استغلال ومضايقات.. ظروف عمل سيئة لفتيات يعملن في دمشق لتمويل مصاريفهن الشخصية والدراسية

دمشق – نورث برس

تتعرض فتيات، بعضهن ما زلن طالبات في الجامعة، في العاصمة دمشق لمضايقات واستغلال في أماكن العمل بعد أن اضطررن لدخول سوق العمل باكراً بسبب الظروف المعيشية المتدهورة لعائلاتهن.

وفرضت الأزمات المعيشية المتلاحقة في مناطق سيطرة الحكومة السورية عموماً، وفي العاصمة خصوصاً، توجه الفتيات لأعمال مختلفة والرضى بظروف عمل غير مناسبة.

لكن تحديات كبيرة تواجه هؤلاء الإناث خلال بحثهن أو مباشرتهنّ بالعمل في ظل عدم وجود ضمانات وقوانين تحفظ حقوقهن.

“مصاريف دراسة”

وأمام عجز بعض العائلات عن توفير احتياجات أفرادها، يضطر معظم أفراد العائلة للبحث عن مصادر دخل جديدة، حتى وإن كانوا طلاباً أو مسنين.

وقالت سهى السيف (23 عاماً)، وهي طالبة جامعية تعمل في عيادة لطبيب أسنان في منطقة السبع بحرات، إنها تمكنت بمساعدة من أصدقائها من إيجاد عمل في العيادة.

وكانت الطالبة قد بحثت طويلاً عن فرصة عمل بعد أن كادت تترك دراستها بسبب قلة مدخول عائلتها وعدم قدرتها على تحمل مصاريف دراستها.

ورغم ساعات العمل الطويلة، ترى “السيف” أن عملها “جيد” مقارنة بظروف عمل زميلات لها اضطررن للقبول باستغلال حاجتهن للعمل بأجور متدنية.

وتعتقد أن سبب تفضيل أرباب العمل تشغيل الإناث يعود إلى الظروف التي تجبرهن على قبول العمل برواتب قليلة دون حقوق وضمانات بسبب كثرة الفتيات الراغبات بالعمل.

وكان مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، قد قال إن أسعار السلع في سوريا ارتفعت، حتى الضروريات المدعومة مثل الخبز الذي تضاعف سعره فيما ارتفع سعر وقود الديزل المدعوم لأكثر من الضعف منذ أيلول/سبتمبر الماضي.

“خدمات جنسية”

وقالت بتول العايد (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالبة في كلية العلوم بجامعة دمشق، إن أصحاب أعمال اشترطوا أن تقدم لهم “خدمات جنسية” إلى جانب عملها حتى تتم الموافقة على تشغيلها.

وروت “العايد” أنها توجهت لمعرض لبيع أجهزة الكمبيوتر في سوق البحصة، كان قد علّق إعلاناً يطلب فيه فتاة للعمل، لكن صاحب المنشأة أخبرها أن شرطه الوحيد لتعيينها “هو الخروج معه للطابق الأعلى حيث توجد غرفة.”

ويأتي انتشار توجه الفتيات والنساء للعمل في مجتمعات سورية اعتادت أن تقضي النساء معظم وقتهنَّ في العمل المنزلي وأن تنتظر الطالبات إنهاء دراستهن للحصول على وظيفة في المؤسسات الرسمية.

ودفعت الظروف المعيشية المتدهورة إسراء فاتح (23 عاماً)، وهي من سكان العاصمة، للعمل في معمل لخياطة الألبسة في منطقة الزبلطاني لمساعدة شقيقيها في إعالة العائلة.

وقالت إن شقيقيها اللذين يعمل أحدهما في ورشة لتصليح السيارات بمنطقة حوش بلاس والآخر في سوق بيع الخضار في الزبلطاني لا يتمكنان من سد جميع احتياجات العائلة.

وسبق لـ”فاتح” أن عملت في ورشة للخياطة لكنها تعرضت لتحرش من قبل صاحب الورشة ما دفعها لترك العمل.

“كانت نظراته غريبة، وحاول عدة مرات لمس يدي، فاضطررت لترك العمل، وبررت لعائلتي حينها بأن الراتب قليل، لأنهم إن علموا السبب الحقيقي سيمنعونني من العمل مرة أخرى.”

“استغلال ظروف”

وقال أحمد برنية (49 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحام في دمشق، إن فتيات كثيرات يتعرضن لمضايقات وتحرش من قبل أرباب العمل ممن يستغلون اطلاعهم على تفاصيل حياة العاملات لديهم.

وأضاف: “خاصة الفتيات اللواتي يفتقدن لأشقاء أو آباء قد تصدر عنهم ردة فعل اجتماعية تجاه اعتداء أحد على أفراد من عائلاتهم.”

وذكر أن بعض أرباب الأعمال يحاولون من خلال الحديث مع الإناث العاملات الاطلاع على كل الأمور المتعلقة بحياتهنّ وأسرهنّ للتأكد من عدم تعرضه للمحاسبة في حال أقدم على الاعتداء عليهن.

وأشار إلى أن “الأمر المؤسف هو أن غالبية ضحايا التحرش والاعتداءات الجنسية لا تبلغنّ عما حدث معهنّ بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية.”

وتشير تقارير حقوقية وأممية إلى أن النساء اللواتي يتمكنَّ من الهروب من العنف، غالباً ما يجدن طريقهن إلى العدالة مسدوداً بسبب إلقاء اللوم على الضحايا.

لكن “برنية” قال أيضاً إن “هناك أخريات يستمررن بالعمل رغم تعرضهن لمضايقات بسبب حاجتهنّ الماسة للعمل.”

إعداد: وحيد العطار – تحرير: حكيم أحمد