“حبيسات خيام”.. نازحات في ريف حلب يصفن أحوالهن وسط التقاليد الاجتماعية

أعزاز- نورث برس

ترى نازحات في ريف أعزاز شمال مدينة حلب، شمالي سوريا، عانين من أزمات عائلية وخسارات شخصية خلال سنوات الحرب، أن القيود التي يفرضها المجتمع على النساء تمنع حل مشكلاتهن المعيشية والحياتية.

وتعتبر هؤلاء النساء أن بإمكانهن الحصول على ظروف أفضل لحياتهن لو حصلن على فرص لإثبات ذواتهن في التحصيل العلمي وميادين العمل.

أبواب مقفلة

وقالت نهال العيسى (25 عاماً)، وهي من نازحي ريف حلب الغربي إلى منطقة أعزاز، إنها ما تزال “حبيسة الخيمة.”

وأضافت: “أمسيت أرملة بعد مقتل زوجي في إحدى الغارات عام 2018، انتقلت مع أطفالي الثلاثة رفقة بيت أهلي إلى مخيم.”

وباءت كل محاولات “العيسى” لإقناع أهلها في التقدم لامتحانات الثانوية بالفشل، “فالأرملة من وجهة نظرهم تهتم بأطفالها وحسب.”

وبعد إصرار، كان البديل هو ارتياد مسجد المخيم لتعلم تجويد القرآن، لتعلّم هي بدورها فيما بعد الأطفال قراءة السور القصيرة.

تقول: “هكذا أبقى حبيسة خيمتي ما بين تربية أطفالي والذهاب للمسجد.”

وتضم مخيمات نازحين بريف مدينة أعزاز على الحدود السورية التركية ما يقارب 1.500 عائلة.

قرارات مفروضة

ولم تكن تهاني بري (22 عاماً)، وهي نازحة من مدينة حلب إلى أعزاز بريفها الشمالي، تصدق أنها ستستطيع العودة لدراستها وإتمامها بعد مرورها بمراحل زواج وإنجاب وطلاق لم تمنح فيها الحق باتخاذ أي قرار.

وقالت لنورث برس أن الأمر بدأ مع تقاليد عائلتها حين كانت في الخامسة عشرة، إذ لم يكن بالإمكان إبداء رفض الزواج الذي حمّلها مسؤوليات العائلة ورعاية طفلين أنجبتهما خلال أربع سنوات.

وأضافت أن طلاقها كان كزواجها دون مشاركة في القرار، بينما تحملت “قهر سنين بانكسار وجروح.”

ولم يتردد طليقها ولم يناقشها في قرار حرمانها من الابن وإرسال الابنة معها إلى بيت أهلها، على حد قول “تهاني”.

لكن المرأة نفسها تتحمل الآن مسؤولية شخصها وطفلتها وبيت أهلها، بعد أن عادت لدراستها “بتشجيع من أصدقاء” لتحصل بعدها على فرصة عمل.

تقول إنها تسعى الآن لتطوير حياتها دون السماح للعادات أن تحكم عليها كأنثى كما حدث في الماضي.

واجبات ولا حقوق

وتعتبر نساء أخريات في مخيمات أعزاز، لم يستطعن تخفيف سطوة الظلم الاجتماعي، أن نجاح تهاني والقليل من أترابها “استثناء”، فالأحكام الاجتماعية السلبية زادت بعد أن وسمهن محيطهن كمطلقات أو أرامل عليهن البقاء داخل الغرفة أو الخيمة.

وتعلل أمل العبدالله، وهي ناشطة مدنية في مدينة أعزاز، مصير هذه النساء بأن “المجتمع بالعموم هو مجتمع ذكوري، ما يجعل مصير المرأة متوقفاً على قرارات زوجها أو والدها.”

وفي الوقت الذي تمنع التقاليد المرأة من مزاولة عمل، لا ينتبه أحد في محيطها للكم الكبير من المهام الملقاة على عاتقها، “بعض النساء يتحملن إلى جانب أزواجهن وأطفالهن رعاية شؤون منزل عائلة الزوج أيضاً.”

وأضافت الناشطة أن أنشطة بعض المنظمات العاملة في المنطقة تساهم في منح نساء فرصاً تعليمية ومهنية أفضل، كما أن حصر بعض الشواغر لديها بالإناث وفّر فرص عمل للبعض.

وتشير “العبد الله” إلى أن ضعف تعلم المرأة يلعب دوراً مهماً في عدم قدرتها على مجاراة الرجل في فرص العمل التي تستوجب إمكانات وقدرات، ليُسمح لها فقط بالخياطة والأعمال الزراعية.

إعداد: فاروق حمو- تحرير: حكيم أحمد