الأمطار تفاقم معاناة النازحين في مخيمات إدلب وسط إهمال الجهات المعنية
إدلب – نورث برس
تتفاقم أوضاع نازحين في مخيمات شمالي إدلب، شمال غربي سوريا، جراء تسرب المياه لداخل الخيم مع هطول الأمطار واشتداد الرياح، حيث تسببت العواصف المطرية خلال الأيام الماضية بغرق مئات الخيم وأضرار بشرية، وسط إهمال الجهات المعنية.
ويتوزع في شمال غربي سوريا 1193 مخيماً للنازحين، وتأوي أكثر من مليون نازح سوري حسب فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في مناطق سيطرة المعارضة، وفقاً لتقارير صحفية.
“يسرقون حقوقنا”
ويقول نازحون في تلك المخيمات إن معاناتهم تتجدد في كل فصل الشتاء، حيث تغرق الخيم وتتشكل مستنقعات من الوحل والمياه، مسببة أضراراً مادية وبشرية.
وفي أحد مخيمات أطمة على الحدود السورية التركية شمالي محافظة إدلب، يجلس محمد النعسان (45 عاماً) وهو نازح من ريف حماة الشرقي داخل خيمته محاصراً بالطين ومياه الأمطار التي حولت شوارع المخيم إلى مستنقعات.
وقال النازح إن الأمطار داهمت خيمته قبل عدة أيام بعد منتصف الليل وحولتها إلى بركة من الوحل، وابتلّت معظم أغراضه، “تلك الليلة كانت من أصعب الأيام التي عشتها طيلة سنوات عمري.”
وأشار النازح إلى أن المنظمات عجزت طيلة السنوات الثلاثة الماضية عن إيجاد حلول لهذه المشكلة، متهماً المسؤولين عن المنظمات “بالفساد وسرقة” حقوق النازحين، “يأتون بعد غرق الخيم ويوزعون كم كيلو بطاطا وأغطية وبعدها لا نرى أحد منهم.”
ونهاية الشهر الفائت، أصيب طفل نازح في مخيم وادي عرب بريف إدلب الشمالي بسبب تهدم خيمة مصنوعة من الطوب جراء السيول والهطولات المطرية.
وغرقت حينها عشرات الخيم في مخيمات دير حسان ومشهد روحين وقاح وأطمة، حيث تضرر بعضها بشكل كلي وأخرى جزئي.
وفي التاسع عشر من الشهر الفائت، قضى طفل وأصيب ثلاثة أطفال آخرين في مخيّمات بإدلب، نتيجة انهيار خيامهم بفعل الأمطار.
أضرار مادية
وقبل أسبوعين، لم تصمد خيمة عمر القاسم وهو نازح من جبل الزاوية جنوب إدلب، ويسكن في مخيم الضياء قاح شمال إدلب أمام العاصفة المطرية التي ضربت المنطقة، حيث تدفقت مياه الأمطار إلى داخل المخيم على شكل سيول من الجبال المجاورة.
واستفاق “عمر” على بكاء طفله بعد أن وصلت المياه إلى فراشه الذي كان نائماً عليه.
“تمكنت من إخراج عائلتي من الخيمة التي غمرتها المياه خلال ثوان معدودة، ولم أتمكن من إخراج أي شيء من أثاث الخيمة.”
وتأثرت غالبية مخيمات شمال غربي سوريا بهذه العاصفة ابتداءً من مخيمات خربة الجوز غربي إدلب وصولاً إلى المخيمات الحدودية باتجاه ريف حلب الشمالي، إضافةً إلى محيط مدينة إدلب ومعرة مصرين وكللي وحربنوش وكفريحمول وحزانو وزردنا، بحسب ما أفاد به فريق “منسقو استجابة سوريا”.
وقال طالب الحسين(30 عاماً) وهو نازح من بلدة سنجار شرق إدلب، ويسكن في أحد مخيمات كفر عروق بريف إدلب الشمالي، إن النازحين وقفوا مكتوفي الأيدي في انتظار توقف السيول لنقل الخيام والأغراض إلى مكان أكثر جفافاً.
وأشار إلى أن منسوب المياه وصل لقرابة نصف متر في المخيمات، “في ظل غياب شبه تام للدعم من قبل المنظمات.”
وأضاف أن “المنظمات لم تقم بتبحيص شوارع المخيم حتى الآن، كما أنها لم تقم بوضع حواجز للمياه التي تأتي على شكل سيول من التلال المجاورة.”
استجابة ضعيفة
ووفقاً لمحمد حلاج مدير فريق منسقو استجابة سوريا، فإن العاصفة المطرية تسببت بتضرر أكثر من 228 مخيم، من بينها 15 مخيماً عشوائياً في إدلب وحلب، كما تم تسجيل تضرر 341 خيمة بشكل كلي، وأضرار جزئية لحقت بـ 3200 خيمة.
وتضرر العديد من الكتل الإسمنتية التي تم تشييدها من قبل بعض المنظمات، بالإضافة إلى الكتل الإسمنتية التي قام السكان بإنشائها، بحسب ما قاله “حلاج” لنورث برس.
كما توفي طفل في مخيم التمانعة بالقرب من بلدة كللي، نتيجة انقلاب جدار من الكتل الإسمنتية، إضافةً إلى إصابة ثلاثة أطفال بجروح متفاوتة نتيجة انهيار جدار أيضاً بمخيم كفرنبودة في عقربات.
وذكر “حلاج”، أن “الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات لا تتجاوز الـ 1%، علماً أن حصر الأضرار توزع على كافة المنظمات.”
وقال طلال الأحمد (28 عاماً) وهو نازح يسكن في أحد مخيمات أطمة إن ضعف استجابة المنظمات وعدم قدرة الدفاع المدني على “تغطية الكارثة دفعنا كشبان للعمل بشكلٍ تطوعي لتقديم المساعدة قدر المستطاع للعائلات المتضررة.”
وقام “الأحمد” مع مجموعة من الشباب بحفر خنادق في محيط العديد من المخيمات لمنع تشكل السيول وتدفق المياه ونقل العائلات المتضررة إلى أماكن لم تتضرر بفعل الأمطار والمشاركة في تعزيل قنوات الصرف الصحي (المطريات) لتسهيل تصريف الأمطار.
وذكر ياسر الشامي وهو ناشط في إحدى الجمعيات الإنسانية العاملة في إدلب أن هناك العديد من الحلول لمشكلة تدفق مياه الأمطار إلى الخيم من بينها نقل المخيمات المتواجدة في الأراضي الزراعية ومجاري السيول إلى أماكن مرتفعة أو نقل النازحين من الخيم إلى الكتل الإسمنتية وتعبيد الطرقات الفرعية والرئيسية المؤدية إلى المخيمات.
لكنه أشار إلى أن تلك الحلول من الصعب تطبيقها على أرض الواقع “نظراً لوجود عدد هائل من المخيمات في المنطقة، إضافة إلى أنها تحتاج لمبالغ مالية ضخمة.”