عملية إسرائيلية مُزدوجة في بيروت ودمشق

رام الله – NPA
على الرغم من أن سياق وشكل الإعلان الإسرائيلي عن القصف الذي طال هدفاً إيرانياً جنوب دمشق الليلة الماضية، كان مُغايراً عن المرات السابقة، إلا أن مراقبين إسرائيليين يؤكدون لـ "نورث برس" أن هذا القصف لم يختلف كثيراً عن عمليات إسرائيل التي تعمل على تحييد أي نشاط ايراني في سوريا منذ سنوات، كلما توفرت لدى تل ابيب معلومات مؤكدة ودقيقة عن شيء غير مقبول لها.
في هذه المرة، الغرض من الإعلان الإسرائيلي عن إحباط وإفشال مخطط لـ"فيلق القدس" الإيراني لإطلاق حوامات متفجرة ضد إسرائيل، هو ردع الإيرانيين من تكرار هذه الأنشطة, ولكن في سياق طويل من الحرب على ايران ضمن إستراتيجية "ما بين الحروب"، كما يقول الباحث الإسرائيلي في معهد "بيجن -السادات" مردخاي كيدار لـ "نورث برس".
ويعلّق كيدار على سؤال لـ "نورث برس" حول مصلحة الإيرانيين أن ينفذوا هجوماً من هذا النوع ضد إسرائيل في هذا التوقيت, فيُوضح أنه كانت لهم محاولة سابقة، إذ أسقطت إسرائيل في الأشهر الماضية طائرة إيرانية مسيرة حاولت تنفيذ هجوم.
ويعتقد كيدار أن العملية التي نفذتها إسرائيل في سوريا تدل على "الإمكانيات الإستخباراتية لإسرائيل على رصد محاولات بهذا الإتجاه وهذا مدهش، ولكن لا أحد يتكلم عن هذه القدرات!".
وتطرق مردخاي كيدار إلى سر المعلومة السريعة التي تصل إسرائيل عن كل نشاط إيراني في سوريا والعراق قبل أن تنفذ هجوماً مباغتاً ضد هدف ما، مبيناً أن هذا يعود أيضاً إلى تعاون وثيق بين إسرائيل ودول بالمنطقة ضد إيران ومخططاتها.
ولم يوضح كيدار ما إذا كان هذا التعاون الوثيق قد ترجم بغرفة عمليات مشتركة، لكنه اوضح أنه كان يوجد مثل هذه الغرفة في الأردن فيما يخص محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ولكن بعد إنهاء هذا التنظيم، لم يعد هناك حديث عن الغرفة المشتركة. غير أنه يفترض لو كان هناك مثل هذه الغرفة المشتركة، فإنها حتماً تضم إسرائيل والسعودية والبحرين والإمارات والأردن ومصر وأمريكا وبريطانيا.
من جهته، استهل الخبير العسكري اللبناني اللواء المتقاعد أمين حطيط حديثه لـ"نورث برس"، بالتعليق على إسقاط طائرتين مُسيّرتين إسرائيليتين فوق الضاحية الجنوبية لبيروت والخاضعة لنفوذ حزب الله، موضحاً أنهما هجوميتان ويمكن تزويد هاتين الطائرتين بأسلحة وصواريخ، ما يعني أن وجودهما كان لغرض تنفيذ عملية اغتيال ما.
ويعتبر اللواء حطيط أن "إسقاط هاتين الطائرتين يؤكد أن منظومة الدفاع الجوي التي تمتلكها المقاومة هي فاعلة وجدّية وقادرة على مواجهة أي خطر أو تهديد وبثقة تامة". ويبين أن هذا الأمر يحصل لأول مرة في السماء اللبنانية وبهذه الطريقة.
وهذا سيترك تداعياتٍ طويلةٍ وسيعيد خلط الأوراق ويفرض على إسرائيل وقائع مختلفة، بحسب اللواء حطيط.
وحاول الخبير العسكري اللبناني أن يربط بين واقعة بيروت، وقصف جنوب دمشق، مشيراً إلى أن "إسرائيل تريد من العملية المزدوجة في دمشق وبيروت أن تربط بين العمليتين وكأنهما عملية واحدة كي تبرر اعتداءها تحت عنوان إفشال العملية التي كان يعدها الحرس الثوري الإيراني، وذلك كنوع من الدعاية الإنتخابية لبنيامين نتنياهو قبل اسبوعين من انتخابات الكنيست؛ وطرح نفسه بأنه واع للمخططات الإيرانية".
بكل الأحوال، يعتقد اللواء حطيط أن العملية الإسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية قد فشلت، وكذلك الحال بالنسبة لعملية دمشق، معتبراً أن 90 بالمئة من الصواريخ الإسرائيلية تم تفجيرها بالجو قبل أن تصل هدفها. ويرى اللواء حطيط أن الهدف من العملية الإسرائيلية في سوريا هو "التشويش على إنتصار الجيش السوري في ريف حماة الشمالي، والإيحاء للأتراك بأنها لن تتخلى عن التزاماتها تجاههم فيما يخص المشهد السوري"، على حد قول اللواء حطيط.
ويصف الخبير اللبناني اللواء أمين حطيط إدعاء إسرائيل حول مخطط إيران لتنفيذ هجوم بحوامات مفخخة ضدها، بـ"الكذبة الإسرائيلية"؛ ذلك أن ما أسماه "محور المقاومة" يسير وفق "برنامج عمل" وبالتالي فإن إيران لها جدول أولويات مختلف ولا يمكن لها أن تُناثر أوراقها بشكل يفقدها تركيزها على الأمر الرئيسي بالنسبة لها. ويعني هذا، بحسب اللواء حطيط، أن طهران غير معنية في هذا الوقت أن تنفذ أي هجوم ضد إسرائيل.
إلى ذلك، ركّزت الصحافة الإسرائيلية في أعدادها الصادرة، الاحد، على هجوم دمشق الأخير. واعتبرت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان الهجوم بمثابة رسالة مزودجة إلى إيران والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.