“رجاء” فتاة سورية رسمت الحرب ملامح لوحاتها

نورث برس – إدلب

ورقة صغيرة، أقلام وألوان، بأدوات بسيطة وإمكانيات قليلة توثق رجاء الأسعد وهي فتاة في مقتبل العمر، أحداثاً من الحرب السورية، لتبقى لوحاتها شاهدة على وحشية القصف والدمار.

“رجاء” من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، معلمة للغة الإنكليزية، كانت من أوائل الفتيات اللواتي شاركن في المظاهرات السلمية في مدينتها، لكن عرف عنها حبها للرسم منذ طفولتها وهو ما تشهده جدران منزلها ودفاترها الدراسية.

تحول في التوجهات

لم تكن الفتاة تعلم أنها ستستخدم موهبتها لتوثيق دمار بلدها ومدينتها فطغى اللون الأحمر على معظم لوحاتها لكونه اللون الوحيد الذي يعبر عما يحصل في سوريا.

بدأت “رجاء” بتوثيق الأحداث اليومية، وركزت على إظهار آلام السوريين، فرسمت عن المعتقلين في السجون، كما تناولت الواقع الاجتماعي، وجسدت عبر رسوماتها الصعوبات التي تواجه الأطفال في مسيرتهم التعليمية، بالإضافة لواقع المرأة وما تمر به من صعوبات يومية.

تقول الفتاة الطموحة أنها أرادت المشاركة في الحراك الشعبي منذ بداية اندلاعه في البلاد عام 2011، وكانت فكرة الرسم أول ما فكرت به حيث أنها لم تكن تستطيع المشاركة بمجالات أخرى بسبب التضييق الأمني الكبير من قبل مخابرات الحكومة.

تجهد “رجاء” برسم كل حدث يقع في سوريا كالمجازر والتهجير القسري وسياسة التدمير التي يتبعها “النظام” للسيطرة على المناطق التي خرجت من قبضته.

وترسم لوحاتها على الأوراق الصغيرة لأنها أقل تكلفة من اللوحات المخصصة بسبب قلة المعدات وضعف الإمكانيات وهو أبرز العوائق التي تواجهها.

وتعمل رجاء مدرسة للغة الإنكليزية بمعهد الكندي، بالإضافة إلى عملها مع عدة فرق إغاثية في الشمال السوري، إذ بدأت توسع نشاطاتها بعد خروج مدينتها عن سيطرة حكومة دمشق، لتكون أكثر فاعلية مما يتيح لها المشاركة بمجالات مختلفة.

“الرسم بالنسبة لي موهبة وهواية. في طفولتي كانت رسوماتي تقتصر على المناظر الطبيعية وسط تشجيع عائلتي لأنمي مهارتي في هذا المجال، ولكن المشجع الأكبر الذي دفعني للمثابرة هي الأحداث والحرب التي عشناها ونعيشها في كل لحظة، قصف الطائرات والنزوح والمجازر التي يرتكبها النظام بشكل يومي.”

تدريس بطريقة الرسومات

أكثر ما ساعد “رجاء” لإتقان الرسم هو طبيعة عملها كمدرسة، فتعمل على رسم الوسائل التعليمية للطلاب لإيصال المعلومة بسهولة، وبدأت تتدرب على أخذ كورسات الرسم عن طريق الإنترنت كالتظليل وطريقة رسم الوجه، إضافة لعملها على تطبيق الدروس عن طريق رسم لوحة لكل جلسة تدريبية.

على طول الحائط في غرفتها المتواضعة تعلق رجاء رسوماتها، والتي تمثل بمجموعها الحراك الشعبي، لا سيما أنها جسدت من خلالها آفات الحرب السورية.

تعبر رجاء عما يجول بداخلها بالرسم حيث أصبحت الألوان واللوحات هي أكثر الأشياء المحببة لديها لأنها ترى فيها راحتها النفسية “لا أمل من الرسم فهو المتنفس الوحيد بالنسبة لي. الرسم وسيلة أعبر بها عن أفكاري ورأيي. لقد أصبحت حياتي أكثر متعة بعد إتقاني فنون الرسم.”

وشاركت رجاء في عدة معارض كان أهمها مشاركتها في معرض الكندي في مدينة معرة النعمان والذي حصلت فيه على مراكز متقدمة، وتسعى الآن لتحقيق حلمها في إنشاء معرض خاص بها في الشمال السوري، وتأمل من خلاله أن تلقى لوحاتها رواجاً واسعاً لإيصال رسائلها للعالم أجمع، كما تقول.

توثيق للحياة اليومية

لكن لم تقتصر لوحات “رجاء” على توثيق الدمار والتشريد، بل تطرقت من خلالها إلى تحدي القيود الاجتماعية وتسليط الضوء على القضايا المعيشية في منطقتها.

في إحدى لوحاتها ثمة امرأة ملثمة تبكي من رؤية المجتمع النمطية بمنطقتها للمرأة المشاركة في المجالات المختلفة، إذ تعد هذه “الظاهرة” من أبرز العوائق التي تواجه النساء في الشمال السوري، بحسب رجاء.

ومثلها مثل آلاف السكان تهجرت الفتاة من معرة النعمان وذلك بعد تعرض منزل عائلتها للدمار وسيطرة “النظام” على المدينة، لتستقر في الشمال السوري مع أقرانها من النازحين ممن حرمتهم الحرب الاستقرار والمأوى.

لكن نزوحها شكل دافعاً لمتابعتها فن الرسم وتعبيرها عن مدى المعاناة التي يعيشها السكان.

في إحدى لوحاتها ثمة امرأة ملثمة تبكي من رؤية المجتمع النمطية بمنطقتها للمرأة المشاركة في المجالات المختلفة، إذ تعد هذه “الظاهرة” من أبرز العوائق التي تواجه النساء في الشمال السوري، بحسب رجاء.

ومثلها مثل آلاف السكان تهجرت الفتاة من معرة النعمان وذلك بعد تعرض منزل عائلتها للدمار وسيطرة “النظام” على المدينة، لتستقر في الشمال السوري مع أقرانها من النازحين ممن حرمتهم الحرب الاستقرار والمأوى.

لكن نزوحها شكل دافعاً لمتابعتها فن الرسم وتعبيرها عن مدى المعاناة التي يعيشها السكان.

وتقول: “على الرغم من ظروف الحرب الدائرة، والظلام الذي يخيم علينا، لدينا أمل في أن نحيا لنكافح من أجل الحرية المسلوبة التي سلبها النظام السوري وحكمه الطائفي.”

إعداد: سمير عوض – تحرير: حمزة همكي