الرقة – نورث برس
يقول سكان وبائعو ألبسة في مدينة الرقة، شمالي سوريا، إن أذواق السكان مختلفة في أزيائهم، وإنهم يستطيعون اختيار ما يناسبهم على عكس سنوات سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وخلال سنوات سيطرتهم على المدينة بين العامين 2014 و2017، عمل مسلحو التنظيم على تقييد كثير من الحريات الشخصية للسكان، بما فيها ما يخص المظهر من نمط اللحية والشارب والألبسة.
“زي مفروض”
وفرض مسلحو “داعش” نمطاً من اللباس على جميع السكان، فكان اللون الأسود هو الوحيد المسموح به للنساء.
بينما توجب على الرجال تقصير ألبستهم تماشياً مع القميص المسمى بـ “الشيشاني” أو “القندهاري”، ناهيك عن عقوبات بسبب الأزياء الحديثة للشباب.
ويقول سكان إنهم يستطيعون الآن ارتداء ما يحلو لهم من أزياء تراثية تقليدية أو موضات حديثة، ما داموا ملتزمين حدود الآداب العامة لمجتمعاتهم.
لكن إبراهيم القاطع (55 عاماً)، وهو من سكان مدينة الرقة، قال إن بعض النساء في الرقة اعتدن ارتداء الزي الإسلامي منذ القديم، بينما تفضل أخريات الزي الشعبي.
ولم تسلم تلك الأزياء العربية المتوارثة لدى السكان، من منعها ومنع اللباس الشعبي للرجال زمن سيطرة تنظيم داعش الذي فرض النمط الواحد واللون الواحد للألبسة في مناطق سيطرته.
وروى “القاطع” أن عناصر داعش اعتقلوا ابنه ذات مرة لأنه خرج من منزله ببنطال جينز، “وخرج من السجن بعد دورة شرعية قاموا بفرضها عليه.”
وأضاف: “ألبسونا الجلابيات والبناطيل القصيرة، التي اعتبروها من شروط الدين الإسلامي ويجب على الجميع الالتزام بها.”
واستذكر حادثة جرت معه في سوق صرين، حين أراد أحد عناصر داعش الأجانب قص بنطاله لأنه ليس قصيراً، “تركني بعد أن أقنعته بأنني سأعدله في المنزل.”
ألوان وأنواع
وفي العام 2017، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي من طرد مسلحي “داعش” من المدينة.
وقال “القاطع” إن بعض النساء رمين الأغطية السوداء والبراقع عندما وصلت قوات سوريا الديمقراطية الى مشارف المدينة.
بينما بقيت أخريات تلبسنه بعد أن اعتدن عليه، وعادت غيرهن لألبسة تراثية شائعة في المدينة وريفها.
وكانت ورشات الخياطة النسائية شبه منعدمة أثناء سيطرة تنظيم داعش، إذ مُنع التعامل بين الخياط والزبائن من النساء.
وكان بعض الخياطين يشغّلون نساءهم معهم، حتى يتمكنوا من التعامل مع من يرتدن ورشاتهم.
وقال علاء الشيخ (35 عاماً)، وهو خياط أزياء نسائية في مدينة الرقة، إن لباس مدينة الرقة كان قديما من الجلابية والعقال عند الرجال، والجلابيات العادية وغيرها من الأزياء الشعبية المتنوعة للنساء.
واقتصر عمل “الشيخ” وخياطين آخرين على القماش الأسود طيلة سنوات سيطرة التنظيم.
وأشار إلى فرض اللباس الموحد على جميع النساء، “وكان مخاطاً على نمط واحد مؤلف من النقاب والعباية والتنورات والكفوف.”
لكنه يعمل حالياً في خياطة أقمشة من جميع الألوان لأزياء”الخرج” و”الزبنة” الشعبية، وحتى الأقمشة الصيفية مثل “الأسطنبولية”.
وتتميز بعض الأزياء البدوية والشعبية في المدينة بألوانها الزاهية، بينما تغطي المرأة مع معظم الأنماط رأسها بالهباري التي تغطي الشعر دون الوجه.
“لبسناها خوفاً”
وكان معظم الشباب يحبذون بناطيل الجينز الشائعة منذ عقود، لكن رجال التنظيم كانوا يفرضون عليهم لباساً فضفاضاً ويقولون إنه لباس السنّة.
ويصفون ارتداء بناطيل الجينز “بالمحرم”، فيفرضون دورة شرعية على المخالفين لتعلم شروط اللباس لديهم.
وقال مقداد الحمادي (21 عاماً)، وهو من سكان الرقة، إن الشباب لم يكونوا يحبون ارتداء الألبسة الفضفاضة المفروضة عليهم.
وأضاف: “كنا نلبسها مجبرين خوفاً.”
وطيلة سيطرة التنظيم على المدينة اختفت بناطيل الكتان والقمصان العادية والألبسة الرياضية والبيجامات في شوارع الرقة.
وأضاف: “كنا نشتهي أن نواكب الموضة، لكن كنا نتكيف مع قوانينهم قسراً لتفادي المساءلة.”