بيع الخردة باب جديد يطرقه موظفون ودمشقيون في سبيل تأمين حياتهم

دمشق- نورث برس

يقول سكان من أرياف العاصمة دمشق، إنهم لجأوا خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى جمع الخردة الخاصة بهم أمام منازلهم لبيعها، محاولين تأمين بعض المال لمساندتهم في معيشتهم، في ظل انهيار الدخل وتردي الأوضاع المادية.

ويتركز ذلك بشكل خاص في المناطق المهدمة التي عاد إليها أصحابها كمدينة دوما وداريا وبلدة السبينة، ومناطق أخرى كجرمانا والطبالة ومساكن برزة.

وشهدت الليرة السورية خلال الفترة الماضية انهياراً حاداً في قيمتها أمام العملات الأجنبية، حيث وصل سعر الصرف، السبت، 4000 ليرة مقابل الدولار الأميركي.

“رواتب لا تكفي”

وقال عماد الحسين 65) عاماً) وهو اسم مستعار لموظف حكومي متقاعد يسكن في حي جرمانا، جنوب شرق دمشق إن راتبه التقاعدي لم يعد يغطي تكاليف أدويته.

ومؤخراً، أحضر “الحسين” أشخاصاً من حارته ليساعدوه بتنظيف أرض دياره وإخراج كل الخردة إلى أمام باب البيت ليقوم ببيعها.

وأضاف: “لم أكن أعتقد أنني سأضطر يوماً لفعل شيء كهذا بعد أن عملت لصالح الدولة 35 عاماً.”

وذكر الموظف الحكومي المتقاعد أنه بات يبحث عن أي شيء يستطيع بيعه لسيارة الخردة، كما أنه يتواصل مع معارفه ليحضر الخرداوات التي لا تلزمهم.

وبحسب سكان من ريف دمشق فإن أسعار بيع الخردة تعتبر “جيدة” مقارنة مع الرواتب الحكومية، حيث لا يتجاوز متوسط الرواتب 60 ألف ليرة.

وقال فاضل العلي 52) عاماً) وهو اسم مستعار لموظف حكومي من بلدة السبينة جنوب دمشق، إنه استطاع خلال عمليتي بيع فقط من الخردوات أن يجني ما يقارب الراتب الذي يحصل عليه من وظيفته، وذلك دون جهد يذكر.

وأشار إلى أنه كان ينتظر أي سيارة لتتبرع بنقل الخردوات التي يملكها لمكان آخر ليتخلص منها، إلى حين سماعه بالأسعار الجديدة لمواد الخردة، “تفاجأت بالمبالغ التي أستطيع جنيها في حال قمت ببيع الخردة التي لا أحتاجها.”

“مبالغ جيدة”

ويبلغ سعر الكيلوغرام من الحديد  1500 ليرة، بينما يباع الكيلوغرام من النحاس 4500 ليرة.

وبحسب سكان محليين، فإن هناك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض شراء الخردة على الانترنت، إلى جانب بائعي الخردة الذين يتجولون في الحارات.

وقرر نظمي الحاج بكري (45 عاماً) وهو من سكان مساكن برزة، فرز الخردوات التي وضعها هو وجيرانه خلال السنوات الماضية على سطح البناية، بعدما علم أن بيعها يجني “مبالغ جيدة”.

وأشار “بكري” إلى أنه قرر مؤخراً أن يقوم بتنظيف السطح لتربية الطيور، “أحضرت أربعة عمال وبعد رؤية السطح وأغراضه أخبروني أنهم سينظفون السطح مجاناً مقابل أخذ ما يريدون من الخردة الموجودة فيه.”

وأضاف: “قررت أن ألغي تنظيف السطح وأقوم بفرز الخرداوات وبيعها بنفسي.”

وذكر حسن الأسعد (37 عاماً) وهو عامل نظافة في منطقة جرمانا أنهم سابقاً كانوا يجدون الكثير من الخردة في النفايات، وكان بيعها “يساعدنا على تأمين دخل إضافي، أما اليوم لا نجد إلا النايلون، الناس لم تعد ترمي أي شيء مصنوع من الحديد أو البلاستيك.”

وبات “الأسعد” يقصد خارج أوقات الدوام مناطق أخرى للبحث عن البلاستيك والكرتون وغيرها من الخردة، “لأن الراتب بدونها لا يكفي أسبوعاً.”

ولا يخفي عامل النظافة، حدوث مشاكل في بعض الأحيان بين عمال النظافة وجامعي النفايات المتنقلين، “لأنهم يتقصدون نكش النفايات وأخذ ما يريدون دون ترك شيء لنا في منطقتنا.”

ووجد حكمت نوري (47 عاماً) وهو من سكان حي الطبالة بمدينة دمشق، مهنة بيع الخردة مناسبة ومريحة لعمره، وخاصة أنه يمتلك سيارة يجوب بها الأحياء لجمع الخرداوات من السكان وبيعها إلى معامل الصهر.

وأشار إلى أنه بعد الغلاء المعيشي الكبير، لجأ لبيع الخردة، “هذا العمل يؤمن لي مبلغاً من المال لا بأس به.”

وذكر أن سعر الخردة يرتفع بسرعة كبيرة حتى أنه يتقصد أحياناً إفراغ السيارة بجانب بيته، منتظراً غلاء الأسعار لبيعها في مركز الجمع قبل نقلها لمعامل الصهر.

إعداد: زيد موسى – تحرير: سوزدار محمد