ارتفاع أسعار المحروقات في إدلب يجبر مزارعين على العزوف عن زراعة الخضروات
إدلب – نورث برس
تسبب ارتفاع أسعار المحروقات في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، هذا العام بعزوف العديد من المزارعين عن زراعة الخضروات واستبدالها بمحاصيل بعلية.
وبحسب النشرة الصادرة عن شركة “وتد للبترول”، السبت، فإن سعر ليتر المازوت الأوروبي المستورد بلغ 4.85 ليرة تركية، (ما يعادل نحو ألفي ليرة سورية)، بينما يباع المكرر يدوياً بـ 3.68 ليرة تركية (ما يعادل 1500 ليرة سورية).
وتعتبر هذه الأسعار مرتفعة مقارنة بمناطق أخرى من البلاد خاضعة لسيطرة الحكومة السورية أو الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا.
وتبرر الشركة الارتفاع المتكرر في أسعار المحروقات بارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة التركية.
وقال مهنا الحميد (32 عاماً)، وهو مزارع في قرية سيجر في سهل الروج بريف إدلب الغربي، إن الأسعار المرتفعة لمادة المازوت تسببت بتوقف عشرات المزارعين عن استثمار أراضيهم، أو تقليص المساحات التي كان يفترض زراعتها.
وأضاف أن معظم مزارعي المنطقة يتجهون حالياً للاعتماد على الزراعات البعلية التي لا تحتاج للمياه، مثل الكمون وحبة البركة والحمص وغيرها.
واتهم “الحميد” حكومة الإنقاذ الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام بحرمان محافظة إدلب من سلتها الغذائية عن طريق رفعها لأسعار المحروقات.
وعلى مدار العامين الماضيين، كانت شركة “وتد للبترول” التي أنشأتها هيئة تحرير الشام الجهة الوحيدة المسؤولة عن استيراد المحروقات من تركيا إلى إدلب، وذلك قبل استحداث شركة محروقات جديدة باسم (كاف).
وقبل نحو شهرين، تم استحداث شركة “كاف” في مدينة سرمدا شمال إدلب، حيث تعود ملكيتها للقيادي في تنظيم هيئة تحرير الشام “أبو عبد الرحمن زربة” وهو نفسه مالك شركة وتد للبترول، وفقاً لما أفاد به مصدر مطلع لنورث برس.
وقال المصدر حينها، إن “الشركة الجديدة ستكون منافساً وهمياً لشركة وتد للبترول بعد الانتقادات التي وجهت إليها باستغلال المدنيين واحتكار سوق المحروقات.”
وفي الثاني من كانون الأول/ ديسمبر العام الفائت، أصدرت الشركة أول نشرة تسعيرية لها، نافست حينها “وتد للبترول” بتخفيض قرشين تركيين لكل مادة نفطية.
وهذا العام اضطر المزارع عوض المنهل (45 عاماً) وهو من سكان منطقة سهل الروج للعزوف عن زراعة أصناف تحتاج لمياه وفيرة مثل الخضروات، بعد تعرضه لخسائر خلال الموسم الصيفي الماضي.
وقال لنورث برس: “ارتفعت أسعار المحروقات وانخفضت أسعار المنتجات بسبب إغلاق المعابر مع مناطق سيطرة النظام السوري وعدم وجود سوق تصريف للمنتجات في المنطقة.”
ويعتمد معظم سكان منطقة سهل الروج الواقع بين جبل الزاوية والجبل الوسطاني بمحافظة إدلب، ويمتد من سهل الغاب جنوباً حتّى بلدتي ملس وأرمناز شمالاّ، على الزراعة كموردٍ أساسي للرزق وتحصيل لقمة العيش لا سيما في ظل الأوضاع التي تعيشها المحافظة منذ سنوات.
وكان السهل يشتهر سابقاً بزراعة أنواع مختلفة من الخضروات، ما كان يجعله مصدراً للخضروات لمناطق سورية مختلفة.
وقال حسين الجاسم (37 عاماً)، وهو مزارع في المنطقة، إنهم يدفعون بالإضافة لتكاليف الري أجوراً مرتفعة لمركبات تنقل العاملين الزراعيين، “أصبحت أدفع 15 ليرة تركية بدلاً من سبع ليرات.”
وأضاف أن حكومة الإنقاذ لا تراعي التكاليف الباهظة التي يتكبدها المزارعون للاستمرار بإنتاجهم.
ووصف “الجاسم” ارتفاع أسعار المحروقات بـ “حرب استنزاف تستهدف القطاع الزراعي.”
وتوقع أنس أبو طربوش، وهو اسم مستعار لمهندس زراعي، أن يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار الخضار في مناطق شمال غربي سوريا عموماً.
وقال إن ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية من بذور وغيرها أدى لانحسار مساحة محاصيل الخضار المبكرة، وتحول مزارعي المنطقة من الزراعات المروية إلى البعلية.