منظمتان حزبيتان تتقاسمان الطلبة الشباب في السويداء عبر الشعارات والعسكرة
السويداء – نورث برس
يقول شباب وسكان في السويداء، جنوبي سوريا، إن منظمتين شبابيتين لحزب البعث العربي الاشتراكي والحزب القومي السوري تدفعان بطلاب المرحلة الثانوية نحو الأدلجة والعسكرة بعيداً عن مطامحهم وأهاليهم في تحقيق مستقبل دراسي.
وتأسس اتحاد شبيبة الثورة عام 1970 كمنظمة رديفة لحزب البعث الحاكم في سوريا، وأصدر الاتحاد نشرة “المسيرة” الناطقة باسمه وأشرف على إدارة ممتلكات واستثمارات في المحافظات السورية مثل “مدن الشباب”.
“تصفيق وهتافات”
وفي الوقت الذي تغير منظمة الشبيبة قياداتها وتطلق مشاريع ومبادرات لتفعيل نشاطها، يرى طلاب في المرحلة الثانوية أنها تسعى فقط لاستثمار تصفيقهم وهتافاتهم.
وقال أدهم رواد (18 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في ثانوية شكيب أرسلان في السويداء، اشترط عدم ذكر اسمه خشية فصله من المدرسة، إن تنسيبه هو ورفاقه قبل أعوام جرى حتى دون سؤالهم عن رغبتهم في الانتساب من عدمها.
وأضاف لنورث برس أن عمل “شبيبة الثورة” اقتصر طيلة سنوات دراسته الثانوية على “دعوتنا لحضور مناسبات وطنية وقومية في صالات ومسارح المحافظة للتصفيق والهتاف للقائد والحزب.”
وتُقدر نسبة شريحة الشباب ضمن الفئة العمرية (18-32) عاماً بـ 63 % من مجمل مجتمع السويداء، بحسب أرقام ذكرها موظف حكومي داخل دائرة النفوس الحكومية لنورث برس.
ويعتقد “رواد” أن أطراف الصراع في سوريا، وخاصة الحكومة، استغلت الشباب خلال الحرب، “بتنا نحن جيل الحرب في سوريا مجرد أدوات للحكومة، تتلاعب بنا كما تشاء، وقد غاب عنها أن لنا طموحاتنا وأفكارنا الخاصة.”
“كتائب البعث”
ويرى ناشطون سياسيون في السويداء أن “اتحاد شبيبة الثورة”، لم يكن بمنأى تماماً عن العسكرة.
بينما يقول الموقع الرسمي لاتحاد شبيبة الثورة في معرض التعريف بالمنظمة إن “عشرات الآلاف من الشبيبين انضووا منذ عام 2011 في صفوف الجيش العربي السوري وكتائب البعث.”
ومقابل التنظيمين الحزبيين للشباب، إلى جانب الفصائل المسلحة التي تسعى لزيادة أعداد عناصرها، تغيب المنظمات الشبابية المدنية عن الساحة، وهو ما يغيّب أي دور فاعل للشباب، بحسب ناشطين في السويداء.
ورأى رفعت أبو صالح (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لناشط سياسي يقيم في مدينة السويداء، إن منظمة شبيبة الثورة أصبحت خلال الحرب رديفة لفصائل مسلحة موالية للحكومة كفصيل الدفاع الوطني.
ونهاية الأسبوع الماضي، أطلقت قيادة اتحاد شبيبة الثورة برنامجاً تحت عنوان “وصية” يهدف لدعم جرحى من “الجيش العربي السوري والقوات الرديفة” والاهتمام بذويهم من الطلبة، وافتتحت مركزاً للمبادرة في مدينة حمص وسط البلاد.
وتخطط المنظمة لإطلاق مشروعي “بذور” لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، و”تكوين” لدعم المواهب، كما ستقيم معسكرات إنتاجية وأخرى أيديولوجية “للإعداد النضالي”، بحسب ما قاله عفيف دلا رئيس اتحاد شبيبة الثورة لصحيفة تشرين الرسمية الأسبوع الماضي.
لكن “أبو صالح” قال لنورث برس إن “المنظمات الحزبية المنغلقة أفقدت عبر هذه الممارسات أجيالاً وعلى مدار خمسين عاماً روح المبادرة وروح الديمقراطية والحوار الحر والانفتاح على الثقافات المتنوعة داخل سوريا.”
“تحريض لحمل السلاح”
وقال معتز راوند (18 عاماً)، وهو اسم مستعار لشاب في ثانوية كمال عبيد، إن وجود والده ضمن صفوف الحزب القومي السوري فرض عليه “الانتساب إلى الشباب القومي السوري، كوني اعتُبر ابن هذا الحزب.”
وأضاف: “أدرك الآن خطأي في الانتساب لحزب يحرض على حمل السلاح والقتال.”
والحزب القومي السوري هو أحد الأحزاب المتحالفة مع حزب البعث العربي الاشتراكي ضمن الجبهة الوطنية التقدمية وله ممثلون في مجلس الشعب والحكومة السوريين، كما أن له مكاتب شبابية في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
وللحزب معسكرات شرق بلدة عرى في الريف الجنوبي الغربي للسويداء، يتم فيها التدريب على استخدام السلاح، وشارك مقاتلوه في الكثير من العمليات العسكرية إلى جانب القوات الحكومية داخل وخارج السويداء.
ورغم أن “راوند” وجد في أفكار الحزب القومي السوري منذ انتسابه له عام 2018 ” شوفينية وتحريضاً على التعصب ودفعاً للشباب نحو معسكرات تتبع لها”، إلا أنه يعتقد أنه لم يكن يملك خياراً آنذاك.
ويقدر عدد الشباب الذين انتسبوا لتنظيمات الحزب القومي السوري في السويداء بحوالي 1900 شاب تتفاوت أعمارهم بين 17 و35 عاماً، بحسب مصدر من متنفذية الحزب القومي السوري في مدينة السويداء.
ورأى شادي محمود (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لقيادي سابق في منظمة شبيبة الثورة بالسويداء، إن “المنظمات الشبابية المؤدلجة ستبقى تراوح في مكانها ومصيرها الزوال إن لم تطور من أدائها وتخرج من عباءة السلطة.”
وأضاف أن تجربته داخل منظمة شبيبة الثورة بالسويداء، والتي استمرت لعامين فقط، كشفت له “مدى الاستهتار الحكومي بالشباب داخل المدارس الثانوية في المحافظة.”