القصف التركي وانهيار قيمة الليرة يوقفان حركة البناء في بلدة شمال الحسكة

تل تمر – نورث برس

تشهد بلدة تل تمر، شمال الحسكة، شمال شرق سوريا تراجعاً ملحوظاً في الحركة العمرانية بخلاف السنوات السابقة، بسبب التوترات الأمنية والاستهداف المتكرر من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها للمنطقة.

منذ مطلع العام الجاري، سجل المكتب الفني ببلدية الشعب في تل تمر رخصة بناء واحدة فقط، وكان العدد في العام الفائت 15 رخصة بناء، بينما تشير بيانات العام 2019 إلى 35 رخصة بناء.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر عام 2019، تشهد خطوط التماس بريف تل تمر قصفاً تركياً ومحاولات تسلل من قبل الفصائل الموالية لأنقرة التي أدت سيطرتها على سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض إلى تحول عشرات القرى إلى خط نار.

“مشاريع البناء مجازفة”

وقال عدنان حج خلف (45عاماً)، وهو صاحب بناء قيد الإنشاء وسط البلدة، إن تمركز الفصائل المعارضة والجيش التركي بريف البلدة يتسبب بمخاوف تعرقل المشاريع المرتبطة بالاستقرار كمشاريع البناء.

وأضاف أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة، جعلت العمل في البناء “مجازفة” حالياً.

وأشار “حج خلف” إلى أن الإقبال على إيجار المنازل أكبر من الشراء، “فهناك تخوف من شراء العقارات في ظل المخاوف الأمنية.”

ويقدر طول خطوط التماس بمنطقة تل تمر بنحو 40 كم، بينما يتردد إلى مسامع سكان البلدة بين الحين والآخر، دوي قذائف تطلقها القوات التركية والفصائل نحو القرى الآهلة بالسكان ونقاط القوات الحكومية، بريف تل تمر.

وفي العاشر من الشهر الفائت، أصيب طفل البالغ من العمر ست سنوات بجروح، بقصف للجيش التركي والفصائل المسلحة الموالية له على قرية الدشيشة بريف تل تمر الغربي.

وفي السابع من الشهر الجاري، قتل عنصر وأصيب آخر من فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا، بريف البلدة أثناء محاولتهما التسلل لإحدى نقاط مجلس تل تمر العسكري.

مواد مرتفعة السعر

من جهة أخرى، دفع انهيار قيمة الليرة السورية وارتفاع أسعار البناء، العديد من أصحاب الأبنية كانت قيد الإنشاء على إيقاف عملية البناء وإبقائها على الهيكل لأجل غير مسمى.

ومنذ أكثر من شهر، يشهد سعر صرف الليرة السورية هبوطاً حاداً أمام العملات الأجنبية، حيث وصل سعر الصرف في الحسكة، الاثنين، إلى 4.220 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد.

وقفزت أسعار مواد البناء إلى أضعاف مضاعفة، حيث بلغ سعر طن مادة الحديد مؤخراً إلى نحو ثلاثة ملايين ليرة (750 دولاراً)، وكيس الإسمنت إلى أكثر من 15 ألف ليرة (حوالي أربعة دولارات).

ووفقاً لما ذكره “حج خلف”، فإن قيمة العقار الذي يبنيه حالياً يقدر بنحو 70 مليون ليرة سورية (18 ألف دولار أميركي تقريباً).

ولا تقتصر آثار القصف التركي على مدينة تل تمر وحدها، فيوم أمس الأحد قضى طفل وأصيب آخر، جراء قصف للقوات التركية الأسلحة الثقيلة، طال قرية الزنقل شمال غربي منبج شمالي سوريا.

فرص عمل قليلة

وقام سلطان بارافي (40 عاماً)، وهو من سكان تل تمر، بإيقاف بناء عقاره المؤلف من ثلاثة طوابق بالبلدة، “غلاء أسعار المواد أحد العوامل لوقف أعمال البناء، لكن العامل الأبرز هو محاولات الجيش التركي المستمرة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.”

وأشار “بارافي” إلى أن حركة البناء كانت نشطة قبل أكثر من عام بتل تمر، ” كان المتعهدون وأصحاب رؤوس الأموال يتسابقون لبناء المحال التجارية والأبنية نظراً لموقع البلدة الاستراتيجي.”

حالة الركود التي تعاني منها الحركة العمرانية بتل تمر، أثرت سلباً على عمل العمال أيضاً، وهو ما دفع بالعديد منهم بالبحث عن أعمال بديلة يعيلون بها أسرهم في ظل تردي الوضع المعيشي.

وقال أحمد كوزي (35 عاماً)، وهو نجار بناء تضم ورشته حالياً أربعة عمال فقط،  إن العمل “تضاءل كثيراً في ظل تراجع حركة البناء.”

 وأضاف، وهو ينهمك برفقة أحد العمال في تنظيم قضبان الحديد فوق أحد الأبنية بالبلدة، أن حركة العمران تقتصر على أصحاب رؤوس الأموال “وهي محدودة جداً، ما يؤثر على مصدر رزقنا.”

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد