مسنو عفرين في مخيمات ريف حلب الشمالي.. آلام النزوح وأمل العودة

ريف حلب الشمالي – نورث برس

يقول مسنون نازحون من منطقة عفرين، يعيشون حالياً في مخيمات بمنطقة ريف حلب الشمالي شمال غربي سوريا، إن

أكثر ما يؤرقهم هو تخريب أشجارهم ومنازلهم وتاريخهم بعد أن فنوا عقوداً من عمرهم في الزراعة والاهتمام بالأراضي.

ويأمل هؤلاء المسنون في العودة إلى قراهم ومنازلهم، وخاصة أن حياة المخيمات تزيد من معاناتهم أكثر، فلا عمل يشغلون بهم أنفسهم، في ظل تشتت عائلاتهم.

وقبل أيام مرت الذكرى السنوية الثالثة لبدء الهجمات التركية على منطقة عفرين.

وفي آذار/مارس من عام 2018، سيطرت تركيا برفقة فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على منطقة عفرين بعد عملية عسكرية دامت حوالي شهرين.

وتسببت العملية العسكرية التركية بنزوح 300 ألف شخص، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين، 100 ألف منهم فضلوا البقاء في مخيمات وبلدات بريف حلب الشمالي على أمل العودة إلى منطقتهم.

“كنا سعداء”

وقال حسين سليمان (80 عاماً)، وهو نازح من قرية جلبية التابعة لناحية راجو بمنطقة عفرين يعيش في مخيم سردم بريف حلب الشمالي، إن فكرة الموت بعيداً عن قريته هي أكثر ما يشغل باله، “أتمنى العودة حتى أموت في قريتي وأدفن في مقبرتها بجانب والديّ.”

واستذكر “سليمان” لحظات حياته في قريته، “كنت مزارعاً، عملت في حراثة الأراضي وزراعة الأشجار وتقليمها وطحن الحبوب، معظم وقتي كان بين البساتين وكروم الزيتون.”

وحالياً، يقضي المسن جل وقته في تبادل الأحاديث والذكريات أثناء الجلوس في حديقة المخيم مع عدد من أقرانه.

وأضاف المسن وهو يشير إلى كلتي يديه، “عملت بهاتين اليدين، قمنا باقتلاع الصخور وزرعنا  أشجار زيتون مكانها، كنا سعداء بما نقوم به، هنا ليس هناك عمل أشغل به نفسي، غالباً لا أخرج من خيمتي.”

القصف مجدداً

ورغم نزوح معظم سكان عفرين، إلا أن القصف التركي يلاحق من فروا إلى مدينة تل رفعت ومخيمات وبلدات بمناطق ريف حلب الشمالي.

وقبل يومين، قصفت تركيا مجدداً مدينة تل رفعت، ووصلت حصيلة الضحايا إلى أربعة أشخاص، بعد أن فقد أحد الجرحى حياته يوم أمس متأثراً بجراحه.

وقالت منظمات حقوقية كردية وسورية، في بيان صدر مؤخراً، إن ملايين الأشجار تم قطعها وإتلافها منذ سيطرة تركيا وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها على عفرين.

وأضافت: “لم تبقَ موبقة ولا صنيفة من صنوف إجرام إلا ومارسوها.”

وتتهم تركيا والفصائل الموالية لها بمحاولة “تغيير وجه منطقة عفرين ديمغرافياً، وتغيير مظهر الساحات العامة والمعالم الأثرية.”

وفي هذه الأثناء تستعد خمس مؤسسات حقوقية لعقد “الملتقى الحقوقي الثاني” أواخر كانون الثاني/ يناير الجاري، حول الانتهاكات المرتكبة في عفرين، إذ عقد الملتقى الأول عام 2018 وشارك فيه شخصيات سياسية وحقوقية من دول عديدة.

 وشهدت مناطق في شمال شرق سوريا وريف حلب الشمالي في الذكرى الثالثة لهجوم القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة على عفرين 20 كانون الثاني/ يناير تظاهرات تضمنت بيانات طالبت “بإنهاء عملية الاحتلال والتغيير الديمغرافي في عفرين.”

“سنعيدها كما كانت”

وقالت سلوى بكر(83 عاماً)، وهي نازحة من قرية عكا التابعة لناحية بلبل بعفرين، إن تركيا والفصائل اقتلعوا أشجارها ونهبوا منزلها، “ولم يبقوا حجراً على حجر.”

وكان عدد أشجار الزيتون في منطقة عفرين قبل سيطرة القوات التركية والفصائل التابعة لها يبلغ 18 مليون شجرة زيتون، وفق إحصائيات هيئة الزراعة التابعة للإدارة الذاتية في عفرين.

وكانت النازحة أثناء تواجدها في عفرين ورغم كبر سنها، تقطف الزيتون وتحضر مؤونتها منها، وتجمع حطباً من مخلفات تقليم الأشجار لاستخدامها في صناعة الخبز، “هنا لا يوجد ما أفعله، فلا أشجار زيتون ولا حصاد.”

وأشارت إلى تشتت شمل عائلتها بعد سيطرة القوات التركية، “كل ولد من أولادي بات في مكان.”

لكنها قالت أيضاً أنها ما تزال تملك الأمل في الاحتفال بالعودة إلى منطقتها.

ويتشارك سليمان جعفر (72عاماً)، الذي يسكن في مخيم سردم مع عائلته، الأمل مع الآخرين في العودة وإصلاح ما خربته القوات التركية والفصائل في عفرين.

وقال: “سنعيد زراعة ما تم اقتلاعه وبناء ما تم هدمه وإعادة عفرين إلى ما كانت عليه سابقاً.”

إعداد: دجلة خليل – تحرير: سوزدار محمد