وأرخصها ثمناً، حيث تجني ما يقارب ثمانية آلاف ليرة يومياً، وتستطيع بذلك تأمين طعام لأولادها الخمسة.
وفي الآونة الأخيرة، اضطرت ليلى السبع (17 عاماً)، وهي من سكان بلدة جديدة الفضل غرب دمشق، للذهاب إلى بلدة جديدة عرطوز المجاورة للبحث في أماكن وضع أكياس القمامة.
ومنذ سنتين، تعمل اليافعة في نبش القمامة وتبيع ما تجمعه لإحدى المحال في بلدتها، “لست الوحيدة التي أجمع القمامة بل أعداد من يقومون بذلك تزداد يوماً بعد آخر.”
ويقصد آخرون المنازل للسؤال عن القمامة قبل رميها في الحاويات، حيث يكون “الحظ أوفر”، على حد تعبير”السبع”.
مجتمع أهلي ضعيف
وقالت منار شاهين، وهي طبيبة أخصائية بأمراض الأطفال تعيش في دمشق، إنه لا يكاد يمر يوم إلا ويطرق فيه باب المنزل من يسأل عن قمامة سترمى.
وأشارت الطبيبة إلى أنها لاحظت وجود فطريات جلدية على أيدي العديد من الأطفال الذين يقصدون المنزل، “هذه الظاهرة خطيرة حيث تكون القمامة مكاناً لتجمع الجراثيم والأمراض، ما يهدد صحة من يجمعها وخاصة الأطفال.”
وأضافت: “لا أعلم كيف يمكن مساعدتهم في مثل هذه الظروف التي تدفع لمثل هذا العمل.”
ويتهم سكان من العاصمة الحكومة ومؤسساتها بعجزهم عن تحسين الأوضاع المعيشية.
ورأت بتول سالم، وهو اسم مستعار لمسؤولة عن قسم حماية الطفل في إحدى الجمعيات الأهلية في بلدة صحنايا جنوب دمشق، إن “ظاهرة نبش القمامة لا يمكن أن تحل دون تدخل الحكومة، فالمجتمع الأهلي ضعيف.”
وذكرت، لنورث برس، أنهم يعملون على تدريب أمهات على مهن للتخلص عمل نبش القمامة “غير الصحي والمتعب، لكن ضعف التمويل ومحدودية الإمكانات تحول دون نجاح مثل هذه المبادرات.”
ويقوم محمد حسان(51عاما)، وهو من سكان جرمانا، بشراء ما يجمعه من ينبشون القمامة في المنطقة ويقوم بفرز المواد وبيعها لمعمل إعادة تدوير في منطقة تل كردي بريف دمشق.
وقال لنورث برس إنه لجأ لهذا العمل بعد أن نزح مع عائلته من الغوطة عام 2012 وفقد منزله وعمله، “لم أجد وسيلة أخرى لإطعام عائلتي.”
وأضاف أن من يقومون بجمع المواد من القمامة يعتبرون عملهم “مضمون الدخل.”