حسكة – نورث برس
سجل مخيم الهول، شمال شرقي سوريا، خلال الشهر الفائت، أكبر حصيلة لحالات القتل، وبدأت الأطراف الدولية تحذر مجدداً من خطورة الوضع المرجح للتفاقم نحو الأسوأ، بينما يشير باحثون لخطوات لا بد من تنفيذها.
ويشهد المخيم منذ بداية العام الجاري، توتراً أمنياً وحالات قتل بلغت خلال كانون الثاني/يناير الفائت 20 حالة، طالت لاجئين عراقيين ونازحين سوريين وعنصراً في قوى الأمن الداخلي.
فيما سجل الأسبوع الأول من شباط/فبراير الجاري أربع حالات قتل، راح ضحيتها نازح سوري ولاجئون عراقيون.
ويبلغ عدد سكان مخيم الهول 64.373 شخصاً، بينهم 9.544 من زوجات وأطفال مقاتلي تنظيم “داعش”، بحسب إدارة المخيم، وهو ما يفوق الطاقة الاستيعابية للمخيم الذي بني على عجالة إبان حرب الخليج في تسعينات القرن الماضي.
“مخاوف الأمس”
وترى سارة الكيالي، وهي باحثة مختصة بشؤون سوريا في “هيومن رايتس ووتش”، خلال اتصال هاتفي مع نورث برس، أن “مؤشرات اليوم هي مخاوف الأمس” في إشارة إلى تصاعد العنف في المخيم منذ مطلع العام.
وتعتبر الكيالي “قلة الموارد للمنظمات العاملة والإدارة الذاتية وعدم استعادة الدول لرعاياها” سبباً في الأحداث الأخيرة بالمخيم.
ويُعرف مخيم الهول ، بالقنبلة الموقوتة نظراً لوجود متشددين من زوجات وأبناء مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وعشرات الآلاف من مناصريه ضمن مخيم يوصف بالأخطر عالمياً.
وكان عمران ريزا، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مهند هادي، قد أعربا أواخر الشهر الفائت عن قلقهما البالغ “إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في مخيم الهول”.
وقال بيان مشترك صدر منهما واطلعت عليه نورث برس، إن هناك “حاجة ملحة لحلول مستنيرة لإيجاد حلول دائمة لكل فرد يعيش في المخيم.”
“تخبط عالمي”
وربطت دستان جاسم، وهي باحثة في “المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية”، الوضع في مخيم الهول بعدم وجود حل لقضية معتقلي التنظيم وعوائلهم.
وقالت، في تصريح لنورث برس، إن التنظيم “يستفيد من التخبط السياسي العالمي ويزيد نشاطه في سوريا والعراق.”
وترفض غالبية الدول استعادة رعاياها من مخيم الهول، دون التصريح بالأسباب الحقيقية وراء ذلك.
ويمثل العراقيون أكبر كتلة بشرية في المخيم الذي يأوي 30.606 عراقيين، بحسب إحصاءات إدارة المخيم.
وغالباً ما تستهدف الاغتيالات لاجئين عراقيين، آخرها مقتل لاجئ عراقي، الأحد الفائت، قُتل متأثراً بجراحه بعد استهدافه من قبل مجهولين برصاص حي استقر في رأسه وبطنه.
والأسبوع الماضي، قال كريم النوري، وكيل وزارة الهجرة العراقية، إن مخيم الهول في سوريا “أصبح أرضاً خصبة لاستنبات الجماعات الإرهابية.”
لكن المسؤول العراقي أشار إلى عدم رغبة بلاده في استرجاع رعاياها بقوله “هناك رفض بشأن عودة نازحي الهول إلى العراق بسبب خطورتهم، لكن احتمال العودة لم يبت به.”
كما وتتعرض الحكومة العراقية لانتقادات حيال تعاملها مع من يثبت عملهم مع تنظيم داعش، ولا سيما أحكام الإعدام بحق هؤلاء.
وطالبت الباحثة في “هيومن رايتس ووتش”، سارة الكيالي، الحكومة العراقية بإعادة النظر في طريقة تعاملها مع العائدين لأن هناك “انتهاكات ضد حقوق الإنسان وإيقاف حكم الإعدام والتمييز العنصري”.
“تخوف من الأسوأ”
ورغم إخراج دفعات سوريين من المخيم، ونقل آخرين ممن تتهددهم مخاطر إلى مخيمات أخرى، تتخوف إدارة المخيم حالياً من “تفاقم الوضع نحو الأسوأ” نتيجة استمرار الاغتيالات ضمن المخيم المكتظ.
وقال شيخموس أحمد، وهو رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين والمنكوبين في الإدارة الذاتية، إن العنف المتصاعد إشارة إلى تواجد التنظيم داخل وخارج المخيم، واصفاً الحوادث الأخيرة بالرسالة التي يريد التنظيم توجيهها للمجتمع الدولي.
ووصف “أحمد” الوضع بـ “المتدهور”، طالباً “تدخلاً عاجلاً” من الأطراف الفاعلة.
وتخوف من تفاقم الوضع كاحتمالات حدوث تفجيرات ضمن المخيم.
وفي التاسع من كانون الثاني/يناير الفائت، فجر انتحاري قنبلة يدوية بنفسه، وذلك بعد محاصرته من القوى الأمنية أثناء تمشيطها للمخيم بعد مقتل رئيس المجلس السوري ضمن المخيم.
“خطوات لا بد منها”
وتشرف الإدارة الذاتية ومؤسساتها على إدارة مخيم الهول وتوفر الخدمات مع المنظمات العاملة ضمن المخيم، بينما تقوم قوى الأمن الداخلي التابعة لها بالمهام الأمنية.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه الحاجة إلى دعم أمني لحراسة المخيم وحماية ساكنيه، يشير مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في الإدارة الذاتية إلى أن الدعم الأمني “لا يرتقي إلى المستوى المطلوب.”
بينما شددت سارة الكيالي: “لابد من وجود دعم يشمل القطاع الأمني أيضاً”، في إشارة إلى عمل التحالف الدولي مع قوات سوريا الديمقراطية لمحاربة تنظيم “داعش”.
ويدعم التحالف قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد “داعش”، وأعلن الشريكان في الثالث والعشرين من آذار/مارس من العام 2018 السيطرة على الباغوز آخر جيوب التنظيم شرق نهر الفرات.
وفي ظل غياب أي بوادر لحلول مستدامة لمعالجة تفاقم التوتر الأمني ضمن المخيم، ترى “الكيالي” أنه لا بد من إنجاز عدة خطوات بشكل فوري.
“وهي استعادة الدول لرعاياها، ودعم القطاع الأمني من قبل التحالف الدولي، وتقوية البرامج التوعوية والدعم النفسي لساكني المخيم.”