خاص – المنطقة الآمنة.. عودة “من لم تتلطخ أيديهم بالدماء” والمجلس المدني يواظب في دوره الإداري (القسم الرابع)
شيروان يوسف – NPA
يتخوف أهالي منطقتي سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/تل أبيض من بند "عودة اللاجئين" في اتفاق "الآلية الأمنية" في شمال وشرقي سوريا.
و"الآلية الأمنية" اتفاق توصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية مع تركيا، لمنع أيّ تصادم بين الأخيرتين والحفاظ على الاستقرار في شمال وشرقي سوريا.
وكانت قد التزمت قوات سوريا الديمقراطية بتنفيذ الاتفاق المبرم من خلال سحب ثلاث مجموعات "وحدات حماية الشعب" من نقاط تمركُزها على الحدود, وردم الأنفاق في ثلاث نقاط حدودية مع تركيا, الأسبوع الفائت.
منطقة آمنة
وكانت قد اتفقت الأطراف على عودة اللاجئين إلى "المنطقة الآمنة"، ما أثار مخاوفاً لدى أهالي المنطقة، حول الغموض في تنفيذ هذا البند من "الاتفاقية".
ويقول لقمان عيسى، المسؤول في المجلس المدني لسري كانيه لـــ"نورث برس إن ملف اللاجئين "واضح جدا بالنسبة لنا"، مضيفا إنهم كإدارة هذه المنطقة "لم نغلق بابنا يوما أمام أهالي المنطقة الذين نزحوا إلى دول الجوار وإلى كافة دول العالم، وليست لدينا مشكلة في استقبالهم وتأمينهم في هذه المنطقة".
ويشير المسؤول المحلي "منطقتنا آمنة منذ أكثر من سبع سنوات, بعد أن طردنا المجموعات المسلحة وجبهة النصرة من مدينتنا، واستقبلنا الكثير من مواطني كافة المناطق السورية، ولكن منطقتنا صغيرة ولا تتحمل عبئا أكبر".
هدف سياسي
أصبحت قضية اللاجئين الذين قارب عددهم أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا، وفق إحصائيات الأمم المتحدة, مادة تستغلها الأحزاب التركية لغايات سياسية. وهو ما بدا واضحاً بقوة خلال انتخابات البلدية الأخيرة في مدينة اسطنبول.
ويقول المسؤول في المجلس المدني لسري كانيه: "لا نستطيع استقبالهم جميعا، كما إن تركيا تُسيّس في موضوع اللاجئين".
ويؤكد: "نحن نستطيع استقبال كافة أبناء منطقتنا فقط من اللاجئين الموجودين في تركيا".
وبحسب لقمان عيسى "تركيا تُريد تغيير ديمغرافية المنطقة مثلما فعلت في عفرين، نحن لا نريد أن تتكرر هذه السياسة مرة أخرى في مناطقنا".
ويجزم بالقول: "لا نستطيع استقبال من تلطخت أيديهم بالدماء في الهجمات التي حصلت في السنوات السابقة على منطقتنا".
سري كانيه
"سري كانيه" كانت أول مدينة في شمال وشرقي سوريا تهاجمها المجموعات المسلحة باسم "الجيش السوري الحر"، والتي قَدِمَت عبر الحدود التركية أواخر عام 2012، بحسب قيادات عسكرية في سري كانية.
ويقول عماد منو، قائد مجلس سري كانية العسكري (في تصريحات إعلامية سابقة لنورث برس) إن تلك المجموعات كانت تترأسها كتيبة غرباء الشام التابعة لجبهة النصرة/القاعدة، "والمسلحون الذين احتلوا المدينة لم يكونوا سوريين فقط".
وتضم المدينة تنوّعاً مجتمعياً من كرد وعرب وسريان وأرمن وشيشان ومسيحيين ويزيديين ومسلمين.
ويردف لقمان عيسى، المسؤول في المجلس المدني لسري كانيه "قدمنا في حربنا على الإرهاب منذ بداية الأزمة السورية أكثر من /11/ ألف شهيد و/22/ ألف جريح".
ويضيف: "لا يمكن لأهالي المنطقة الذين قدّموا هذه التضحيات أن يستقبلوا من تسبب في ارتكاب الجرائم".
ويذكر عيسى أنهم عانوا كثيرا من بطش الإرهاب منذ هجمات "الجماعات المسلحة" عليهم بدعم من الحكومة التركية، "وبعدما قاومنا تلك المجموعات نرى التهديد نفسه من قِبل تركيا الآن للهجوم على مناطقنا الآمنة".
ويقول "مساعدة تركيا للمجموعات المسلحة وعلى رأسهم جبهة النصرة/القاعدة أثناء هجمات 2012-2013 على سري كانيه تُثير مخاوف كثيرة في الوقت الحالي بأن تتكرر تلك الحرب مرة أخرى، وكذلك هجمات تركيا على عفرين في 2018 أيضا وتهجير أهاليها يزيد من هذه المخاوف من أن تهاجم تركيا على منطقتنا هذه التي نحميها منذ أكثر من ثمانية سنوات".
دور رئيسي
يقول لقمان عيسى، عضو اللجنة المدنية في سري كانيه للتنسيق مع التحالف الدولي, إن دور مجلسهم المدني في فترة تطبيق اتفاق "الآلية الأمنية" وما بعده، هو "دوري رئيسي في إدارة هذه المنطقة الآمنة الموجودة من قبل، ومجالسنا المحلية تتكون من أهالي سري كانيه".
وهناك لجنة مدنية خاصة تنسق مع التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة الخارجية الأمريكية بشكل مباشر، بحسب المنسق المحلي.
"داعش"
يقول المنسق المحلي مع التحالف الدولي، لقمان عيسى، إن هدفهم في "الحفاظ على المكتسبات التي حققناها بعد طرد تنظيم داعش من المنطقة والحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة متطابقة مع الأهداف الأمريكية"
ويقول إنهم يثقون بالوساطة الأمريكية في التفاوض مع تركيا, ووجود قواتها على الأرض ضامن أساسي لنجاح هذا الاتفاق، "ولكننا نسعى لأن تكون لهذه المنطقة هويتها السياسية لضمان حقوق المكونات المجتمعية الموجودة في المنطقة".
ويضيف: نحن لا نريد أن يعود تنظيم داعش إلى المنطقة ونريدها أن تبقى مستقرة، ومجلسنا هو الضامن لعدم عودة التنظيم إلى المنطقة من خلال قواتنا الأمنية الداخلية ومجالسنا الإدارية التي تضم كافة فئات المجتمع".
ويُطالب لقمان عيسى بإشراف واعتراف دولي في هذه المنطقة لعدم عودة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ويقول: "ما حققناه على الأرض في الحرب على الإرهاب، يجب أن يكون هناك اعتراف سياسي به".
هدف استراتيجي
يكمل عيسى حديثه قائلاً "الجهود التي نقدمها لتحقيق "الآلية الأمنية" ما هي إلّا خطوة أولى في تحقيق هدفنا الاستراتيجي في تحقيق وإيجاد حل للأزمة السورية".
ويضيف "تدخل تركيا في الأراضي السورية، لا يخدم الحل ويزيد من استمرار هذه المقتلة".
علاقة قوية
وكان قد اجتمع وفد من التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية في الثاني والعشرين من الشهر الجاري مع المجالس المدنية والعسكرية ومع قوى الأمن الداخلي في سري كانيه.
وقال الضابط المسؤول عن القوات الأمريكية لأمن الحدود السورية-التركية، اسكندر ديب، في الاجتماع، إن "الإدارة الأمريكية بيّنت لنا خطة طويلة الأمد لمحاربة تنظيم داعش، لذلك لا أتوقع انسحابنا في وقت قريب".
وأكد ديب "علاقتنا مع قوات سوريا الديمقراطية سكون علاقة مبنية على الثقة والشفافية، وحتى في جميع الظروف سوف أقول لكم الحقيقة وإن كنت غير مرتاح فيها أيضاً".
وأضاف: "قوات سوريا الديمقراطية أيضا صريحة معنا وهذا يبني علاقة قوية".