قتله داعش.. ما قصة العثور على رفات أشهر عالم آثار سوري؟

قامشلي – نورث برس

أعلنت مصادر إعلامية سورية مقربة من الحكومة، أول أمس الأحد، العثور على رفات ثلاثة أشخاص في مدينة تدمر، في البادية وسط البلاد.

وقالت، إنه من المرجح أن يكون بينها رفات عالم الآثار خالد الأسعد الذي أعدمه تنظيم “داعش” بطريقة وحشية.

 وقالت المصادر أيضاً إن التأكد من هوية الجثامين بانتظار إجراء تحليل الحمض النووي.

وأضافت: “الجهات المختصة عثرت على الرفات في منطقة كحلون الوقعة على بعد 10كم شرقي تدمر.”

وجرى نقل الرفات إلى المشفى العسكري في حمص، ليتم لاحقاً التحقق من هويات أصحابها، وتحديد موعد للدفن.

رفض وقتل

وأعدم تنظيم داعش، علناً الأسعد في تدمر عام 2015، وذلك لرفضه التعاون مع التنظيم، بتحديد مواقع أثرية مهمة.

وذكر في حينه، مأمون عبد الكريم، المدير العام الأسبق للآثار في سوريا، أن أفراد التنظيم استجوبوا الأسعد لمعرفة مكان وجود كنوز الذهب الأثرية.

وفي الأسابيع اللاحقة لقتله، دمر تنظيم الدولة أجزاء أخرى تشكل إبداعات من تدمر تعود إلى القرنين الأول والثاني اعتبرها مسلحو التنظيم رموزاً لعبادة الأصنام.

وجريمة قتل الأسعد الوحشية كانت واحدة من سلسلة الأفعال الفظيعة التي اقترفها مسلحو تنظيم الدولة خلال فترة العامين اللذين سيطروا خلالهما على الموقع المدرج ضمن قائمة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي.

عمل لعقود

وكرس الأسعد أكثر من خمسين عاماً من حياته لصيانة آثار تدمر التي تقع في منطقة الصحراء السورية شمال شرقي العاصمة دمشق.

وكان الأسعد، الذي تمتع بمكانة رفيعة في سوريا كعالم آثار، قد تقاعد كرئيس لهيئة الآثار السورية في عام 2003، غير أنه واصل بحوثه حتى سقطت المدينة في أيدي مسلحي تنظيم الدولة.

وفر ثلاثة من أبنائه وصهره، وهم أيضاً متخصصون في الآثار، إلى العاصمة ومعهم مئات القطع الآثرية الثمينة أنقذوها من المتحف الواقع في بلدة تدمر. غير أن الأسعد أصر على ألا يغادر منزله.

وفي 18 أغسطس/ آب 2015 انتشرت على وسائل التواصل صورة صادمة لجثة مقطوعة الرأس معلقة على أحد أعمدة الإنارة في طريق رئيسي بمدينة تدمر السورية.

وكان أسفل الجثة لوحة ورقية بيضاء عليها بقع من دم، وعليها لائحة الاتهام، وتهمته أنه يعمل “مدير لأصنام تدمر الأثرية” إلى جانب تهم أخرى بموالاة النظام السوري.

صورة تظهر جثة الأسعد ولوحة مكتوب عليها الاتهامات التي وجهها له تنظيم داعش – انترنت

“رفض خيانة تدمر”

هكذا قتل خالد الأسعد لأنه أصر على ألا يترك تدمر، لذلك أحدث مقتله هزة قوية في العالم كله، ونعته مؤسسة اليونسكو.

 وقالت مدير منظمة الثقافة والعلوم اليونسكو التابعة للأمم المتحدة إيرينا بوكوفا إنها حزينة وغاضبة وتدين هذه الجريمة البشعة.

وأضافت “أنهم قتلوا الأسعد لأنه رفض خيانة نشاطه القوي من أجل حماية آثار تدمر”.

حياته وعمله

ويُعد الأسعد واحداً من أهم الآثاريين في سوريا، وشارك في بعثات محلية وأجنبية للتنقيب والترميم في تدمر.

وولد عالم الآثار خالد الأسعد عام 1934 حاصل على إجازة في التاريخ من جامعة دمشق وشارك في العديد من البعثات الأثرية الأجنبية في أعمال التنقيب والترميم بتدمر.

 وساهم بإعادة بناء أكثر من 400 عمود كامل من أروقة الشارع الطويل ومعبد بعل شمين ومعبد اللات وأعمدة ومنصة وأدراج المسرح.

كما اكتشف في مدينة تدمر 700 قطعة نقدية فضية وساهم في اكتشاف لوحة فسيفساء سليمة تؤرخ بالقرن الثالث.

واكتشف كثيراً من آثار تدمر التي سيطر عليها “داعش” من عام 2015، وحتى آذار/ مارس عام 2017.

وللأسعد حوالي 40 مؤلفاً عن الآثار في سوريا والعالم، وحصل على وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة وأوسمة استحقاق من جمهوريات فرنسا وبولونيا وتونس.

وشغل الأسعد الذي قتل وكان عمره 82 عاماً، منصب مدير آثار تدمر منذ عام 1963 لغاية 2003.

وتدمر واحدة من أهم الممالك السورية القديمة التي ازدهرت بشكل خاص في عهد ملكتها زنوبيا تبعد 215 كيلو متر شمال مدينة دمشق.

​واستعادت القوات الحكومية مدينة تدمر، من يد تنظيم “داعش” في (16 آب/ أغسطس 2018).

المصدر: بي بي سي عربية – وكالات – تحرير: خلف معو