مقابر بثمن شقة ودفن الموتى بحاجة لرشاوى في العاصمة دمشق وريفها

دمشق- نورث برس

يفرض مكتب الموتى في العاصمة دمشق شروطاً على عائلة المتوفى قد تنتهي بمصادرة القبر الذي تمتلكه، ويطالبها بتقديم وثائق رسمية تثبت امتلاكها  للمدفن الخاص الذي توارثته العائلة منذ أكثر من خمسين عاماً.

وفي هذه الأثناء تضطر عائلة المتوفى للبحث عن مقبرة أخرى لدفن موتاها أو شراء قطعة أرض في المدافن ذاتها بمبالغ كبيرة تصل لملايين الليرات السورية، ما قد يعادل ثمن شقة سكنية.

قبور مصادرة

وتمتلك عائلة صهيب سعيد (60 عاماً)، وهو مدرس متقاعد من مدينة دمشق، قبراً في حي الدحداح الذي احتضن رفاة والده وجده وجدته وشقيقه، لكنه فقد ملكية القبر الذي صودر منه وفقاً لقوانين وصفها “بالجائرة”.

وقال إن القبر متوارث في العائلة منذ أكثر من ستين عاماً، “وبحكم العادات والتقاليد ورثته دون صكوك ملكية فالتوثيق لم يكن مطلوباً آنذاك.”

وقبل شهرين، اضطر “سعيد” لدفن والدته خارج مقبرة العائلة، “فالقوانين وإجراءاتها التعجيزية باتت كالعصا في الدولاب.”

 وفي تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018، أصدر المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق القرار رقم 1020، نص على “تقاضي رسوم تصل إلى أربعة ملايين ليرة من أي شخص يحصل على قبر من غير ذوي القربى وفق حكم قضائي وتبعاً للغرامة التي قُسِّمت على درجات حسب تصنيف المقابر”.

وقال جميل سهيل، وهو اسم مستعار لمحامٍ يقيم في دمشق، إن مكتب دفن الموتى صادر أكثر من 500 قبر حتى الآن.

وأشار إلى أن أهل المتوفى يدفعون أضعاف المبلغ، لا سيما ما يُدفع كرشاوى للمشرفين على تنفيذ القرارات.”

قبر بعشرة ملايين

وقال صبحي أيوب، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة حمص يسكن في مدينة قدسيا بريف دمشق، إن شراء القبر يكلف عشرة ملايين ليرة سورية.

وأشار إلى أن نازحين من المحافظات ممن انتقلوا للعيش في دمشق وريفها يُمنعون من دفن موتاهم في مقابر المدينة، ويُجبرون على دفع رشاوى للجان الشعبية بريف دمشق.

وتعمل لجان شعبية في بلدات ريف دمشق كمساكن برزة وقدسيا والصبورة وغيرها دون أي صفة رسمية تتيح محاسبتها أو مراجعة المسؤولين عنها، رغم تبعيتها وولائها للحكومة.

وذكر “أيوب” أنه لم يتمكن من دفن زوجته المتوفاة رغم أن عائلة أحد أصدقائه وافقت على دفنها في مقبرة تخصهم.

وأضاف: ” لكن مكتب دفن الموتى لم يسمح لنا بفتح القبر، فدفنتها في إحدى قرى ريف دمشق، بعد دفع رشاوى للجان الشعبية.”

ومنتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، نقلت إذاعة “ميلودي أف إم” عن فراس إبراهيم مدير مكتب دفن الموتى في العاصمة دمشق، أن وزارة الصحة سمحت بدفن وفيات فيروس كورونا بقبور عائلاتهم ضمن المدينة، بعد أن كانت محصورة في مقبرة نجها.

وأشار إلى أن الغاية من ذلك تخفيف معاناة المواطنين في الحصول على قبر، مشيراً إلى أن فتح قبور جديدة في دمشق غير مسموح به، وأن القبور الجديدة في مقبرة نجها فقط.

واضطر إسماعيل محمد، وهو اسم مستعار لنازح من دير الزور يقيم في بلدة الصبورة بريف دمشق، لدفن ابنه في مقبرة “نجها” على أطراف العاصمة دمشق رغم بعدها.

وقال “محمد” إن اللجان الشعبية منعته من دفن ابنه الذي توفي بفيروس كورونا في مقبرة قدسيا القريبة “مدعية أن قرارها جاء من وزارة الأوقاف.”

إعداد: رنا الأحمدي- تحرير: سوزدار محمد