وجهاء عشائر في الجزيرة: السكان والإدارة الذاتية تكاتفوا رغم دعوات لإشعال الفتن
قامشلي – نورث برس
رأى وجهاء عشائر كردية وعربية في الجزيرة السورية، شمال شرقي البلاد، أن سكان المنطقة والإدارة الذاتية استطاعوا مرة أخرى تجاوز محاولات إشعال فتنة بينهم عقب توترات أمنية بين الإدارة والحكومة السورية.
ويفرض الواقع الريفي والعشائري نفسه بقوة في الجزيرة، إذ تعتبر العشائر البنية الرئيسة في تشكيل المجتمعات المنتشرة بين الحدود التركية شمالًا والعراقية جنوباً.
“وتر عشائري”
وقال الحاج أكرم دلّي، وهو أحد وجهاء عشيرة ميرسينية الكردية في قامشلي إن “الحكومة خسرت كل أوراقها في الجزيرة لذلك تسعى للعزف على الوتر العشائري واستغلال الانتماء القومي من خلال مزاعم حول خضوع عشائر عربية لحكم الكرد.”
وشهدت مدينتا قامشلي وحسكة، أواخر كانون الثاني/يناير الفائت، توتراً أمنية بين قوات الحكومة وقوى الأمن الداخلي تخللها احتجاجات واعتقالات وتبادل إطلاق النار.
وبثت وسائل إعلام مقربة من حكومة دمشق الأحداث على أنها “انتفاضة عشائرية عربية” ضد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في شمال شرقي البلاد.
وعلّق “دلي” حول الموضوع: “خرجوا في حسكة تحت اسم احتجاجات سلمية لكن كلنا شاهدنا أشرطة فيديو تظهر أن المشاركين كانوا مسلحين.”
وأضاف أن “الإدارة الذاتية تمتعت بالمرونة وضبط النفس ولم تنجر يوماً وراء ما يسعى إليه النظام.”
وتُعدُّ المرسينية إحدى العشائر الكردية البارزة في الجزيرة، وهي حلف يتألف من عدة عائلات معروفة يتوزع أفرادها بين جنوب شرقي تركيا وشمال شرقي سوريا.
“مساعٍ سابقة”
وأضاف “دلي”، خلال حديثٍ مع نورث برس: “يحاول النظام السوري منذ اليوم الأول من عمر الأزمة السورية خلق فتنة كردية-عربية في الجزيرة، لكن ذلك لم يتحقق.”
وذكر أن الحكومة “سعت أيضاً خلال أحداث عام 2004 في قامشلي إلى خلق فتنة طائفية ولكن معظم العشائر العربية المتعايشة مع الكرد رفضت ذلك.”
ويتهم مسؤولون في الإدارة الذاتية وسياسيون في المنطقة، مؤخراً، مسؤولي الحكومة السورية بالسعي مجدداً “لإشعال فتنة كردية-عربية في الجزيرة.”
وحمّلَ بيان صدر عن القيادة العامة للأسايش، الشهر الفائت، مسؤولي الحكومة السورية بمدينة حسكة مسؤولية التوترات التي تحصل في المنطقة.
وكان غسان خليل محافظ حسكة، قد دعا قبل أسبوعين، شيوخ ووجهاء عشائر عربية موالية للحكومة إلى اجتماعٍ بحضور رؤساء أجهزة أمنية وقائد الشرطة في حسكة.
وكشف مصدر عشائري حضر الاجتماع، لنورث برس، إن “خليل” طلب منهم التظاهر ضد قوات سوريا الديمقراطية التي كان يسميها “القوات الكردية.”
ويعد “خليل” أحد الضباط المشرفين على عمليات القمع في الحرب السورية، وفق تقريرٍ أوردته منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية في العام 2011.
“دعوات محلية”
وقال فواز الزوبع، وهو رئيس مجلس قبيلة الجبور العربية في الجزيرة، إن “الإدارة الذاتية كانت متجاوبة مع الدعوات العشائرية لدرء الفتن خلال التوترات في حسكة وقامشلي.”
وكان “الزوبع” أحد المنضمين للوفد الذي تشكّل مؤخراً من شيوخ ووجهاء عشائر لدعوة القيادات العسكرية والأمنية لإنهاء التوترات الأمنية.”
“القادة في قوات سوريا الديمقراطية والأسايش كانت لديهم مواقف إيجابية جداً مع دعواتنا لإنهاء حالة التوتر في حسكة وقامشلي.”
وتعرف الجبور كإحدى أكبر وأبرز القبائل العربية في الجزيرة، وتتوزع على منطقة شاسعة تمتد بين مناطق جنوب حسكة وشمالها، إلى جانب مناطق دير الزور والرقة وحلب ومناطق سورية أخرى.
وأضاف “الزوبع” لنورث برس: “حاولت جهات، وأخص بالذكر الدفاع الوطني، اللعب على الانتماء العشائري وجعلها مسألة سياسية بهدف خلق فتنة عشائرية، لكنهم لم يحققوا شيئاً.”
وأشار إلى محاولات إشعال فتن طائفية وعشائرية منذ العام 2011، إذ “بقيت العشائر الكردية والعربية متكاتفة حتى في حالات الفوضى والفراغ الأمني فكيف يمكن أن يزرعوا الفتن حالياً في ظل التعايش واستباب الأمن والاستقرار؟”
وقال بتعبير محلي: “تجاوزنا الفتن من زمان وشربنا وراها طاسة لبن.”