تل أبيض من الصراع عليها حتى “الآلية الأمنية”

NPA- محمد حسن
تعد مدينة كرى سبي/تل ابيض، التي بدأ تطبيق المرحلة الأولى من "الآلية الأمنية" في المناطق الواقعة شرقها، ذات موقع استراتيجي مهم، لوقوعها على الحدود مع تركيا، والتعدد الاثني والعرقي في المدينة وريفها.
الصراع عليها
أهمية موقع المدينة، جعلها هدفاً للقوى المتحاربة، في سوريا منذ بدء أزمتها عام 2011، حيث سعت فصائل المعارضة السورية المسلحة، وبدعم من تركيا إلى السيطرة على المنطقة في عام 2012، وتمكنت من السيطرة عليها، بعد معارك مع قوات الحكومة السورية.
وبعد سيطرتها على تلك المنطقة الحدودية، حدثت تناحرات كبيرة بين فصائل المعارضة المسلحة نفسها، وكانت في أغلبها ذات طابع إسلامي (أحرار الشام الإسلامية، جبهة النصر، تنظيم الدولة الإسلامية) وغيرها.
ومع نهاية عام /2014/ تمكن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من الإطاحة بجميع منافسيه في المنطقة، ليستفرد بحكمها.
وبعد تشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، خلال معركة كوباني، في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2014، ودعمه لوحدات حماية الشعب، تمكنت تلك الوحدات، من تقليص نفوذ التنظيم بشكل تدريجي.
وفي نهاية المطاف تمكنت قوات السورية الديمقراطية، التي انضمت إليها تشكيلات وفصائل محلية من مختلف مكونات المنطقة، من القضاء على التنظيم في آخر معاقله ببلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي في شهر آذار/ مارس الماضي.
هذه التطورات كانت مقلقة لتركيا، التي لم تكفَّ عن التهديد بشن حملات عسكرية، عقب سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على كامل مناطق شرقي الفرات، الممتدة حتى الحدود العراقية السورية.
وبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، أنه سيسحب جنود بلاده من سوريا، ازدادت التهديدات التركية باجتياح المنطقة، ما سبب مخاوف لدى الأهالي من تكرار ما حدث في منطقة عفرين التي اجتاحها الجيش التركي بمؤازرة فصائل المعارضة السورية المسلحة.
وخلال الفترة الماضية شُكلت مجالس عسكرية محلية، في المناطق الواقع شمال وشرقي سوريا، لتستلم الجانب العسكري في مناطقها، حيث أُعلن عن تشكيل مجلس تل أبيض العسكري في السادس عشر من شهر حزيران/ يونيو الماضي.
الدبلوماسية الأمريكية لم تكن غائبة عن المشهد، حيث صرحت مراراً أنها تتفهم مخاوف تركيا، حليفتها في (الناتو)، بحماية حدودها الجنوبية، وفي نفس الوقت كانت تصرح أنها لن تتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية، حليفتها الرئيسية في حربها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش).
هذه الدبلوماسية الأمريكية أفضت للوصول إلى "الآلية الأمنية" التي أُعلن عنها مؤخراً، وجرى الإفصاح عن عدد من بنودها، فيما لايزال بعضها غامضاً، وبحسب تلك "الآلية الأمنية" تم تقسيم المنطقة الممتدة بين سري كانية/رأس العين وكري سبي/تل أبيض إلى ستة قطاعات، بطول /88/كم وبعمق يتراوح بين /5/ إل /14/كم لتسيير دوريات أمريكية تركية مباشرة، بموجب اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقوات سوريا الديمقراطية.

كما بينت "الآلية الأمنية" أن هذا العمق الممتد لـ /14/كم داخل الأراضي السورية، يشمل مناطق غير مأهولة بالسكان. وستدار من قبل المجالس العسكرية المحلية في كل من كرى سبي/ تل أبيض و سري كانيه/رأس العين، لتحل بدلاً عن وحدات حماية الشعب، التي ردمت عدداً من تحصيناتها على المنطقة الحدودية.