إدلب – نورث برس
يقول آباء وأمهات في إدلب، شمال غربي سوريا، إن من الأفضل إيقاف تعليم الفتاة وتزويجها مبكراً، ويشيرون إلى ما تسببت به الحرب، بينما تعبر الفتيات عن المعاناة التي تتسبب بها الأفكار السائدة بهذا الخصوص.
وتسببت الحرب السورية بتسرب الكثير من الفتيات من مدارسهن نتيجة النزوح والفقر وفقدان الأمان، ويساعد استمرار ذلك في مناطق سيطرة المعارضة الفلتان الأمني ومعتقدات وتقاليد اجتماعية.
معتقدات متوارثة
ويعتقد الكثير من سكان وآباء في إدلب أن المكان الطبيعي للفتيات هو المنزل، وعليهن أن يتعلمن تدبير شؤونهن قبل الزواج.
ولا يرى مروان الغزال (46 عاماً)، وهو من سكان مدينة سرمدا، أي أمر غريب في إجباره لابنته على ترك المدرسة بعد الصف السادس الأساسي، “فعليها التفرغ لمساعدة والدتها في أعمال المنزل.”
وأضاف لنورث برس: “صحيح أن العلم مهم في حياة الجميع، لكن هذا لا ينطبق على ظروفنا الحالية وأوضاعنا في زمن الحرب.”
كما يتخوف “الغزال” من “عدم توفر الأمان، وإمكانية تعرض الفتيات لمخاطر الخطف أو التحرش، وسط عدم ضبط الوضع الأمني في المنطقة.”
وقبل يومين، قال بو فيكتور نيلوند، ممثل اليونيسف في سوريا، إن الحرب بعد عشر سنوات، تركت 90% من الأطفال السوريين في حاجة إلى المساعدة.
وأضاف، عبر تقنية الفيديو من دمشق في مشاركة في مؤتمر صحفي عُقد في جنيف، إن أزمة ثلاثية من العنف والبؤس الاقتصادي وجائحة كـوفيد-19 دفعت بالعائلات إلى حافة اليأس.
تفضيل الذكور
وأجبرت مريم القدور(41 عاماً) ابنتيها في عمر الثانية عشرة والثالثة عشرة على ترك المدرسة.
وقالت: ” الشهادات غير معترف بها، وحبر على ورق، ومهما حصلت الفتاة على شهادات علمية، فهي ستتزوج وتكون مسؤولة عن منزل وتربية أبناء، وسيكون زوجها مسؤولاً عن تلبية طلباتها.”
وأضافت أنها ترد على الاتهامات بخطأ رأيها بالإشارة إلى ” الحال المعيشية الصعبة وعجز بعض الأسر عن تأمين مستلزمات أبنائها من قرطاسية وأقساط وملابس .”
وقالت رهف البركات (15عاماً)، وهي من مدينة حارم، إن والدها “يفضل تعليم أخوتي الذكور، بينما أجبرني على التوقف عن ارتياد المدرسة، رغم تفوقي الدراسي .”
وأرغمت رهف على ترك المدرسة منذ نجاحها إلى الصف السابع، “كان أبي قبلها يجبرني على التغيب عندما يكون هناك حاجة لعملي في الأرض أو القيام بأعمال منزلية.”
حياة الخيام
وتعتقد العديد من العائلات أن خطوة إيقاف الدراسة هي تمهيد لزواج الفتاة من خلال إتقانها للأعمال المنزلية، ويفضل هؤلاء تزويج بناتهم بأعمار مبكرة، لا سيما مع النزوح والفقر.
وتزوجت ريمة بلان (14 عاماً)، وهي طفلة نازحة من ريف معرة النعمان الشرقي إلى مخيم في بلدة كللي، من ابن عمها، رغم تعبيرها عن رغبتها في العودة للمدرسة.
لكن الأسرة تذرعت ببعد المدرسة وتدهور الوضع المعيشي، “ويطلب من الفتاة أن تكون ربة منزل، وتحرم من التعلم كي لا تصبح امرأة عاملة ومستقلة مادياً بعيداً عن تحكم الأب والزوج بمصيرها.”
وتتهم ريمة والدتها بـ”الجهل” لعدم إدراكها أن “التعليم يساعد المرأة على تربية أولادها، والتوافق مع زوجها والمساهمة في خدمة مجتمعها.”
لكن الأم قالت لنورث برس: “في المخيمات نفتقد العيش الكريم وتنعدم الخصوصية، لذلك تفضل الأسر النازحة تزويج الفتيات بهدف تخليصهن من حياة الخيام والتشرد.”