القامشلي – نورث برس
تبدأ حكاية العمل الدرامي بعودة “رنا ” في ليلة من ليالي الحرب بدمشق، وهي تسير باتجاه منزلها وتندلع الاشتباكات في الطريق، وتهرب مذعورة بين الأزقة نحو منزلها ليوقفها حاجز عسكري، ويخبرها أحد عناصر الجيش أن تدخل إحدى الحارات وتختبئ في أحد المنازل.
وتدخل الحارة راكضة وأصوات الاشتباك تبدو أكثر قرباً منها، وتخترق رصاصة طرف ثوبها، ولكنها لم تلمس جسدها سقطت أرضاً حين اكتشفت أن الرصاصة اخترقت الثوب.
تتابع طريقها زحفاً باكيةً تصل لباب أحد المنازل تطرقه بقوة، ولكن أحداً لم يفتح لها، فظهر فجأةً “معروف” ارتعبت منه ولكنها اكتشفت أنه جاء ليساعدها، أخذها لغرفته.
من يراه يشعر أنه رجل سبعيني، حركته بطيئة متعبة، أما الفتاة في بداية العشرينات طالبة صحافة وتطمح أن تصبح كاتبة، تجمعهما هذه الغرفة لعشر ساعات.
ويقرر معروف سرد حكايته لها لتنقلها من فتاة مغمورة إلى إحدى أهم الكتاب المعاصرين، ولكنه يشترط عليها أمراً وحيداً حتى يروي قصته ألا وهو أن تقبل بضمه ضمة طويلة مليئة بالحرارة.
لكن رنا ترفض مازحة (حدا بيشتري السمك بالمي)، فيقرران أن يروي حكايته وبعدها تقرر هي إن كان يستحق تلك الضمة أم لا.
وتدور أحداث العمل بنسبة 95 بالمائة في الماضي، أما الخمسة بالمائة المتبقية، فهي لعودة قليلة إلى تلك الغرفة التي تطبخ فيها حكايتنا ويحدث في بعض الأحيان “الكثيرة” أن نسمع صوت الراوي “معروف” والمتلقية “رنا” يدخلان على بعض المشاهد للاستفسار أحياناً أو إعطاء ملاحظة أو ضحكة ما في أحيان أخرى.
ويسرد معروف قصة عائلته “حسان الكببلي” أبو نورس المكونة من الزوجين، أبو نورس وزوجته وداد وأبنائهم الخمسة “نورس، معروف، جمال، أميرة ومازن”، يعود زمن الحكاية إلى نهاية ثمانينات القرن الماضي.
وأبو نورس نجار في منتصف الأربعين شخصية متأرجحة، فهو قاسٍ في أمور وليّن في أمور أخرى، علاقته بزوجته “وداد” جميلة مليئة بالتفاهم والحب.
وعلاقته مع أبنائه متفاوتة بحسب كل شخص، ولكن علاقته الأقوى والأهم تكون مع أميرة ابنته الوحيدة، وعلاقته مع ابنه معروف “طالب طب” مليئة بالاحترام والتقدير.
وأما مع ابنه البكر نورس باردة والسبب يعود إلى خيبة أمل الأب بابنه المهزوز، علاقته مع جمال حيادية بسبب غرابة الأخير وعدم قدرة الأب على تكوين موقف واضح منه، فجمال في تلك المرحلة من عمره شخص فوضوي في كل شيء حتى عقله.
والمخرج عبد الغني بلاط يعترف أنه عندما قرأ سيناريو (بعد عدة سنوات) أحبه: “من الصعب وجود مثل هذا السيناريو الآن، أشخاصه حقيقيين ويتمتعون بحس إنساني عميق.”
وأضاف: “قرأته أكثر من مرة بكيت فيها عند وصولي لمشاهد محددة، لكن وجدت فيه مشاهد طويلة بحوارات متشعبة، فكان لا بد من حل ذي جمالية خاصة.”
وأشار بلاط إلى أنه “قدّم في العمل وجوهاً جديدة شابة وقديمة في أدوار مختلفة ومغايرة على غير ما تعود جمهورنا رؤيتها، خاصة وأن العمل يرصد حياة شخصياته في مرحلتين زمنيتين.”
والممثل وسيم الرحبي الذي يجسد شخصية رضوانٌ “ارتكب جريمة قتل وسرقة بالاتفاق مع شقيقتي التي زوّجها لأحد المقربين، وتتابع الأحداث للوصول إلى النهاية الفاجعة.”
وأشار الرحبي إلى أن “الشخصية تقدم ضمّن ثلاث مراحل منذ الصغر مع الفقر، إلى الصبا، فالنضوج والغنى المادي.”
أما الفنانة ريم زينو قالت: إن “شخصية هدى التي أشارك بها إشكالية تظهر في كل مراحل العمل، وهي طيبة، ولكن بسبب دهاء شقيقها يورّطها ويؤدّي بها للتسبّب في المشكلة الرئيسية بالعمل الدرامي، ما يعقّد الأحداث ويطوّر أفعال شخوص العمل.”
وأضافت زينو: “عدد النجوم المشاركين وبعد عدة سنوات مستمتعون بالعمل مع بعضهم من خلال التفاهم بينهم، وأن وجود مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي بسوريا في العمل يعيد الألق للدراما.”
وتحدثت الفنانة نانسي خوري عن دورها: “شخصيتي هند تعيش قصة حب، وتمرّ بمراحل عمرية من بداية العمل لنهايته تتغير عن طريق الحب.”
وأشارت إلى أنها تعمل مع المخرج عبد الغني في أجواء مريحة بين الجميع، “وفي الأخص الفنان سعد مينة الذي أصور معه غالبية مشاهدي”، وتمنت عودت الدراما السورية لسابق عهدها وازدهارها.
بدورها الممثلة روبين عيسى التي تجسد المحامية أميرة، قالت: “هي الابنة الوحيدة لأبي نورس، ويدور العمل حولها، وقوة شخصيتها تدفعها للحصول على الدكتوراه.”
وأشارت روبين إلى أن “عائلتها تتواجد من بداية العمل بأجواء محبة وفرح بين كل إخوتها الذين يعانون من هموم بسيطة تكبر مع الزمن لتتغيّر حياتهم مع التحوّلات التي تصيبهم.”
وأضافت: “هناك تقاطعات كبيرة بيني وبين شخصيتي عبر حبي للدفاع عن قضايا المرأة والنسوية والحضور في الحياة والمجتمع المدني والأهلي.”
وقال الكاتب بسام جنيد: “في النهاية يموت معروف الذي كان يقص الحكاية للفتاة لرنا تلك الفتاة التي دخلت غرفته وهي في حالة صراع مع زوجها الذي تحبه كثيراً ولكن الحرب ومفرزاتها من عوز وحاجة وحياةٍ بائسة تمكنت من حبهما.”
وأضاف: “رنا تعلمت درساً هاماً للغاية بعد سماعها لقصة معروف، تعلمت أنها لا تريد من هذه الحياة التي يلفها اللامنطق والجنون، لا تريد منها سوى حضن زوجها.”
ولكنها قبل ذهابها إلى زوجها “تأخذ مفتاح معروف وتذهب إلى الحارة التي وصفها، وهناك تتأكد بأم عينيها بأن قصته حقيقية، تصعد في سلم بنايته وتتوقف قليلاً في تلك المنطقة التي كانت مفصلية في حياة معروف، حيث التقى بنور وهند وكاتيا وتزوجهم بسبب تلك اللقاءات، دخلت منزل أبو نورس، وانهارت بالبكاء.”