سكان أرمن عائدون إلى الرقة: ترميم المنازل أكبر تحد أمام عودة العائلات

الرقة – نورث برس

يقول سكان أرمن عادوا إلى مدينة الرقة، شمالي سوريا، إن ترميم المنازل المدمرة هي أبرز التحديات التي تواجه عودة عائلات الأرمن النازحة إلى مدن سورية أخرى، بينما يتوقعون عدم عودة عائلات أخرى لمتابعة تعليم أبنائها في الجامعات والمحافظة على أعمالهم ووظائفهم.

وشهدت مدينة الرقة عودة عائلات قليلة من الأرمن منذ طرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على يد قوات سورية الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي عام 2017.

حقبة قاسية

ويقدر هاكوب سركسيان (٦٤ عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب محل لقطع غيار في المنطقة الصناعية بالرقة، عدد الأرمن الأرثوذوكس في المدينة قبيل دخول تنظيم الدولة الاسلامية إليها بـ٨٠ عائلة.

وكان معظم أفراد العائلات الأرمنية في الرقة يعملون في وظائف حكومية إلى جانب ممتهني الأعمال الصناعية.

وفرض مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية شروطاً قاسية على إقامة الأرمن والمسيحيين عموماً في المنطقة.

“فإما أن يدخلوا في الإسلام أو يدفعوا الجزية أو يخرجوا من بلاد المسلمين”، على حد ما ينقله “سركسيان” الذي بقي في المدينة ودفع الجزية للحفاظ على ممتلكاته.

وقال لنورث برس إنه أُجبر، بعد إخراج عائلته إلى حلب، على دفع ١٧ غراماً من الذهب سنوياً، وعلى مدار ثلاث سنوات من سيطرة التنظيم بين عامي 2014 و2017.

لكن غالبية المسيحيين وأقليات أخرى فروا من الرقة حين تم تخييرهم بين اعتناق الاسلام أو دفع الجزية أو الرحيل تحت طائلة القتل.

كنائس مدمرة

ويرى “سركسيان” أن فكرة العودة ما تزال بعيدة عن أذهان بعض المسيحيين ممن فقدوا عوامل ارتباطهم بمدينة الرقة بعد دمار كنائسهم وفرض الفصائل المسلحة ثم تنظيم داعش الصبغة الإسلامية المتشددة على المدينة.

وكانت مدينة الرقة تشتهر بتنوعها القومي والديني وتمازج مكوناتها المتعايشة من عرب وكرد وشيشان وشركس وأرمن.

وبحسب بلدية الشعب في الرقة، فإن عدد سكان المدينة عموماً يزداد يوماً بعد آخر، حيث يصل تعداد قاطنيها حالياً إلى أكثر من 400 ألف شخص.

وتعمل مؤسسة الشؤون الدينية في مجلس الرقة المدني، حالياً، على إعادة ترميم كنيسة “الشهداء” للأرمن الكاثوليك.

وفي العام 2014، حول عناصر داعش الكنيسة إلى مكتب دعوي بعد إزالة الرموز الدينية المسيحية ووضع شعاراتهم عليها، وقد تدمرت نهائياً أثناء المعارك التي دارت بين قوات سوريا الديمقراطية وعناصر التنظيم عام 2017.

منازل مدمرة

ويقول عائدون إلى المدينة أن أصحاب ممتلكات من الأرمن أو من يعملون في المنطقة الصناعية عادوا، بينما بقي آخرون موظفون في مناطق سيطرة الحكومة في حلب ودمشق ومدن أخرى.

وقالت ماري (٦٥ عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة من الأرمن الكاثوليك، إن معظم الأرمن الذين تركوا مدينة الرقة خلال سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على المدينة لم يعودوا إليها.

وأضافت: “لقد استقر بعض أقاربي في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بينما البعض الآخر إلى بلدان أوروبية.”

وترى ماري أن الدمار الذي حل بمنزلها والمنازل الأخرى لم يبقِ “مغريات للعودة.”

ويعتقد من عادوا إلى الرقة أن بعض عائلات الأرمن النازحة ستعود إلى المدينة إذا ما تبنت جهة ما مساعدتهم في ترميم منازلهم المدمرة، لا سيما مع استقرار الأوضاع الأمنية حالياً.

وقالت أم جورج (٧٢ عاماً)، وهي سيدة من الأرمن الكاثوليك، إن عدد عائلات الأرمن العائدة إلى الرقة بعد طرد تنظيم داعش منها حوالي 35 عائلة.

وتتفق “أم جورج” مع ماري في أن من عادوا من الأرمن هم أصحاب ممتلكات وأعمال ورؤوس أموال، “بينما لم يعد موظفون وأصحاب دخل محدود بسبب عدم قدرتهم على بناء بيوتهم “
وتعيد سبب بقاء عائلات الأرمن في المدن الكبرى إلى “متابعة تعليم أبنائهم في الجامعات وارتباطهم بوظائفهم.”

إعداد: أحمد الحسن- تحرير: حكيم أحمد