بعد فشل “اللجنة الدستورية”.. تباين آراء حول العودة إلى مسار آستانا برؤية روسية
إسطنبول ـ نورث برس
اختتمت في العاصمة السويسرية جنيف، أمس الجمعة، أعمال الجولة الخامسة الخاصة بـ”اللجنة الدستورية” دون تحقيق أي تقدم يذكر وبشهادة المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن.
وتباينت الآراء من وجهة نظر معارضين سوريين ومن وجهة نظر محلل روسي حول عودة العملية السياسية إلى مسار آستانا ووفقاً للرؤية الروسية من جديد.
وقال هادي البحرة الرئيس المشارك للجنة الدستورية، خلال مؤتمر صحفي عقد أمس الجمعة، إن “إطالة عمل اللجنة الدستورية يؤدي إلى إطالة معاناة أهلنا في سوريا.”
وأضاف: “أبلغنا كل الدول أننا وصلنا إلى مرحلة لم تعد جهودنا كافية لإبقاء اللجنة على قيد الحياة، ولا يوجد أي طرف يوجه أصابع الاتهام لقوى الثورة والمعارضة السورية بأنها كانت سلبية أو تقوم بتعطيل عمل اللجنة.”
وطالب البحرة مجلس الأمن بضرورة تنفيذ القرار 2254 وتحديد جدول زمني، “ونتطلع من مجموعة دول آستانا الداعمة للعملية الدستورية أن تُقدّم في الاجتماع القادم اقتراحات أو معطيات تمكّن المبعوث الخاص من إنجاز مهمته وتمكّن اللجنة من إنجاز مهمتها في أقرب وقت ممكن.”
“نتائج صفرية“
وقال مصدر من المعارضة السورية (فضّل عدم الكشف عن اسمه لأنه يقيم في تركيا) لنورث برس، إنه “بحسب المقدمات تأتي النتائج وبما أن سوتشي وأستانا والرياض 2 هي المقدمات التي أنتجت لنا اللجنة الدستورية فمن الطبيعي أن تكون صفرية النتائج.”
وأضاف: “كل هذه المقدمات هي أسس المقاربة الروسية لمخرجات جنيف والقرار 2254 التي فرغتها روسيا من مضمونها وحولتها إلى حالة من العبث وتمرير الوقت.”
وتهدف روسيا من ذلك “الاستيلاء على الأراضي، وإعادة إنتاج النظام وتأهيل بشار الأسد، وستكمل المسرحية في منتصف الشهر القادم ومن المتوقع أن تجر اللجنة الدستورية إلى هناك، وبذلك تكون العملية الأممية بحكم الميتة”، بحسب المصدر.
وأشار إلى أن “روسيا نجحت بتعطيل مساعي الأمم المتحدة وستخرج علينا في آستانا القادم بجولة جديدة من الكذب والمراوغة حتى تمر عملية انتخاب بشار الأسد بلا دستور أو حتى إصلاح دستوري.”
بدوره، شدد دينيس كوركودينوف رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، المحلل السياسي الروسي، في حديث لنورث برس على أنه “في نهاية الجولة الخامسة رفض وفد الحكومة 10 مواد دستورية قدمتها المعارضة، متهمين مؤلفيها بالسعي لاستمرار الحرب الأهلية.”
وأعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن رسمياً انتهاء عملية التفاوض واصفاً إياها بـ “المخيبة للآمال”.
وقبل ذلك بيوم عبر عضو اللجنة يحيى العريضي عن موقف مماثل تقريباً إلا أنه أشار في تصريحه للصحافة إلى أن الأمر يتعلق فقط بالتعليق وليس استكمال المفاوضات.
واعتبر العريضي أنه من الممكن استئناف الحوار مع دمشق بمساعدة فاعلة من الدول الضامنة (روسيا إيران وتركيا)، التي أعربت بالفعل عن عزمها مواصلة المشاورات في الاجتماع المقبل في آستانا في الفترة من 16 إلى 17 شباط/ فبراير القادم.
“ظروف سلبية”
وقال المحلل الروسي إن “قرار مقاطعة اللجنة الدستورية جاء على خلفية التصعيد المستمر للصراع في مدينة عين عيسى والمواجهة المستمرة بين المعارضة والقوات الحكومية في درعا.”
وأضاف: “هذا المزيج من الظروف أثر سلباً على قابلية التفاوض في دمشق، التي بدأت تعتبر تصرفات المعارضة انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات القائمة بشأن وضع دستور واحد.”
وأشار إلى أن الموقف غير المطابق للمفاوضين يرجع إلى حد كبير إلى التناقض الحالي في تصرفات الثلاثي الدولي.
وعلى وجه الخصوص، “لا تزال موسكو وأنقرة وطهران متباينة في تقييمها للوضع الحالي في سوريا وغالباً ما تكون بمثابة العوائق الرئيسية للاتفاقيات بين النظام والمعارضة”، بحسب “كوركودينوف”.
وقال إن “هذا الغموض هو سبب شكوك كبيرة حول الدور الإنتاجي للدول الضامنة في حل المشاكل السورية، إذ لم تستطع موسكو ولا أنقرة ولا طهران تحييد بؤر التوتر في عين عيسى ودرعا.”
ويرى المحلل الروسي أن المعارضة السورية مستاءة للغاية من حقيقة أن دور الوسطاء المباشرين في اللجنة الدستورية يعود لروسيا وتركيا وإيران.
وكانت هذه الدول تنوي استخدام المفاوضات في المقام الأول للتوصل إلى حل وسط فيما بينها، بحسب “كوركودينوف”.
في غضون ذلك، أدت “أخطاء معينة في ضمان الاستقرار في قطاعات معينة من الجبهة السورية إلى تقليص السلطة السياسية للثلاثي الدولي بشكل كبير، لكنها في غضون ذلك لم تؤد إلى تراجع نشاطهم العسكري.”
ورأى أن “غالبية فصائل المعارضة تعتبر بشار الأسد شخصاً غير موثوق وليس له الحق في تمثيل مصالح سوريا كلها، والتي لا تزال بعيدة تماماً عن تنفيذ مشروع الحكومة المركزية.”
وأضاف: “هناك أيضاً سوء تفاهم بين أعضاء البرلمان في دمشق. يتلخص في حقيقة أن دستور البلاد يجب أن يوافق عليه البرلمان، في حين أن أنشطة اللجنة الدستورية غير دستورية بطبيعتها، لأنها لا تشارك البرلمان في ادعاءاته بتنفيذ مهام مجلس النواب.”
وأعرب المحلل الروسي عن اعتقاده بأنه نتيجة لفشل محادثات جنيف فلن يكون الثلاثي الدولي قادراً على إحياء عملية آستانا.
وقال إن “أستانا ليست أفضل من جنيف، وهذه ليست سوى محاولة لنقل عملية التفاوض إلى (رقعة الشطرنج) الروسية وإثبات لإدارة جو بايدن الجديدة أن موسكو لا تزال لها يد على نبض سوريا.”