قائمون على معامل أدوية يتهمون الحكومة بعدم الوفاء بوعودها بدعم إنتاجهم

حلب – نورث برس

تواجه معامل أدوية في ريف حلب الغربي، شمالي سوريا، تحديات لتحقيق الازدهار في إنتاجها، أبرزها عدم تنفيذ الوعود الحكومية بتأهيل البنية التحتية وغياب الدعم عن استيراد المواد الأساسية للصناعات الدوائية، إلى جانب منع الاستيراد الذي قد يخفف من أعباء انهيار قيمة العملة المحلية.

وبالرغم من عودة أكثر من 20 معملاً ومنشأة لتصنيع الأدوية في حلب للعمل بعد سيطرة القوات الحكومية على ريفها الغربي في شباط/فبراير الماضي، ما تزال الصناعة الدوائية في حلب عاجزة عن استعادة حجم إنتاجها قبيل سنوات الحرب.

“وعود لم تنفذ”

وقال الصيدلاني محمد إدلبي (36 عاماً)، وهو مسؤول قسم الإنتاج  في معمل ألفا للأدوية في حلب، إن عدم تنفيذ الحكومة لوعودها بشأن الخدمات والبنى التحتية، عرقل تطور الإنتاج الصناعي عموماً وخاصة الصناعات الدوائية.

وأضاف، لنورث برس، أن انسحاب الفصائل المسلحة ولاسيما حركة نور الدين الزنكي التي كانت تسيطر على منطقة المنصورة قبل نحو عام جعل أصحاب الشركات الدوائية يتفاءلون بعودة ظروف مناسبة للإنتاج.

 وتعتبر منطقة المنصورة، التي تبعد عن حلب ستة كيلومترات، مركزاً هاماً للصناعة الدوائية في سوريا حيث يتركز فيها أكثر من 35 معملاً لصناعة الأدوية.

ومنذ سيطرة القوات الحكومية على ريف حلب الغربي، قام مسؤولون ووزراء بزيارات للمنطقة أطلقوا خلالها وعوداً بإعادة الحياة للمنطقة، إلا أن مشكلات الطرقات والتيار الكهربائي وغيرها من الخدمات بقيت على حالها، بحسب أصحاب منشآت صناعية في المنطقة.

وأشار “إدلبي” إلى قيام أصحاب معامل بتعبيد الطرقات الواصلة إلى منشآتهم على نفقتهم، بينما مازال التيار الكهربائي يعتمد على المولدات الخاصة العاملة بالمازوت (الديزل).

“لا دعم للاستيراد”

ويقول أصحاب منشآت للصناعة الدوائية إن المواد الأساسية الداخلة في تصنيع الأدوية يتم استيرادها بالعملات الأجنبية، وإن رفع الأسعار الذي أقرته الحكومة لا يستطيع مواكبة الانهيارات المتواصلة في قيمة الليرة السورية.

ويعتبر هؤلاء أن تحقيق أمن دوائي وتوفير الأصناف في الأسواق المحلية بأسعار مناسبة لن يتحققا دون تخفيض الرسوم الجمركية وتوفير العملة الأجنبية للمنتجين.

ورأى ناصر الشهابي (44 عاماً)، وهو مدير فني في شركة ابن الهيثم للصناعات الدوائية، أن “من واجب الحكومة ممثلة بالبنك المركزي مدنا بقطع أجنبي بسعر الصرف الرسمي لنستطيع استيراد مستلزمات الصناعة الدوائية.”

وأضاف لنورث برس: “شركتنا وغيرها من الشركات سواء في حلب او باقي المحافظات تقوم بالاستيراد والتخليص الجمركي دون تلقي أي دعم.”

ورغم أن البعض يقول إن الصناعة الدوائية كانت خلال الحرب بمنأى عن تلاعب التجار، كما بقيت لحد ما بمنأى عن التدمير والاستهداف المباشر الذي طال باقي المنشآت الصناعية، إلا أن التداعيات السلبية للحرب والظروف الاقتصادية في البلاد والإهمال الحكومي تبدو واضحة في الصيدليات ومستودعات الأدوية منذ أعوام.

وكان صناع الأدوية السورية يلجؤون خلال سنوات الحرب إلى تخفيف تكاليف الانتاج، من خلال تخفيف نوعية العبوات والنشرات مثلاً، أو اللجوء لتهريب كميات من منتجاتهم إلى أسواق الدول المجاورة كلبنان والعراقة عبر وسطاء بهدف تحقيق أرباح تعوض المردود الضعيف.

التصدير ممنوع

ويعتقد مسؤولون عن تسويق الأدوية أن منع الحكومة تصدير أصناف الأدوية المحلية إلى الأسواق الإقليمية والعالمية يمنع الشركات المحلية من تحقيق أرباح تساعدها في تعويض العجز في البيع داخل البلاد.

بينما تخضع كميات أدوية تدخل مناطق سيطرة المعارضة في أرياف إدلب وريف حلب الشمالي عبر التهريب لإتاوات الحواجز العسكرية، ما يرفع أسعارها هناك.

وقالت رشا سماقية (41 عاماً)، وهي مسؤولة التسويق في شركة ابن الهيثم للصناعات الدوائية، إن ازدهار صناعة الأدوية في حلب خاصة وسوريا عامة مرتبط الآن بالدرجة الأولى بتوفير أسواق خارجية للتصدير.

وخلال الأشهر الماضية، تضاعف إنتاج بعض المنشآت رغم كل العقبات، بينما ازداد الطلب على الأصناف السورية في دول الجوار لرخص ثمنها وفاعليتها الجيدة، بحسب “سماقية”.

وتعلل الحكومة رفضها تصدير الأدوية السورية بالحفاظ على الأمن الدوائي، كما تنقل “سماقية” التي ترى المبرر غير منطقي لأن بعض الأصناف المنتجة محلياً “متوفرة بكميات مناسبة ويستمر إنتاجها.”

لكن أصحاب صيدليات في المدينة قالوا إن بعض أصناف الأدوية تفقد في الأسواق بالتزامن مع الارتفاعات الكبيرة في أسعار صرف العملات الأجنبية.

وتعتقد مسؤولة التسويق أن التسويق الخارجي سينعكس إيجاباً ليس فقط على الشركات الدوائية والعاملين فيها، “وإنما أيضاً على الحكومة اذ سيتم توفير عملات صعبة وستنشط حركة التجارة.”

إعداد: نجم الصالح – تحرير: حكيم أحمد