مسرحيون: الفروع الأمنية واللجان الرقابية الحكومية جعلت السويداء “مدينة بلا مسرح”

السويداء – نورث برس

يقول مسرحيون في السويداء، جنوبي سوريا، إن الفروع الأمنية واللجان الرقابية التابعة للحكومة السورية غيّبت النشاطات المسرحية في البلاد من خلال احتكار المسارح وحصر العروض بأعمال بعيدة عن الواقع والسكان.

ويرى نقاد ومخرجون أن منع الأعمال التي تلامس هموم السكان وأحلامهم ، حال دون إنجاز عروض مسرحية جادة، وأدى إلى تقييد المسموح بمفاهيم السلطة.

“ثالوث رقابة”

وقال تيسير العباس (66 عاماً)، وهو كاتب و مخرج مسرحي يقيم في السويداء، إن الابداع المسرحي، تمثيلا كان أم نصاً، هو ابن بيئته السياسية، “فإن غابت الحرية الفكرية وحق التعبير عن الرأي غاب معها المسرح.”

وأضاف: “ثالوث الرقابة الحكومية في دمشق (لجنة قراءة النصوص ولجنة المشاهدة ومكان العرض) هو من يتحكم بقبول النص المسرحي أو رفضه بحسب معايير سلطوية تنبع من توجهات الحكومة .”

وفي العام الفائت، أوقفت الأجهزة الأمنية الحكومية عرض مسرحية (الفانوس أو أنا مواطن” من تأليف وإخراج “العباس” ، على خشبة مسرح التربية بالسويداء، بعد العرض الثاني.

وقال الكاتب والمخرج إن فرع الأمن السياسي بالسويداء أوقفه يومين ثم أطلق سراحه، “بحجة الخروج عن النص الذي تمت الموافقة عليه سابقاً.”

وأضاف أن المسرحية “تحدثت عن قضايا فساد في وظائف الدولة ولم يرغبوا أن نتابع عرضها.”

“أعمال أراكوزية”

ويرى فوزات رزق (70 عاماً)، وهو كاتب روائي وناقد مسرحي يعيش في فرنسا منذ هجرته العام الفائت، أن عظمة أي مدينة تقاس بعدد المسارح الموجودة فيها، “والمدينة التي لا مسرح فيها لا حياة فيها.”

 وذكر أن السويداء شهدت حركة مسرحية نشطة بقيادة نادي الفنون الجميلة في ستينات القرن الماضي، لكن تلك النشاطات أُقفلت بعد انقلاب الثامن من آذار عام 1963.

ومنذ سبعينات القرن الماضي، بدأت ملامح محاربة الحكومة للمسرح الإبداعي، حين قررت الحكومة آنذاك إغلاق مسرح “اللواء السليب “والذي كان مقره مدينة السويداء، بالإضافة لإغلاق مسرحي “سينما سرايا ” و”نادي الفنون الجميلة.”

وأضاف “رزق” أن الأعمال المسرحية الحالية مقيدة بمفاهيم السلطة ولا تخرج عن كونها “أراكوزية لا تحاكي واقعنا.”

ويعتقد الناقد أن الفن المسرحي بالسويداء بحاجة إلى “فضاءات أرحب من الانعتاق الفكري  الغائب عنها حالياً.”

“تسييس واحتكار”

وأعاد هزار نوفل (38 عاماً)، وهو ممثل مسرحي يقيم في مدينة السويداء، غياب النشاط المسرحي خلال العقد الماضي إلى تردي الوضع المعيشي للكثير من الفنانين.

وأضاف لنورث برس: “لم يجدوا في الكتابة المسرحية والتمثيل ما يسد رمق عائلاتهم، فتوجهوا إلى أعمال أخرى.”

واعتزل “نوفل” العمل المسرحي منذ سنوات، “بسبب ضعف النصوص المسرحية المقدمة والقيود الرقابية القاسية تجاه الكتاب.”

وما يزال مسرحيو السويداء يتذكرون أعمالاً كان لها تأثيرها خلال العقود السابقة مثل “الرسم بالبنادق ” و”من أجل فلسطين” و”النار في غصن الزيتون”، والتي عانى ممثلوها ومخرجوها من الملاحقات الأمنية، بحسب ناقد مسرحي في السويداء، طلب عدم كشف هويته.

ويرى “نوفل” أن الحكومة السورية جعلت المسرح “مسيساً” حين احتكرت عرضه في مسرح اتحاد شبيبة الثورة.

إعداد: سامي العلي – تحرير: حكيم أحمد