تحويلات نقدية صغيرة من الخارج تدعم القدرة الشرائية لعائلات في حلب
حلب – نورث برس
تلعب المبالغ المالية التي يرسلها سوريون يقيمون خارج البلاد إلى عائلاتهم في حلب، شمالي سوريا، ومناطق أخرى من البلاد دوراً في التغلب على الظروف الاقتصادية والأزمات المعيشية المتفاقمة.
وتعتبر العائلة السورية التي لديها لاجئ أو مغترب يرسل لها مصروفاً شهرياً أفضل حالاً من غيرها وسط الغلاء غير المسبوق مع استمرار تدهور قيمة الليرة السورية.
“مورد معيشة”
وقال محمد الحديدي، وهو من سكان حي الفردوس في حلب، إنه 100 دولار أميركي وسطياً هي قيمة ما يرسله له ولداه كل شهر،”المبلغ عادي لكنه مورد معيشتي الوحيد.”
ويعمل أحد أبناء “الحديدي” في ورشة خياطة في تركيا بينما يشتغل الآخر في إحدى المزارع في لبنان، “لا يستطيعان توفير مبلغ أكبر فالعمل في تركيا شاق والأجور بسيطة، وكذلك لبنان.”
وتتألف العائلة، التي تسكن في حلب المدينة، من ستة أفراد سيعانون كثيراً “إن تأخر إرسال المبلغ أو انقطع”، على حد قول الأب.
وفي الخامس والعشرين من شباط/فبراير الفائت، احتلت سوريا مركزاً متأخراً في قائمة مؤشر الأمن الغذائي للعام 2020 الصادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية لمجلة “إيكونوميست” البريطانية.
وسجّلت سوريا المرتبة 101 في قائمة تضم 113 دولة، حيث يعاني نسبة كبيرة من سكانها من انعدام الأمن الغذائي وفقاً لتقاريرٍ دولية.
ويعاني 12.4 مليون شخص في سوريا، من انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لنتائج تقييم الأمن الغذائي الذي أُجري أواخر 2020، بحسب تقرير لبرنامج الأغذية العالمي
صعوبات للتحويل
وقال علي الشيخ (55 عاماً)، وهو موظف متقاعد يسكن في حي السكري في المدينة، إن ابنته المقيمة مع زوجها في هولندا ترسل لها 100 يورو كل شهر.
ويعتمد “الشيخ” على قيمة هذه الحوالة لتدبّر معيشته وزوجته ومصاريف ابنته الدراسية في الجامعة.
وأضاف: ” لكن عملية التحويل تمر بمصاعب جمة فهي لا تستطيع التحويل بشكل رسمي بسبب أسعار الصرف المفروضة من البنك المركزي.”
وتبلغ قيمة مئة يورو في الأسواق أكثر من 400 ألف ليرة سورية، بينما يحتسبها المصرف المركزي السوري حوالي160 ألف ليرة سورية.
وبحكم الارتفاع المستمر لأسعار صرف العملات الأجنبية، يقوم أصحاب مكاتب الحوالات المالية بإجراءات جديدة أثناء تسليم الحوالات سواء بعد اتفاق مع المرسل أو دونه بحجة تذبذب أسعار الصرف.
بينما تحظر قرارات سابقة للحكومة التعامل بغير الليرة السورية، وتتضمن ملاحقة مستلمي الحوالات المالية خارج شركات الصرافة المعتمدة.
دور في الأسواق
ويعتقد مختصون أن بإمكان هذه المبالغ المالية الوافدة تحريك الأسواق من خلال تأثيرها على القدرة الشرائية، وهو ما سيعود بالفائدة على السوق والعاملين فيه عموماً.
وقال محمد الحموي (36عاماً)، وهو خبير اقتصادي يعيش في حلب، إن التحويلات المالية التي يرسلها المقيمون خارج البلاد لذويهم تحسّن القدرة الشرائية للعائلات في ظل تدني الأجور وتدهور قطاع الصناعة والأعمال في المدينة.
وأضاف أن تلك المبالغ تلعب دوراً كبيراً في تنشيط حركة الأسواق، وتسهم بالتالي في دفع
عجلة الصناعة المحلية التي تعتمد عليها عائلات أخرى.
وما تزال كثير من المنشآت الصناعية والمعامل في مدينة حلب وأريافها القريبة عاجزة عن العودة للعمل وإطلاق عجلة الإنتاج، نتيجة ما تعرضت له من دمار وسرقة خلال الحرب.
ويرى “الحموي” أن هذه الحوالات يمكن أن تسهم في تحسين البنية الاقتصادية ودعم المشاريع
الصغيرة والمتوسطة إن قامت الحكومة بتنظيم عمليات التحويل وإزالة كل العراقيل أمامها.