أجهزة أمنية حكومية في السويداء موالية لإيران وأخرى لروسيا

السويداء – نورث برس

لم تبقَ مسألة ولاء الأجهزة الأمنية والعسكرية لكل من روسيا وإيران حبيسة المقار الحكومية داخل محافظة السويداء، جنوبي سوريا، بل إن السكان بدؤوا يتلمسون توزع تلك الولاءات الخارجية في الشارع.

ويقول سكان وموظفون سابقون لدى الأجهزة الأمنية إن اختلاف التبعية للإيراني أو الروسي تتسبب بين الحين والآخر بظهور خلافات بين فروع الأمن التي كانت تتحرك على مستوى عال من التنسيق طيلة عقود.

“تحذيرات مضادة”

وذكر سامر حمدان (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب جامعي في السويداء، إن محققاً من أمن الدولة طلب منه عدم إعطاء أي معلومات لفرع الأمن العسكري.

حدث ذلك عندما تعرض الطالب للتحقيق من قبل ضابط أمن دولة بتهمة التحريض ضد حكومة دمشق في مظاهرات حزيران/يونيو الفائت.

وأضاف “حمدان” أن المحقق علل طلبه بأن “الأمن العسكري يكيلون الاتهامات جزافاً بحق النشطاء المدنيين دون أدلة موضوعية.”

وقال مرهج البستان (60 عاماً)، وهو اسم مستعار لعنصر متقاعد من المخابرات العسكرية، إن أحداث بلدة القريّا بالريف الجنوبي بين الفصائل المحلية واللواء الثامن الذي يتبع الفيلق الخامس المدعوم روسياً، “أظهرت حجم الخلاف في الرؤية الأمنية وتباين طريقة تناول الملفات رغم أنها تبدو متناغمة ظاهرياً.”

وأضاف: “كان المحرك الأول لتلك العملية هو الأمن العسكري وفصيل الدفاع الوطني اللذان يتلقيان الدعم المادي واللوجستي من إيران عبر قوات حزب الله، بينما لم يتدخل فرع أمن الدولة المحسوب على الروس.”

وصدرت أوامر من ضباط أمن الدولة لعناصرهم بالتزام المقرات وبالأخص شعبة أمن الدولة في بلدة القريا، أو بل أن معظم العناصر التابعة لها أعطيت أوامر الانسحاب إلى مقر الفرع في حي طريق قنوات بمدينة السويداء، بحسب العنصر المتقاعد.

“مقايضة معتقلين”

وذكر “البستان” حادثة تعود لأيلول/ سبتمبر من العام 2019، حين قامت دورية لأمن الدولة بالقبض على أحد عناصر فصيل محلي مدعوم من قبل الأمن العسكري بتهمة الترويج لحبوب “الكبتاغون” المخدرة.

وأدى رفض أمن الدولة إطلاق سراحه لقيام الأمن العسكري باعتقال شاب معروف بولائه للأول، وليشهد اليوم التالي مقايضة إطلاق سراح الاثنين، بحسب ما روى “البستان.”

ويقول ضباط وعناصر سابقون في أجهزة الأمن في السويداء، إن دوريات مشتركة كانت تتشكل سابقاً بين الفروع الأمنية المختلفة لتنفيذ مهام توكل إليها من قبل دمشق، لكن كل فرع أمني ينفرد حالياً بحواجزه العسكرية وأذرعه الأمنية الخاصة به.

 بل إن الضباط والعناصر الأمنيين والعسكريين يتنافسون في المغانم و تكديس الأموال من مصادر مختلفة، كتهريب المخدرات إلى الدول المجاورة والإتاوات المأخوذة من السيارات المهربة من لبنان إلى داخل السويداء.

رضى حكومي

وقال ناشط سياسي يقيم في مدينة شهبا، اشترط عدم نشر اسمه، إن حكومة دمشق لا تُبدي، في ظل الولاءات الأمنية المختلفة للقوى الخارجية، أي امتعاض تجاه “انحراف بعض الأجهزة الأمنية عن الطاعة العمياء لقيادتها في دمشق.”

وعلل ذلك بسعي الحكومة “للمحافظة على علاقتها وانقيادها للإرادة الروسية أو الإيرانية في المنطقة الجنوبية.”

وقال سامر راوند (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لمرافق أمني للوفد العسكري الروسي أثناء جولات في السويداء خلال شهر كانون الأول/ سبتمبر الفائت، إن الوفد الروسي توجه مباشرة إلى فرع أمن الدولة دون اخبار باقي الفروع الأمنية الأخرى بتلك الزيارة.

وأضاف: “اصطحب الوفد العسكري الروسي معه رئيس فرع أمن الدولة العميد سالم الحوش إلى دار طائفة الموحدين الدروز، ما أثار استياء وسخط الأمن العسكري الذي لم يلبِّ بدوره الدعوة عن طريق مكتب التنسيق الأمني للمنطقة الجنوبية.”

بينما لم تتم دعوة المخابرات الجوية، والتي تعتبر أحد أذرع القصر الجمهوري الحكومي، أيضاً للمشاركة في تلك الجولة الروسية، بحسب “راوند”.

إعداد: سامي العلي – تحرير: حكيم أحمد