التجنيد الإجباري يخفض نسبة الطلبة الذكور في جامعة دمشق ويعرّض بعضهم للابتزاز
دمشق – نورث برس
تشير بيانات لجامعة دمشق مؤخراً إلى فارق كبير بين نسب طلابها من الذكور والإناث، بينما يعيد طلاب تركوا مقاعد الدراسة السبب إلى قوانين التجنيد الإلزامي التي حرمتهم من إتمام دراستهم وعرضتهم لمخاوف اعتقال وابتزاز مادي.
ويضطر طلاب في جامعة دمشق لوقف دراستهم الجامعية بسبب عجزهم عن الحصول على التأجيل الدراسي الخاص بالخدمة الإلزامية.
وتجاوز هؤلاء الطلاب السن المسموح بها للتأجيل والمحددة بسن السادسة والعشرين لطلاب الكليات التي تكون فيها مدة الدراسة أربعة أعوام، و السابعة والعشرين للكليات التي تكون مدة الدراسة فيها خمسة أعوام.
ومنذ أعوام، تسببت ظروف الحرب في البلاد بقطع حركة التنقل بين المحافظات وانقطاع عدد كبير من الطلاب عن الدوام وارتفاع نسب الرسوب، ما أدى بدوره لفقدان فرصهم فيما بعد في التأجيل.
الأغلبية للطالبات
وأدى عزوف أعداد كبيرة من الطلاب الذكور عن إكمال دراستهم إلى انخفاض لافت لأعدادهم خلال المحاضرات وسط غالبية من الإناث.
وكشفت بيانات صدرت مؤخراً عن جامعة دمشق عن فارق بين أعداد الطلاب الذكور والإناث حيث تفوقت أعداد الأخيرة على أعداد الذكور بعشرات الآلاف.
وبلغ عدد الإناث في جامعة دمشق، وفق بيانات صادرة عن مديرية الإحصاء في جامعة دمشق ونقلها موقع صاحب الجلالة المحلي، 152.821 طالبة، مقابل 108.453 طالباً من الذكور.
ويبلغ العدد الكلي لطلاب جامعة دمشق 261.274 طالباً وطالبة، بحسب المصدر نفسه.
ومنذ بدء الحرب في سوريا قبل عشر سنوات، عزف الكثير من الشبان السوريين عن الالتحاق بالجيش الحكومي الذي ارتكب انتهاكات ضد المدنيين.
وفضّل البعض من شبان دمشق السفر لخارج سوريا هرباً من التجنيد الإجباري، بينما بقي آخرون متوارين عن أنظار حواجز ودوريات الأمن المنتشرة في كافة أرجاء العاصمة.
طلبات مرفوضة
واضطر راتب خير الدين (29 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في كلية الآداب، لترك دراسته في كلية الآداب التي وصل فيها إلى السنة الدراسية الأخيرة بعد تعميم اسمه على النشرة الشرطية على أنه مطلوب للخدمة الإلزامية.
وسعى “خير الدين” جاهداً، منذ عامين، للحصول على تأجيل للخدمة، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل، فاضطر لترك الدراسة والبدء بالعمل في محل تجاري في مدينة جرمانا بريف دمشق.
وقال لنورث برس:” تقدمتُ عام 2019 بطلب تأجيل إداري مرفق بحياة جامعية تم رفضه من قبل مديرية التجنيد العامة، ثم تم رفض طلبي الحصول على تأجيل مهلة سفر أيضاً لأنني كنت بحكم المتخلف عن السوق.”
ورغم مخاوفه، استمر الطالب فترة في دوامه بجامعته قبل أن يتم توقيفه من قبل دورية “طيّارة”، تمكن من التخلص منها بواسطة رشوة مالية بلغت 200 ألف ليرة سورية.
والدوريات الطيّارة، تسمية يطلقها السوريون على دوريات أمنية وحواجز غير ثابتة، بهدف لنصب كمائن للشبان المطلوبين أمنياً أو المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية.
وبعد هذا الموقف، قرر “خير الدين” إيقاف دراسته خوفاً من تكرار الحدث وعدم تمكنه من الفرار في المرة القادمة.
“حياة كالسجن “
وتعج أحياء دمشق بالشبان المتهربين من الخدمة الإلزامية وتقتصر تحركاتهم مضن أحيائهم خوفاً من توقيفهم من قبل الدوريات الجوالة.
وروى عصام الشوال (30 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق التي اجبر على ترك الدراسة فيها بسبب تخلفه عن الخدمة العسكرية، التحديات اليومية التي تواجهه.
ووصف “الشوال” حياته بأنها تشبه السجن حيث لا يستطيع التحرك ضمن منطقة سكنه، “سوى لبضعة حارات.”
وقال: “رغم أن ظروف عائلتي المادية صعبة جداً لكنني عاجز، منذ ثلاثة أعوام، عن الخروج للبحث عن العمل خشية تعرضي للاعتقال ثم السوق للتجنيد الإجباري.”
وأرجع الطالب رفضه الالتحاق بالقوات الحكومية إلى عدم رغبته في “حمل السلاح والدفاع عن مجموعة من اللصوص المتحكمين في البلاد”، على حد وصفه.
“ابتزاز مادي”
أما عمار الدالاتي (26 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في كلية العلوم، فعمل جاهداً للحصول على تأجيل دراسي لكن دون جدوى.
وذكر أنه لجأ، عن طريق أحد معارفه، لأحد الضباط في دائرة التجنيد كي يحصل على تأجيل، “لكنني تعرضت للخديعة والابتزاز.”
وأضاف “الدالاتي”: “في البداية طلب مني مبلغ 700 ألف ليرة سورية لقاء التأجيل، لكنه أصبح يهددني بتسليمي تارة، وتارة أخرى يطالبني بدفع مليوني ليرة لقاء إعادة الدفتر.”
يقول عمار إنه ليس الوحيد الذي تعرض لهذا الابتزاز، فقد علم من أحد أصدقائه أنه تعرض لموقف مشابه أيضاً من قبل عنصر في المخابرات العسكرية.