غياب جديد الأغنية السريانية في قامشلي بسبب الهجرة والتوجه للغناء بلغات متعددة
قامشلي – نورث برس
تفتقد مدينة قامشلي، شمال شرقي سوريا، بشكل خاص ومنطقة الجزيرة بشكل عام لفنانين يختصون بالأغنية السريانية، بعد هجرة غالبية الأسماء الشهيرة إلى خارج البلاد، واعتماد المواهب الجديدة على التنوع بطرح أغانيها عبر مزج أكثر من لون ولغة في الأغنية نفسها.
ورغم الإعلان عن مؤسسات ومشاريع ثقافية، إلا أن المغنين وأصحاب المواهب يصطدمون بعراقيل تمنعهم من تحقيق طموحاتهم.
“معوقات مادية”
وقال رابي مورو، وهو مغنّ سرياني في قامشلي، إنه لم يستطيع تسجيل أغانيه الخاصة بسبب معوقات اعترضته، أبرزها مادية.
وأضاف لنورث برس: ” يمتلك المغني السرياني الموهبة ويستطيع تأمين الكلمات والألحان، لكنه يحتاج لمبالغ ضخمة حالياً لتوزيع وتسجيل أغانيه.”
ويجيد “مورو”، إلى جانب غنائه في المناسبات العامة، العزف على آلة الترومبيت منذ كان في الثالثة عشرة من عمره.
ويرى أن الاهتمام بالجانب الفني للأغنية التراثية السريانية تراجع كثيراً خلال 15 عاماً الأخيرة، ليبرز الآن نوع من الاهتمام التجاري.
ومنذ عشرينيات القرن الماضي، بدأ الاهتمام بالأغنية السريانية يزداد من قبل الكنائس والمؤسسات الثقافية، بعد سنوات من تعرضهم مع مسيحيين آخرين لمجازر على يد العثمانيين.
ومنذ ستينيات القرن العشرين وحتى بدايات القرن الحالي، ازدهرت الأغنية السريانية، وظهر العديد من ملحنيها وكتابها مثل كبرييل أسعد ودنحو دحو، وكانت إيفلين داوود وحبيب موسى و جان كارات من أبرز الأصوات السريانية الرائدة في قامشلي.
“أغنيتان للعام”
ويعتب “مورو”، وهو أيضاً مسؤول دار نعوم فائق للثقافة والفن في مدينة قامشلي، على الفنانين السريان الذين هاجروا لأوروبا ودول أخرى، لأنهم لم يستمروا في الاهتمام بالأغنية السريانية.
“وحتى الذين يملكون مسيرة فنية لا تقل عن عشرة أعوام، يقومون بتسجيل أغنية أو اثنتين كحد أقصى خلال العام.”
ويفضل الفنانون الذين تتوفر لديهم بعض الأغاني إقامة الحفلات ذات المردود المادي الجيد على أن يجهدوا في تسجيل أغانٍ جديدة، بحسب المغني السرياني.
وبدأ تسجيل الأغاني السريانية لأول مرة في قامشلي عام 1965 ، لتصبح حافزاً لمغنين وموهبين آخرين في المنطقة.
وفي الوقت الذي حافظت فيه الموسيقا الدينية السريانية والترانيم الكنسية على خصوصيتها، ينحسر الاهتمام بالأغاني الشعبية والفنية التي اتجه مغنوها للمزج بين الطابع الأصلي لها والموسيقا الغربية، وهو ما يفقدها خصوصيتها، بحسب فنانين سريان.
“تدريبات للمواهب”
وخلال العامين الماضين، حاولت مؤسسات ثقافية وفنية سريانية يتبع بعضها للإدارة الذاتية، إعادة الاهتمام للأغنية السريانية والفن السرياني عموماً.
وقالت ماريا أحو، وهي نائبة الرئاسة المشاركة لهيئة الثقافة في إقليم الجزيرة: “حاولنا افتتاح مؤسسات وتخريج مواهب تهتم بالفن السرياني.”
وتعمل دار نعوم فائق للثقافة والفن السرياني في قامشلي ودار عبد المسيح قره باشي في حسكة، التابعتين لهيئة الثقافة، على تدريب أطفال من عمر الثامنة حتى الثامنة عشرة على الفلكلور والعزف على الآلات النحاسية والوترية.
وتعمل دار نعوم فائق في قامشلي، والتي تأسست عام 2019، على تدريب 75 طفلاً من مختلف الأعمار على الفلكلور السرياني والعزف على الآلات النحاسية، إلى جانب آلات الكمان والغيتار والبيانو.
وتهتم هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية بفنون تراثية في الجزيرة السورية، حيث افتتحت العديد من المؤسسات الثقافية والفنية الخاصة بمكونات المنطقة من سريان وكرد وعرب، بحسب “أحو”.
وأضافت أن هيئة الثقافة تخطط هذا العام لافتتاح دار جديدة للفن في بلدة تربسبي (القحطانية)، “وسنعمل على تسجيل عدة أغاني سريانية لمواهب شابة في المنطقة.”