سكان وناشطون في دمشق: النظام يدفع لتقسيم سوريا بسبب مخاوفه من السقوط
دمشق – نورث برس
اتهم سكان و ناشطون في دمشق الحكومة السورية بتهيئة الظروف للدفع نحو تقسيم البلاد في ظل تزايد الغليان الشعبي ضدها بسبب الأزمات الداخلية وإصرارها على الخيار العسكري والأمني.
ومع اقتراب مرور عشر سنوات على بدء الاحتجاجات في سوريا وفقدان الحكومة سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي السورية، تبرز عدة أزمات خدمية ومعيشية خانقة في العاصمة ومناطق سيطرة القوات الحكومية.
بينما تلجأ حكومة دمشق إلى “بث الفتن” مع الإبقاء على أولوية الخيارات الأمنية والعسكرية، وفقاً لهؤلاء الناشطين.
“تخبط وفقدان المناورة”
وقال سامر حديد (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لكاتب صحفي في دمشق، إن “إصرار الحكومة السورية على الخيار الأمني والعسكري في التعامل مع الملفات الداخلية سيؤدي في نهاية المطاف إلى جعل التقسيم أمراً واقعاً.”
وأضاف:” منذ بداية الأزمة، اتبع النظام في سوريا مبدأ إما أن أبقى أو لا تبقى سوريا، وعلى ما يبدو يتجه النظام إلى نهايته المحتومة ويعمل على جر سوريا معه إلى التفكك عبر إصراره على الخيار العسكري.”
وأشار إلى أن الهجوم العسكري لقوات الفرقة الرابعة على الريف الغربي لمحافظة درعا جنوبي البلاد، “دليل على إصرار النظام على الحل العسكري ومواصلة جر البلاد إلى التهلكة.”
ويرى “حديد” أن “النظام دخل في مرحلة التخبط وفقدان القدرة على المناورة التي اعتمد عليها خلال الأعوام الماضية في تعامله مع الأزمة داخلياً، وفقد كذلك القدرة على اللعب على وتر التناقضات في الملفات الإقليمية والدولية.”
والخميس الماضي، ودعا غير بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، الجهات المتصارعة في سوريا لحل النزاع بالعمل معاً لتنفيذ القرار 2254.
وقال، في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع تويتر، إنه “لا يمكن لأي جهة فاعلة واحدة أو مجموعة من الجهات الفاعلة فرض إرادتها على سوريا أو تسوية النزاع، يجب أن يعملوا معاً.”
“فتن وتفاهمات أمنية”
وقال رائد البدوي (42 عاماً)، وهو اسم مستعار لناشط سياسي يقيم في دمشق، إن على الحكومة السورية أن تعي أن “سياسة تقديم الأطباق الجاهزة لها قد ولى.”
وأضاف أن المجتمع الدولي تعامل منذ العام 2011 بطريقة تصب في صالح “النظام”، فقد أصبح الباب مفتوحاً لتحكم حزب الله بمفاصل الدولة اللبنانية والتوغل في سوريا، بينما تسلّمت حكومة مؤيدة للأسد في العراق.
كما تم غض النظر عن التدخل الإيراني، وتدخل روسيا لصالح “الأسد” وبدء حرب عسكرية شرسة لصالح القوات الحكومية.
واعتبر “البدوي” أن “عمل النظام على بث الفتنة في محافظات السويداء ودرعا وتأليب العشائر ضد الكرد في شمال وشرق سوريا والتفاهمات الأمنية غير المعلنة مع تركيا، كلها تدخل ضمن مسعى النظام لجر سوريا إلى التقسيم في حال شعوره بخطر السقوط.”
وسبق وأن اتهمت الإدارة الذاتية في مناسبات عدة الحكومة السورية بتحريض العشائر العربية الموالية في شمال شرق سوريا ضدها.
ويوم أمس الأربعاء، تداول ناشطون من مدينة حسكة مقطعاً مصوراً لما قالوا “إنها تظاهرة لمؤيدي النظام السوري في المدينة، جرى تفريقها من قبل قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية.”
ويعتقد “البدوي” أن “سعي النظام في دمشق لخلق وضع جديد عبر ضرب فئات المجتمع السوري ببعضها وبث السموم بهدف ترسيخ التقسيم، يأتي بعد تراجع دور إيران في سوريا واستنزاف روسيا نقاط القوة التي يستند عليها النظام. “
“أرضيات وماكنة إعلامية”
وعدّ فهد العاجي (34 عاماً)، وهو ناشط سياسي من سكان دمشق، “الماكنة الإعلامية للحكومة السورية سبباً رئيساً في تعزيز التفسخ الاجتماعي والسياسي داخل المجتمع السوري.”
وقال لنورث برس إن “التقسيم هو خيار النظام الذي جهّز له كل الأرضيات الأساسية خلال السنوات الماضية.”
وأضاف أن “النظام” سيلجأ للاحتفاظ بالعاصمة وحمص والساحل السوري، “ولهذا السبب تم تغيير التركيبة السكانية حول دمشق عبر تهجير سكان الريف الدمشقي وتوطينهم بمنطقة عفرين وفق صفقة سورية روسية تركية.”
ويرى “العاجي” أن حكومة دمشق تهدف من خلال تلك الصفقة لإضعاف قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية بعد إسقاط خلافة داعش وتحولها إلى “منافس قوي.”