اتهامات لتركيا بتوطين عائلات من أقلية الأويغور الصينية في مدن كردية بسوريا

دمشق – نورث برس

يقول باحثون ومتخصصون في الشؤون التركية إن أنقرة تخطط لنقل عائلات من أقلية الأويغور الصينية المقيمة لديها إلى مناطق تخضع لسيطرتها في شمال وشرق سوريا، بهدف إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة.

وتحدثت لامار أركندي، وهي باحثة في قضايا الإرهاب في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، عن ترتيبات تركية لنقل عائلات الأويغور التي تقيم في مدينة إسطنبول وتوطينها في الشمال السوري.

استخدام الأتراك

 وقالت “أركندي”، وهي صحفية أيضاً وتعيش في شمال شرقي سوريا، في مقابلة لنورث برس، إن المعلومات الواردة من الداخل التركي تكشف عن رغبة أنقرة بتحييد الأويغور الأتراك من اتفاقيه تسليمهم للصين ونيتها نقلهم إلى مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.

وفي 2017 وقعت كل من الصين وتركيا اتفاقية “مبادلة المجرمين”، وصادقت بكين الاتفاقية أواخر العام الفائت، لكن البرلمان التركي لم يصادق عليها حتى الآن.

وتقدر الإحصائيات وجود نحو 50 ألف شخص من أقلية الأويغور المسلمة في تركيا، حيث يتشاركون في تراث لغوي وثقافي وديني مشترك مع الأتراك.

ولجأ هؤلاء إلى تركيا هرباً من “اضطهاد” الصين التي فرضت في منطقة شينجيانغ (شمال غرب) سياسة رقابة قصوى على الأويغور إثر وقوع هجمات دموية ضد المدنيين، تحمّل بكين “انفصاليين” أويغور إسلاميين مسؤوليتها.

وبعد أشهر قليلة من سيطرة تركيا برفقة فصائل سورية معارضة موالية لها على منطقتي سري كانيه وتل أبيض في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، نقلت تركيا “وجبات” من مقاتلي الحزب التركستاني وعائلاتهم الموجودة في إدلب لمدينة سري كانيه، بحسب “أركندي”.

“في منازل الكرد”

ووفقاً للباحثة، فإن الوجبة الأولى من الأويغور وعددها 150 عائلة عبرت مدينة إدلب باتجاه الأراضي التركية ومنها “دخلوا سري كانيه وتبعتها الوجبة الثانية بعد أسبوع وتم توطينهم في منازل المدنيين الكرد.”

وتستند الباحثة في توثيقاتها إلى معلومات “حصلنا عليها من نشطاء داخل سري كانيه  وتل أبيض.”

وقدم مقاتلو الحزب الإسلامي التركستاني (فرع الحزب الإسلامي التركستاني الأويغوري في سوريا) برفقة عائلاتهم إلى سوريا منذ العام 2012، ويضم عناصر من الأويغور الصينيين إضافة إلى جنسيات أخرى متعددة.

وأشارت “أركندي” إلى أن “حكومة أنقرة ستحتجز الأويغور الأتراك الذين يقاتلون من أجلها فقط، وسترفض تسليمهم لحكومة بكين بينما ستمنح الآخرين للصين.”

لكن لم نتمكن من الحصول على تأكيد أو نفي لهذه المعلومات من مصادر مستقلة أو حكومية من الداخل التركي. 

“جوازات تركية”

وقال أنس ماماش، وهو باحث أرمني متخصص بالشؤون التركية، إن: “المخطط موجود. يدخل هؤلاء الجهاديون سوريا بجوازات سفر تركية منحتها لهم أنقرة، وقامت المخابرات الوطنية وغرفة عمليات الحرب الخاصة التركية بتسوية أوضاعهم.”

وأضاف “ماماش”، الذي يعيش في أرمينيا، في مقابلة عبر الهاتف لنورث برس، إن: “الرئيس التركي منح هؤلاء الجهاديين الجنسية التركية وتم نقل قسم منهم إلى مدينة ديار بكر (أكبر المدن الكردية في تركيا) لتوطينهم فيها.”

وقال: “بينما تم نقل قسم آخر منهم إلى ليبيا وأثيوبيا وشاركوا في الجبهة الأذرية إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا في إقليم ناغورني قراباغ.”

وأواخر العام الفائت، نفى المتحدث باسم مجلس الأويغور العالمي ديلكسات راكسيت في تصريحات صحفية حصول الأويغور على الجنسية التركية.

لكن الباحث الأرمني المتخصص بالشؤون التركية قال إن عدداً كبيراً من الأويغور حصلوا على جنسية البلد المضيف.

وقال أيضاً إن تركيا وطنت أكثر من 20 ألف من الأويغور الأتراك في منطقة زنبق السورية وجسر الشغور بإدلب وجهزت لهم مستعمرات في هذه المناطق.

” تدريبات خاصة”

وبحسب الباحث الأرمني فإن الأويغور الصينيين يتلقون تدريبات خاصة حول كيفية القيام بعمليات انتحارية في معسكرات خاصة “لإرسالهم إلى بؤر الصراع التي لا تنكفئ تركيا في سكب الزيت على النار وإشعال فتيل الحروب فيها كأثيوبيا والصومال وليبيا وتزجهم في معارك خدمة للمصلحة التركية.”

وأضاف: “لقد قاتلوا في أذربيجان وليبيا واليوم نجدهم يقاتلون ضد الأكراد في عين عيسى.”

ويعتقد “ماماش” أن تركيا تريد من خلال الأويغور تغيير ديموغرافية المناطق التي تسيطر عليها في سوريا وليبيا وإثيوبيا، “فهي تنظم البنية التحتية اللازمة لتتمكن من ضم تلك المناطق بعد غزوها من خلال توفير أكبر عدد ممكن من السكان المرتبطين بتركيا كالحالة السورية والليبية.”

وتواصل تركيا جهودها لضمان إضفاء الشرعية الدولية للمناطق المسيطرة عليها في سوريا، “لتكون تحت سيطرتها المطلقة.” بحسب “ماماش”.

إعداد: رنا الأحمدي – تحرير: سوزدار محمد