حزب الله يحول منطقة اللجاة إلى معسكرات تدريب ويستقطب أبناء الجنوب السوري
السويداء – نورث برس
قال ضباط متقاعدون ومنشقون عن الجيش الحكومي إن منطقة اللجاة التي تتوسط محافظتي درعا والسويداء، جنوبي سوريا، تشهد نشاطاً أمنياً وعسكرياً لافتاً من قبل قوات حزب الله اللبناني وعناصر تتبع له ممن تم تجنيدهم من أبناء المنطقة.
وتمتد منطقة اللجاة الوعرة على مساحة 24 كم مربع وتشكل حدوداً إدارية مشتركة بين المحافظتين وتضم عشرات القرى المحاذية للسويداء من الجهة الغربية وأخرى لدرعا من جهة الشرق.
وتعد اللجاة منطقة استراتيجية هامة تربط الجنوب السوري ببعضه، وتعج بالوديان البازلتية والمغارات الطبيعية، ما يُمكّن الحزب من إخفاء العناصر والمعدات العسكرية فيها بسهولة.
وقال ناصر الشهابي (55عاماً)، وهو اسم مستعار لضابط متقاعد من الجيش الحكومي من سكان بلدة لاهثة بالريف الشمالي الغربي للسويداء والمحاذية لمنطقة اللجاة، إن حزب الله نقل معسكراته من الريف الشمالي الغربي لدرعا والذي كان يسمى “مثلث الموت” إلى منطقة اللجاة بعد تسوية عام 2018.
وذكر “الشهابي” أن حزب الله نقل معسكراته نحو حقل كريم الشمالي والقريب من بلدة المسمية آخر قرى منطقة اللجاة من جهة دمشق ليحولها إلى مركز عسكري لتدريب عناصره وذلك لتجنب القصف الإسرائيلي.
ويتمركز حزب الله في سبع قرى أساسية في منطقة اللجاة، وحولها إلى معاقل لتجنيد وتدريب شبان من المنطقة الجنوبية.
والقرى هي جدل والمسيكة وصور اللجاة وقيراطة والرويسات وإيب ومنطقة إزرع الواقعة على أطراف اللجاة الشمالية الشرقية والمحاذية لريف السويداء الغربي.
وفي حزيران/ يونيو 2018، توسطت روسيا بين إسرائيل وإيران للوصول إلى اتفاق نص على انسحاب القوات الإيرانية 40 كم نحو العمق السوري بعيداً عن الحدود الغربية المحاذية للأراضي المسيطر عليها من قبل إسرائيل والواقعة في ريف درعا الشمالي الغربي والمحاذي لريف القنيطرة الغربي.
ونصت التسوية حينها أيضاً على حل فصائل المعارضة المسلحة في المنطقة وعدم التعرض لها من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية في محافظة درعا مقابل سيطرة الجيش الحكومي وأجهزته الأمنية على جميع الأراضي في درعا.
تجنيد للشباب
وبحسب الضابط المتقاعد فإن معسكر جبات في الشمال الشرقي من منطقة اللجاة يعتبر من أبرز تلك المعسكرات، “والتي يتم فيها تدريب عناصر تم تجنيدهم وينحدرون من عشائر بدوية تقطن اللجاة، بالإضافة تجنيد شبان من ريفي درعا والسويداء.”
ويقدر ضباط منشقون من الفيلق الأول التابع للجيش الحكومي، أعداد المنخرطين في صفوف حزب الله من شباب محافظتي درعا والسويداء وأبناء عشائر اللجاة والذين ازداد عددهم بشكل ملحوظ بعد عام 2018، بأكثر من خمسة آلاف شخص.
وأرجع “الشهابي” هذا الانخراط إلى “مغريات مالية ورواتب شهرية يصل بعضها إلى 400 دولار أميركي، فحزب الله استغل الظروف الاقتصادية البائسة لدى شبان السويداء وانعدام فرص العمل، ليكونوا رديفاً عسكرياً للحزب.”
وأشار الضابط إلى أن سكان الريف الشمالي الغربي من السويداء “يرفضون التواجد الإيراني عبر ميليشياته في مناطقهم ولا يلقون الترحاب أو الاحتضان لأنشطتهم التخريبية.”
وفي عام 2018، أعدمت مجموعة مسلحة تابعة لفصيل رجال الكرامة المدعو أبو “جعفر” رمياً بالرصاص وهو أحد قادة حزب الله في المنطقة الجنوبية وكان مقر إقامته في بلدة “القرية” بريف السويداء متهمين إياه بتجنيد شباب من السويداء في صفوف حزب الله والإتجار والترويج للمخدرات داخل المحافظة.
وقال وليد المصري (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لعسكريّ منشق عن الفيلق الأول التابع للجيش الحكومي، إن استراتيجية إيران الجديدة في اللجاة هي “محاولة السيطرة الكاملة على المنطقة وضمان نجاحها في الاستمرار.”
اللواء 313
وبحسب “المصري”، فإن إيران انتهجت مؤخراً عدة تكتيكات، منها استخدام بعض الأطراف وقوى في المجتمع المحلي من عشائر البدو، “للضغط على أبناء المنطقة الذين يعارضون التواجد الإيراني وسحب السلاح منهم خوفاً من أن تطال الاغتيالات قادة وعناصر تابعين لحزب الله وإيران في المنطقة.”
وتندرج الأطراف المتعاونة مع حزب الله في المنطقة الجنوبية تحت مسميات فصائل محلية موالية للحكومة وأخرى رديفة تم إنشاؤها وتمويلها بشكل مباشر من قبل إيران، ومنها فصيلا الدفاع الوطني وحماة الديار الموالين والمدعومين من حزب الله وإيران.
وذكر “المصري” أن منطقة إزرع تضم “مجموعة تابعة لـ اللواء 313 يقودها المدعو شادي جعفر ويدعي القائمون على اللواء أنه يتبع للجيش السوري وللفرقة الرابعة “لكنه مجرد واجهة لإيران.”
ويتمركز اللواء 313 شمال غرب بلدة المسمية أقصى شمالي غربي محافظة درعا وهو خليط من جنود حكوميين وعناصر من أبناء المنطقة مدربين وتابعين لحزب الله.
ويتشكل اللواء من ثماني كتائب عسكرية تضم كتيبتي مدرعات وكتيبة دبابات وأخرى للدفاع الجوي وأربع كتائب للمشاة، بحسب الضابط المنشق من الفيلق الأول للجيش الحكومي والمتمركز في مناطق وسط وغربي محافظة القنيطرة والريف الغربي الجنوبي لدمشق.
وأضاف “المصري” أن “اللواء يتلقى الأوامر بشكل مباشر من حزب الله وإيران وعدد العناصر ضمنه يتجاوز 800 مقاتل تم تجنيدهم بين شهري نيسان/ أبريل وأيار/ مايو 2020.”
وذكر أن عدداً من تجار المخدرات يتواجدون في منطقة اللجاة الذين تربطهم علاقة وثيقة مع حزب الله، “فعائدات الاتجار بالمخدرات عبر السويداء نحو الحدود الأردنية كفيلة بتغطية الرواتب المنخرطين في صفوف حزب الله.”
“وهناك بعض الذين يبلغون درجة قائد فصيل أو مجموعة في حزب الله وقدتيتجاوز رواتبهم ألف دولار مع التفاوت بين شهر وآخر.”
وأشار الضابط المنشق إلى أن هناك مهمات أمنية وعسكرية يتم تنفيذها من قبل المنخرطين ضمن صفوف الحزب خارج منطقة االلجاة، حيث تُصرف لكل مهمة أمنية أو عسكرية مبلغ 200 ألف ليرة سورية.
وقد تبلغ المهام التي يكلف بها العنصر المجند في أماكن مختلفة للقتال إلى جانب الجيش الحكومي كحد أدنى خمس مهام يتم تمويلها من قبل ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، على حد قول الضابط المنشق.