موسكو – فهيم الصوراني ـ NPA
تتابع موسكو عن كثب تطورات الأوضاع في شمال شرقي سوريا، على ضوء استعداد تركيا إقامة ما تسميها بـ"المنطقة الآمنة" هناك، إلى جانب الولايات المتحدة وتحت إشرافها.
موقف روسيا الرافض لهذه الخطوة جاء على لسان المتحدثة باسمها ماريا زاخاروفا، التي حذرت مما وصفته محاولات فصل شمال شرقي سوريا، وموجهة تحذيرا غير مباشر لكل من أنقرة وواشنطن من تداعيات هذه الخطوة.
زاخاروفا شددت على أنه لا يمكن القبول باقتطاع أراض سورية تحت أي ذريعة، بما في ذلك حجة مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أن الحكومة السورية أثبتت قدرتها على مكافحته، وضرورة حل المشاكل في تلك المناطق على أساس سيادة سوريا وبواسطة الحوار بين دمشق والكرد.
في تعليق على هذا الموضوع قال الخبير في العلاقات الروسية- العربية أندريه أونتيكوف، "أن موسكو تؤيد دون تردد موقف القيادة السورية الرافض لإنشاء ما يسمى بالمنطقة العازلة، لا سيما أنه لا توجد أية ضمانات في أن لا تقوم تركيا مستقبلاً بضم هذه الأراضي إليها، أو فرض صفة إدارية أو عسكرية لها تقارب مفهوم الاحتلال المباشر".
وفي حديث لـ"نورث برس" أعاد الخبير الروسي إلى الأذهان تصريح الرئيس فلاديمير بوتين بخصوص اتفاقية أضنا، التي لا تعني بأي حال من الأحوال منح تركيا حق إقامة تشكيلات أو مناطق أمنية.
وأضاف أن الكرملين يصر على عودة كل مناطق شرق الفرات إلى الدولة السورية، وأن تكون نقاط المراقبة تابعة حصراً للجيش السوري، وليس لتركيا أو الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه شكك أونتيكوف في "واقعية إقامة هذه المنطقة، معيداً إلى الأذهان خارطة الطريق الخاصة بمنبج، التي تم التوافق عليها بين أنقرة وواشنطن قبل عام ونصف تقريباً، ولكنها لم تجد طريقها إلى النور"، كما اعترف بذلك وزير الخارجية التركي نفسه، والذي صرح أن بلاده لا تريد تكرار تجربة منبج.
نوايا أمريكية مريبة
وتساءل عن السر وراء حاجة الولايات المتحدة إلى المنطقة الأمنة في هذا الوقت، وكيف يلتقي ذلك مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابقة، بأن الغرض من هذه المنطقة هو حماية الكرد من أي اعتداء تركي محتمل، في حين أن الأتراك يسعون إلى أهداف أخرى من تأسيس هذه المنطقة.
ورأى أن من شأن التواطؤ الأمريكي التركي أن يعجِّل من تفعيل الحوار واللقاءات بين الكرد والحكومة المركزية في دمشق، كما حصل عندما طرحت فكرة خارطة الطريق الخاصة بمنبج، ودفعت الطرفين إلى مفاوضات مكثفة آنذاك، لمواجهة هذا الاستحقاق، قبل أن تعود مجدداً إلى نقطة الصفر، بعد فشل تحقيق خارطة منبج.
كما أشار في نفس السياق إلى الجولة الثانية من المفاوضات بين دمشق والكرد، التي جرت بعد إعلان ترامب سحب قواته من سوريا، وأدت من الزاوية النظرية على الأقل إلى ترك الكرد لوحدهم في مواجهة التهديدات التركية.
وتوقع أن لا يقف الكرد موقف المتفرج تجاه خطة تأسيس المنطقة الأمنة، ولم يستبعد أن يقوموا، رداً على ذلك، بنقل السيطرة على المناطق التي تخضع لهم إلى الحكومة المركزية في دمشق.|وقال إن روسيا تراقب أول بأول التحركات الأمريكية، وتدرك أن الهدف منها هو إبقاء موقع قدم في شرق الفرات، لا سيما في التنف، لأن التواجد الأمريكي في تلك المناطق مفيد لها على ضوء الأزمة مع إيران، لمنع إقامة ممر بري يوصل ما بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت، وفي نفس الوقت التحكم بالموقف الكردي، ومنع أية محاولات للتقارب والحوار مع دمشق.